كشف تقرير جديد صادر عن مؤسسة ذا سنتري، النقاب، عن ممارسات فساد ضخمة في جنوب السودان مرتبطة بالصفقات التجارية والنفط، من ضمنها؛ الرشوة، التهرب الضريبي، غسيل الأموال القائم على التجارة.
ويكشف التقرير عن انتهاك للقوانين في جنوب السودان عبر خرق العقوبات المفروضة وتمكين الأفراد النافذين للاستفادة من التلاعب في أعمال تجارية تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات.
ويسلط التقرير الذي صدر، يوم الثلاثاء اطلع عليه راديو تمازج ، تحت عنوان “التعاملات الخام: كيف ترفع القروض المدعومة بالنفط الإعلام الحمراء للنشاط غير القانوني في جنوب السودان”، الضوء، على صفقة لشركة ترينيتي للطاقة بجنوب السودان عام 2018، دخلت بموجبها في تسهيل تمويل تجاري مع بنك (أفريكسيم بنك) ومقرها القاهرة، لسلسلة قروض بقيمة 30 مليون دولار لشراء وقود الديزل والبنزين لبيعها في السوق المحلي بالبلاد، والتزمت حكومة جنوب السودان بمنح شحنات النفط الخام لشركة ترينيتي للطاقة كجزء من الصفقة.
وقال ذا سينتري :”لقد تجنبت الصفقة التشريعات الخاصة بالرقابة والشفافية والمنافسة وسهلت الإنفاق الحكومي خارج الدفتر الخاص بالصرف الرسمي”.
وأضاف :”الصفقة أدت إلى استمرار الاعتماد الضار على إنتاج النفط في المستقبل لتمويل الإنفاق الجاري، وهو نمط اغلق البلاد وسط دوامة من الديون. النفط هو أثمن مورد في جنوب السودان ومصدر الغالبية العظمى للثروات الوطنية، وقد ساهمت هذه الصفقة في رهن الإزدهار المستقبلي للبلاد ومواطنيها”.
ويكشف التقرير، أن الترتيبات بين شركة ترينيتي للطاقة و أفريكسيم بنك وحكومة جنوب السودان كانت مخالفة لقانون جنوب السودان، مشيرًا إلى أن تنفيذها من قبل شركة ترينيتي للطاقة يثير أعلام حمراء فيما يتعلق بالرشوة والتهرب الضريبي وغسيل الأموال القائم على التجارة.
واعتمدت التحقيق المتعمق الذي أجرته ذا سنتري على مقابلات مع موظف سابق في شركة ترينيتي للطاقة، ومراجعات لمستندات التمويل التجاري وكشوف مصرفية ورسائل بريد إلكتروني ومذكرات داخلية و مراسلات وزارية.
وذكر التقرير أن الصفقة اعطى شركة ترينيتي للطاقة، وهي شركة لم تكن تتاجر في النفط من قبل – امتياز الوصول إلى سوق نفط جنوب السودان.
وأوضح أن الشركة حصلت على أكثر من 40٪ من شحنات النفط الخام التي تعاقدت عليها الحكومة من يونيو 2018 إلى مايو 2019. كما دفعت الحكومة علاوة لشركة ترينيتي للطاقة لبيع الوقود لجيش جنوب السودان.
ووفقًا للتقرير، مُنحت شركة ترينيتي للطاقة دورًا مهيمنًا في سوق واردات وقود البترول والديزل، وهو موقف سهّل توفيرها السري للوقود لجيش جنوب السودان عندما كانت القوات الحكومية متورطة في صراع أهلي مستمر، حيث اتهم الجيش بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.
ووجد التقرير أيضًا، شركة قلينكور سينقافور Glencore Singapore Pte Ltd وهي تابعة لشركة Glencore PLC لتجارة النفط ومقرها جنيف، حصلت على امتيازًا في الوصول إلى عقود النفط الخام. وأشار إلى أن الشركة نقلت شحنات النفط التي منحتها الحكومة لشركة ترينيتي للطاقة.
وقال التقرير: “شحنت شركة قلينكور خام جنوب السودان بقيمة 376 مليون دولار في عام 2019، كل ذلك؛ من خلال صفقات مع شركة ترينيتي للطاقة”.
وذكر أن، شركة ترينيتي للطاقة أنفقت ملايين الدولارات على تكاليف “التيسير” و “الاستحواذ على الأعمال” للصفقة ، بما في ذلك 18.7 مليون جنيه جنوب سوداني (125000 دولار) في مدفوعات للجنة الحكومية المسؤولة عن الموافقة على الصفقة.
ووفقًا لـ ذا سنتري، فإن شركة ترينيتي للطاقة، قامت أثناء تنفيذ الصفقة باستبدال ملايين الدولارات الأمريكية في السوق الأسود، ودفعت فواتير مزيفة في الخارج لإخفاء الصرف في السوق الأسود بمئات الآلاف من الدولارات، و انخرطت في سلوكيات تدل على الاحتيال الضريبي.
وقالت التقرير، إنها في وقت تحضير صفقة التمويل التجاري و”خلال فترة التفاوض، كان لأصحاب ومديري شركة ترينيتي للطاقة، علاقات تجارية وعائلية مع أشخاص نافذين سياسيًا في مناصب حكومية عليا. وكان من بينهم وزيرا مالية سابقان، ورئيس سلطة الجمارك الحكومية، وضابطًا برتبة كبيرة في جيش جنوب السودان”.
وأضاف :”وفقًا لوثائق التأسيس الموجودة في ملف لدى وزارة العدل، كان لمديري الشركة أيضًا علاقات مع عقيدين في جهاز الأمن الوطني، وكلاهما على صلة بالرئيس سلفا كير”.
ويقول التقرير إن ضمانات حكومة جنوب السودان لمنح كل شحنات النفط الخام بقيمة عشرات الملايين من الدولارات لشركة ترينيتي للطاقة، ربما تكون قد انتهكت القوانين المتعلقة بالمشتريات والمنافسة والشفافية.
وأوصى، ذا سنتري كل من؛ الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، المملكة المتحدة، كندا، وأستراليا بالتحقيق، وكذلك معاقبة الأفراد والكيانات المتورطة في صفقات النفط الفاسدة، متى ما كان ذلك مناسبًا.
وقال التقرير :”يجب على المؤسسات المالية العالمية والإقليمية اتخاذ تدابير لتحديد الحسابات المملوكة لأولئك الذين لديهم تعاملات تجارية في قطاع النفط في جنوب السودان وكبار الأشخاص السياسيين في جنوب السودان ، وإجراء تقييم شامل لتحديد شبكاتهم الدولية الواسعة، وتحديد التدابير اللازمة لتخفيف المخاطر التي تنطوي عليها مثل هذه الحسابات والعلاقات مع العملاء”.
وأضافت :””يجب أن يبدأ أفريكسيم بنك في إجراء تحقيق مستقل في علاقاته ومعاملاته مع شركة ترينيتي للطاقة وحكومة جنوب السودان”.
وأوصت المنظمة الاستقصائية أيضًا بأن يقوم فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بجنوب السودان بالتحقيق في دعم شركة ترينيتي للطاقة، من خلال المدفوعات النقدية وإمدادات الوقود للقادة والكيانات السياسية والعسكرية.
وحثت ذا سنتري، السلطات في كينيا ويوغندا على التحقيق في المعاملات المحددة في هذا التقرير، والتي أدت فيها الأموال المرسلة إلى حسابات الشركات في البلدين إلى رفع الأعلام الحمراء لغسيل الأموال القائم إلى التجارة.
كما ذكرت :”يجب على جنوب السودان المصادقة على اتفاقية الاتحاد الأفريقي بشأن منع ومكافحة الفساد، التي وقعها جنوب السودان في عام 2013. وينبغي على الدولة أيضًا تنفيذ الفصل الرابع من الاتفاقية المنشطة لحل النزاع في جمهورية جنوب السودان، لمعالجة الحلقة المعوقة للديون وسوء الإدارة الاقتصادية والفساد الذي يقوض الرخاء الاقتصادي ويؤجج الصراع”.