Skip to main content
تمازج - ١٣ أبريل ٢٠١٥

خسائر فادحة في حقول النفط بجنوب السودان لا يمكن تعويضها

هذا التقرير هو جزء من سلسلة حصرية تُسمى "اقتصاد الحرب"، تركز على الوضع الاقتصادي الراهن في دولة جنوب السودان.

عانت دولة جنوب السودان من خسائر ضخمة في انتاج النفط بلغت نحو 20 مليون برميل من النفط الخام نتيجة لاغلاق آبار النفط في ولاية الوحدة الذي استمر 15 شهرا.

ونجم عن الصراع أيضا أضرار اقتصادية وبيئية فادحة لا يمكن التعافي منها على المدى القريب بحسب محللين وخبراء جيولوجيين.

وقد ذكرت جمعيتان دوليتان كانتا تعملان في ولاية الوحدة قبيل ديسمبر 2013 إن شركة الرواد الكبرى للبترول كانت تنتج حوالي 37 ألف برميل يوميا، بينما تنتج شركة سود للبترول اربعة آلاف برميل يوميا.

وتوقفت شركات الإنتاج عن العمل في 22 ديسمبر، وربما في وقت مبكر من ذلك في بعض المناطق، وهذا يعني أنها ظلت متوقفة عن الانتاج لمدة 463 يوما حتى الآن، وتُشير التقديرات الحسابية خلال الفترة ما قبل الحرب والتي كان مستوى الانتاج فيها 41,600 برميل في اليوم، تُشير إلى إن الخسائر في الانتاج حوالي 19,260,800 برميل منذ توقف انتاج النفط.

وتُظهر تقديرات أخرى أن حقول النفط بولاية الوحدة كانت تنتج 45,000 برميل في اليوم قبل اندلاع الحرب، بحسب الهيئة الأمريكية لإدارة معلومات الطاقة والتي تعمل على جمع وتحليل البيانات حول الانتاج العالمي للنفط واتجاهاته.وبناء على هذه الأرقام فإن الخسائر في انتاج النفط منذ ديسمبر 2013 تجاوزت الـ20 مليون برميل.

ومع ذلك، قد يكون هذا التقدير أقل بكثير، بالنظر إلى أن حكومة جنوب السودان كانت قد ادعت بنفسها ان انتاج حقول الوحدة من النفط 70 الف برميل يوميا في سبتمبر 2013.

وهذه التقديرات أيضا لا تشمل انخفاض الإنتاج في حقول النفط بولاية أعالي النيل، التي استمر فيها الإنتاج دون انقطاع في بعض الآبار وتذبذب في بعض المناطق الأخرى.

أضرار دائمة

لقد اثرت الحرب الأهلية على مستقبل انتاج النفط عبر تدمير منشآت النفط والايقاف الفوري للانتاج وخسائره وجعل المستثمرين يترددون في الاستثمار في المنطقة من جديد.

وقد يكون الايقاف الغير مدروس لانتاج النفط في عام 2012 خلال النزاع بين السودان والسودان احدث تلفا جزئيا في المنشآت النفطية. وقد كشف تحليل نشرته وكالة الطاقة الأمريكية العام الماضي أن جزءا من انتاج النفط تأثر بسبب الأخطاء الفنية التي صاحبت اغلاق الآبار والفترة التي ظل فيها الانتاج متوقفا.

"ونتيجة لذلك، تفترض وكالة الطاقة الأمريكية أن انتاج البلاد من النفط لا يمكن أن يزداد إلى مستوي الفترة التي سبقت ايقافه في 2011 والتي كانت 340 الف برميل في اليوم على المدى القريب على الاقل بسبب التلف الدائم والانخفاض الطبيعي لمستوى الانتاج خاصة في حقول النفط القديمة بولاية الوحدة".

بوجهة نظر مماثلة، يشرح لوك باتي، وهو باحث ومؤلف كتاب "الملوك الجدد للنفط الخام"، ان الشركات النفطية من غير المرجح أن تجلب معدات متطورة لحقول النفط بولاية الوحدة في هذا التوقيت، على الرغم من الحاجة الضرورية لهذه المعدات من اجل الحفاظ على مستوى الانتاج في حقول النفط التي دخلت مرحلة الشيخوخة.

"وكانت مستويات الانتاج في حقول النفط بولاية الوحدة قد انخفضت بشكل حاد فعليا قبل النزاع، وقد وجدت دراسة نرويجية أن معدلات استخراج النفط يمكن ان تساهم في دفع مستوى الانتاج، وبالتالي توليد المليارات من العائدات الجديدة، ولكن الاستثمار في التكنلوجيا قد تصل تكلفتها إلى 300 مليون دولار للحقل الواحد. ولكن من المرجح ان تتقاعس شركات النفط عن ضخ رؤوس أموال ضخمة في بيئة غير مستقرة سياسيا حيث تزداد فيها المخاطر الأمنية".

وكتب باتي في مقال نشر العام الماضي، "نتيجة لذلك، من المرجح أن يُعجل الصراع الحالي من تراجع إنتاج النفط في جنوب السودان وبالتالي شل صناعة النفط في البلاد لسنوات إن لم تكن لعقود".

تلوث كبير في المياه الجوفية لا يمكن معالجته

ذكرت دراسة علمية نشرت مؤخرا أن إنتاج النفط في حقول "سيرجاس" و "مالا" بولاية الوحدة أدت إلى تلوث المياه الجوفية في المنطقة إلى حد أنها لم تعد آمنة للاستهلاك البشري.

وجد خبراء جيلوجيون من جنوب السودان وألمانيا أن التنقيب عن النفط في ولاية الوحدة تسبب في تلوث المياه الجوفية التي يستخدمها أكثر من 180 الف شخص للشرب بالمعادن الخطرة والثقيلة واصبحت مالحة وغير صالحة للاستخدام البشري.

وقال هيلا روسكامب وهو رئيس الفريق الجيولوجي الذي اعد الدراسة، الشهر الماضي بجامعة جوبا "لا يمكنك أن تقوم بطهي معكرونتك الخاصة بتلك المياه، انه لأمر فظيع".

وأضاف: "لقد وقعت الأضرار البيئية، لا يمكننا تغيير الأمور وعلينا استخدام مصادر مياه بديلة، في هذه المناطق لا توجد فرص لتنقية هذه المياه الجوفية أولا، لقد فقدتموها كليا".

نشرت هذه الدراسة في مجلة الجيولوجيا وعلم المتحجرات الألمانية، كما تم اعداد البحث الميداني قبل اندلاع الاحداث الراهنة، ومنذ ذلك الحين ظلت التقارير تتحدث عن تسريبات نفطية جديدة بسبب الأضرار الناجمة عن القتال أو قلة الصيانة.