Skip to main content
جوبا - صحيفة الموقف - ٨ فبراير ٢٠٢١

البروفيسور بيتر أدوك يتوقع ثورة إصلاحية ستطيح بالحركة الشعبية في حوار مع صحيفة الموقف

أعتبر السياسي البارز والوزير الأسبق البروفيسور بيتر أدوك نيابا ،  أن جمهورية جنوب السودان تمر في مرحلة عصيبة مع تعالي الأصوات الداعمة لبروز التكتلات الاثنية في العمل السياسي، مشيرا الى ان هذه التكتلات ستقود الى انهيار البلاد وتراجع تقدمها الى الامام .

وأشار أدوك في حوار نشرته صحيفة الموقف الناطقة باللغة العربية بجوبا الإثنين ، الى وجود أمل في امكانية حدوث تغيير شامل في البلاد ، متوقعا ان تحدث ثورة اصلاحية كبرى ستطيح بالحركة الشعبية في الحكومة ونظيرتها في المعارضة التي يقودها رياك مشار.

وتمسك أدوك بموقفه الرافض للنظام الفيدرالية في البلاد لكونها ستقود الى تقسيم الجنوبيين مثلما حدث في الماضي عبر " الكوكرا" ، داعيا الى أهمية أن تنصب الجهود الآن في سبيل خلق برنامج سياسي يخدم وحدة الجنوبيين في الوقت الراهن وترك بقية المسائل الى المرحلة التي تشهد فيها البلاد زيادة مستوى الوعي العام وسط شعب جنوب السودان والقضاء على القبلية والفقر والفساد وتحقيق التقسيم العادل للثروة والسلطة الى جانب تعزيز العدالة.

وزاد بالقول: "كيف يمكن أن تطبق الفدرالية وكيف توزع السلطة بين المجتمعات؟!. في العام 2016م بدأت الحرب من "جي ون" بسبب تقاسم السلطة، فكيف تطبق الفدرالية، لأنك من أجل ذلك بحاجة لإزاحة سلفا كير من السلطة، فكيف تفعل ذلك؟، فهؤلاء يتحدثون فقط و يدخلون الناس في حديث "فارغ".

وشدد أدوك ، على أن الحركة الشعبية " انتهت " ، ولم يعد الحزب الذي يمكن الاعتماد عليه لتحقيق التغيير والاصلاح في البلاد ، متوقعا تشكل تيار جديد على انقاض الحركة في القريب العاجل .

فإلى مضابط الحوار :

حاوره/ مثيانق سريلو ، رئيس تحرير صحيفة الموقف الناطقة بالعربية – جوبا

س: لماذا انت ضد الفدرالية؟

الفدرالية في جنوب السودان تم إقتراحه كحل للمشكلات الكثيرة التي يعاني منها جنوب السودان في الصعيد السياسي، الإقتصادي و الإجتماعي، خاصة في الفترة التي عانى فيها جنوب السودان من التهميش من الأنظمة الشمولية التي تعاقبت على حكم السودان قبل الإنفصال، ليتمكن الجنوبيين من حكم أنفسهم بأنفسهم، فهذه هي الفترة التي طرحت فيها الفدرالية بواسطة الأباء المؤسسين لجنوب السودان، عندما  إكتشفوا ان الشمالين يقومون بتهميش الجنوبيين في تلك الفترة التي كان يعاني فيها جنوب ابسودان من التخلف في كافة النواحي خاصة التنموية خلال فترة قوانين المناطق المقفولة والتي فصلت جنوب السودان عن الشمال حيث لم يكن هنالك تعليم في جنوب السودان بإستثناء منح الإرساليات المسيحية فقط. ففي تلك الفترة خرجت فكرة الفدرالية كحل لهذه المشكلات.

س: وماذا عن الفدرالية الأن؟

في الفترة من 1972 حتى 1983م إختبر الجنوبيين حكم أنفسهم في الأقليم الجنوبي،  والاقليم الجنوبي وقتها له العديد من المشكلات كنتيجة للأنظمة التي تعاقبت على حكم السودان، وقد اختبر الجنوبيين في فترة نظام مايو نوع من الديمقراطية الليبرالية ولكن تلك الديمقراطية لم تخاطب إهتمامات الناس وإحتياجاتهم، كانت فقط على المستوى السياسي وذلك نتيجة لتأثير نظام حكم نميري والذي إستمر في التدخل في الإجراءات الديمقراطية في جنوب السودان الأمر الذي خلق مشكلة الإثنية والإقليمية والذي قاد في أخر المطاف إلى إنهيار إتفاقية أديس ابابا. هذه هي الخلفية للوضع الذي نحن فيه الأن. وعندما أتت الحركة الشعبية لم تشخص مشكلة"الكوكورا". عندما تنظر لمنفستو الحركة الشعبية تجد إنه لم يخاطب هذه المشكلة بوضوح لتعرف بالتحديد أين المشكلة، وعندما جاءت الحركة الشعبية للسلطة في العام 2005م لم تتخذ اي نظام ديمقراطي، الأمر الذي خلق بعض المخاوف لدى الذين  وجدوا انفسهم مهمشين وغير مشمولين في النظام، لذلك جاءوا بفكرة الفدرالية كحل لمشكلة التهميش.

س: هل تعني أن الحركة الشعبية كان لها أن تخاطب مشكلة"الكوكورا" في المنفيستو؟

بالطبع، عندما تكون حركة سياسية او تقوم بنضال مسلح، فانت تسعى لحل المشكلات في البلاد، و"الكوكورا" واحدة من هذه المشكلات التي تفرق الناس، ولكن لم تحل هذه المشكلة، لم يأتي اي شخص بفكرة لحل هذه المشكلة  ومعرفة أسبابها، ونظام نميري عمق الخلاف والتفرقة بين الجنوبيين بدل حلها لذلك جاء بقرار تقسيم جنوب السودان لثلاث أقاليم وتم طرد الناس من كل المناطق في جوبا، ملكال و واو وترحليهم إلى مناطقهم الأصلية.

س: هل تعتقد أن هذا الأمر يمكن أن يحدث مرة أخرى بعد كل هذه السنين؟

هذا ما يعتقده الكثير من الناس، لأن الأمر لم يتم حله ومازالت هذه مشكلة حتى الأن في جنوب السودان، لأن الناس يتفادون مناقشة هذه المشكلة ويصرون على فرض أرائهم، لذلك يعتقد بعض الناس أن الفدرالية هي الحل لهذه المشكلة، ولكن سؤالي هو؛ كيف تفعل ذلك؟ لأنه إذا اردت ان تطبق الفدرالية لابد ان تدمر المركز، بمعنى ان الإستوائية يجب ان تحكم بشخص من الإستوائية وذات الأمر بالنسبة لبحر الغزال وأعالي النيل، مما يعني انك بحاجة  لتدمير الحركة الشعبية، الحركة الشعبية في المعارضة وتدمير اي رمز للوحدة الوطنية، لذلك ارى ان الفدرالية لا يمكن ان تعمل.

س: يمكن ان افهم أنك ضد الفدرالية لأنك تربطه بـ"الكوكورا" ، في وقت قد يكون هنالك تغيرات قد حدثت في بنية مجتمع جنوب السودان؟

المجتمع موجود في الأساس، فنحن موجودين في جوبا الأن، لكي نبني المجتمع لابد ان يكون هنالك عدالة ومساواة في توزيع الثروة والسلطة ليشعر اي شخص انه جزء من هذه البلاد، وإذا جئنا إلى الفدرالية نجد ان بعض القوميات والإثنيات ليست جزء من هذه الدولة.

س: اي اثنيات او قوميات تقصد بالتحديد؟

علي سبيل المثال "الجيه" هل هم جزء من الدولة؟! لم يكونوا جزء من السودان حتى، والـ"نياماتونق"، هل هم جزء من هذه الدولة، هل تراهم،هل تسمعهم في الإذاعة او التلفزيون؟!، فهذه هي المشكلة لأن هؤلاء يتم السيطرة عليهم بواسطة مجموعات أخرى، فكيف يمكن ان تطبق الفدرالية وكيف توزع السلطة بين المجتمعات؟!. في العام2016م بدأت الحرب من "جي ون" بسبب تقاسم السلطة، فكيف تطبق الفدرالية، لأنك من أجل ذلك بحاجة لإزاحة سلفا كير من السلطة، فكيف تفعل ذلك؟، فهؤلاء يتحدثون فقط و يدخلون الناس في حديث "فارغ".

س: فما هو البديل في نظرك؟

البديل هو وحدة الشعب، هم في حاجة لنظام يوحدهم وهذا لا يحدث إلا بقيام ثورة، وهذا هو السبب الذي جعلني أنضم للحركة الشعبية في المعارضة في العام 2014م لتصحيح الأشياء التي لم تقم بها الحركة الشعبية، لوحدة شعبنا على  أساس العدالة والمساواة.

س: انت كنت جزء من الحركة الشعبية وفيما بعد جزء من الحركة الشعبية في المعارضة، فما الذي يمكن القيام به في الوقت الحالي؟

المهم الأن أن يفهم شعبنا المشكلة، حتى  الأن لا توجد تنمية إقتصادية وإجتماعية في البلاد كما لا توجد تنمية في كل النواحي الأخرى في التعليم والطرق والبنية التحتية، فهذه هي المشكلات التي يجب مخاطبتها في الوقت الحالي، مر الأن 15  عام منذ تولي الحركة الشعبية الحكم في البلاد وهذه ليست فترة قصيرة ومع ذلك لم يتحقق فيها اي شئ، حتى الذين كانوا قد ذهبوا للغابة للنضال عندما أتوا إلى المدينة بعد الإتفاقية تخلوا عن السبب الذي قادهم للنضال والقتال، فإنحرفوا عن الرؤية، فيما يحدث الأن هو أن الناس يقومون ببناء مجتمعات إثنية ولكن لا يمكن بناء دولة على أساس مجتمعات إثنية، فتركوا السياسة وذهبوا للمجتمعات. مثلما فعل زميلي الدو اجو وهو يتحدث عن مجلس اعيان الدينكا، انه لعار ان تتحدث عن مجلس اعيان الدينكا وتنظيم الناس على أساس المجتمعات في القرن الواحد وعشرين، فنحن بحاجة للحديث عن كيفية بناء دولة قوية تقوم على  إقتصاد قوي.

س: عندما كنت جزء من الحكومة، لماذا لم تعمل من أجل وحدة شعب جنوب السودان؟

انا كفرد؟

س: نعم أنت كفرد او كحكومة؟

لا يمكن ان تعمل كفرد، الأمر يقوم كمجموعة او حزب على أساس برنامج سياسي.

س: وهل الحركة الشعبية ليس لها برنامج كهذا؟

الحركة الشعبية ليس لها برنامج سياسي منذ 1983م، وهذا الأمر أحدث العديد من المشكلات في الحركة، ولذلك كنا قد سألنا سؤال في العام 2000م، ما هي الحركة الشعبية؟لأن الحركة الشعبية كانت موجودة كحركة مسلحة ولكن كحزب سياسي لم تكن موجودة، وهذا هو السبب الأن في عدم وجود التنمية الٌإقتصادية والإجتماعية وكل شئ. ونتيجة لذلك ان الحركة الشعبية لم تكن كما كانت؛ دخل فيها أناس من المؤتمر الوطني  وأجسام أخرى و"بمنقمنقوا ساكت" فالحركة الشعبية لم تكن كذلك، ونتيجة للتناقضات تم تصفية بعض الكوادر.

 

طالع الجزء الثاني والأخير غداً