رئيس الحركة الوطنية الديمقراطية الدكتور لام أكول أجاوين في حوار عن عقبات التحول الديمقراطي (الجزء الأول)
الدكتور لام أكول أجاوين، يعد سياسي مخضرم من جنوب السودان، وزعيم الحركة الوطنية الديمقراطية، أحد المجموعات الموقعة على إتفاقية السلام المنشطة لعام 2018، والتي تنضوي تحت مظلة تحالف المعارضة في جنوب السودان (سوا)، التي تجمع عدد من الحركات السياسية المعارضة.
التقى (راديو تمازج) بدكتور لام أكول، وتحدث معه حول تنفيذ اتفاقية السلام، والتحديات التي تواجه تحالف المعارضة والتحضير للانتخابات العامة في 2024، ومواضيع أخرى. فإلى تفاصيل الحوار.
س: كان هناك قلق على سلامتكم منذ بدء المعارك في الخرطوم، ماذا تود أن تقوله لمن هم قلقون عليكم؟
ج: شكراً إذاعة تمازج على إتاحة الفرصة لي. وأشكر الذين عبروا عن قلقهم بشأن سلامتي عندما كنت في الخرطوم واندلع الصراع هناك. أود أن أغتنم الفرصة لأهنئ شعب جنوب السودان ونحن نحتفل بالذكرى الثانية عشر لاستقلالنا، جاء استقلالنا بعد سنوات من النضال، والإستفتاء الذي صوت فيه جنوب السودان بأغلبية ساحقة لصالح الإنفصال، ليصبح دولة مستقلة وذات سيادة. هذه مناسبة مهمة جداً وتستحق الإحتفال.
فيما يتعلق بالصراع الأخير في الخرطوم، كنت هناك أثناء إندلاع العنف في البداية، ومكثت هناك لمدة شهر تقريبًا، وشعر الكثير من الناس بالقلق على سلامتنا ونصحونا بالمغادرة، لم تكن مغادرة الخرطوم سهلة ولكن لحسن الحظ أنا الآن في مكان آمن خارج السودان وأنا ممتن لله على ذلك.
س: إذا كان بإمكانكم بعث رسالة إلى القادة السودانيين؛ قوات الدعم السريع وقادة القوات المسلحة السودانية، فماذا ستكون؟
ج: رسالتي تبقى متسقة مع ما كنت أنقله للقادة السودانيين في الخرطوم، الحرب مدمرة وليس هناك سبب وجيه لهذا الصراع. أعتقد إعتقاداً راسخاً أن الوسائل السلمية كان يمكن أن تمنع هذه الحرب، وللأسف تصاعد الموقف، وأصبح من الضروري أن يتعلم إخواننا السودانيين من تجاربنا، لقد خاض جنوب السودان حروبًا مع السودان و داخليًا، مما تسبب في خسائر فادحة في الأرواح البشرية، وتدمير الممتلكات، وأضرارًا مجتمعية كبيرة.
مجتمعنا في جنوب السودان هش، حيث تلعب العلاقات القبلية دورًا حاسمًا، حتى التوترات البسيطة يمكن أن تكون لها تأثير ضار على الوضع العام.
لذلك، فإن رسالتي إلى الأطراف المتحاربة هي النظر للوضع في السودان والسعي للتوصل إلى حل سلمي في أسرع وقت ممكن لإنهاء هذه الحرب.
س: إذا ركزنا على الوضع في جنوب السودان، بصفتكم أحد الموقعين على الاتفاقية، ما هو تقييمكم لتنفيذها حتى الآن؟
ج: أولاً، أود أن أؤكد أن بروتوكول وقف إطلاق النار ساري المفعول على الرغم من التحديات العديدة التي أعاقت تنفيذ إتفاقية السلام، هذا جانب إيجابي، وأثني على الأطراف الموقعة لالتزامها باتفاق وقف إطلاق النار منذ ديسمبر 2017، والذي تم تجديده خلال اتفاق السلام في سبتمبر 2018. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بتقييم التنفيذ الشامل لاتفاقية السلام، كان التقدم بطيئًا على جميع المستويات. تم تمديد فترة ما قبل الفترة الانتقالية، التي كانت محددة أصلاً لمدة ثمانية أشهر، إلى أكثر من 17 شهرًا. وبالمثل، كان من المقرر أن تنتهي الفترة الانتقالية في فبراير 2023 ، تليها انتخابات قبل شهرين. ولكن قد قمنا بتمديد الفترة الانتقالية حتى ديسمبر 2024. لقد مرت أكثر من خمس سنوات منذ توقيع الاتفاقية، ولا تزال وتيرة التنفيذ بطيئة. هذا النقص في التقدم ينبع بشكل رئيسي من غياب الإرادة السياسية، لا سيما من الحزب الرئيسي في إتفاقية السلام.
البنود الأساسية التي كان ينبغي تنفيذها لتمهيد الطريق للانتخابات لا تزال غير منجزة، مما يقود إلى التمديد. ومن الواضح أنه يتطلب إرادة سياسية قوية وتضافر الجهود لتسريع عملية التنفيذ وخلق بيئة مواتية لإجراء الانتخابات العامة.
س: في الوقت الحالي، يبدو من الصعب إقناع المجتمع الدولي بدعم تمديد آخر، نظراً إلى التأخيرات المتكررة في عملية التنفيذ، بالإضافة إلى ذلك، لا تميل الحكومة نحو فكرة المائدة المستديرة، ما هو برأيكم المخرج؟
ج: قبل محاولة إقناع المجتمع الدولي، من الضروري كسب دعم شعب جنوب السودان من أجل تمديد آخر.
تشير مسح حديث إلى أن غالبية مواطني جنوب السودان يؤيدون إجراء الانتخابات في موعدها المحدد. لذلك، فإن أي اقتراح لتمديد آخر قد يواجه معارضة من سكان جنوب السودان أنفسهم.
من الضروري توضيح هذه النقطة، عندما نفحص القضايا العالقة التي لم يتم تنفيذها، ونقارنها بالوضع الحالي في البلاد، يصبح من الواضح أن إجراء الانتخابات غير ممكن. لذلك، إذا كان الناس مقتنعين وكانت هناك إرادة سياسية، إلى جانب وجود استراتيجية جيدة التخطيط، أعتقد أن الانتخابات يمكن أن تتم. ومع ذلك، من الضروري تحديد ومعالجة القضايا الرئيسية التي يجب تنفيذها لخلق بيئة مواتية للانتخابات. ضمان الأمن أمر بالغ الأهمية. يجب أن يشعر المواطنين بالأمان للعودة إلى ديارهم ويثقون في أن العملية الانتخابية ستكون سرية وشفافة. وهذا يتطلب إنشاء جيش موحد كما جاء في اتفاقية السلام. حاليا، هناك تعدد القادة وانعدام الثقة في الأجهزة الأمنية، مما أدى إلى فرار المواطنين من البلاد.
إن عودة اللاجئين أمر حاسم لنجاح الانتخابات. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري إجازة القوانين الأساسية، مثل قانون الأمن الوطني وقانون الأحزاب السياسية وقانون الانتخابات. إن الإصلاحات داخل القضاء وإنشاء نظام محاكم مستقل لهما نفس القدر من الأهمية من أجل عملية انتخابية عادلة.
أخيرًا، يعد وجود دستور دائم وإجراء إحصاء سكاني وخلق بيئة حرة حيث يمكن فيها للأحزاب السياسية القيام بالحملة الانتخابية دون عوائق، خطوات مهمة. بالنظر إلى الوقت اللازم لهذه التطبيقات، يبدو من غير المحتمل أن يتم إنجازها بحلول ديسمبر 2024.
س: ماذا تقترح كمخرج في ضوء التحديات والقيود الزمنية؟
ج: من المهم ملاحظة أن هذه القضايا لا تتطلب نفس القدر من الوقت للتنفيذ. وحالياً قانون انتخابات موجود، وقانون الأمن الوطني قيد المراجعة في البرلمان، ومع بقاء 17 شهرًا هناك وقت كاف لهذه الخطوات. تم بالفعل تشكيل لجنة إصلاح القضاء، وبمجرد عرض قراراتها على مجلس الوزراء، يمكن الشروع في إصلاحات شاملة من المحكمة العليا إلى أدنى مستوى.
إن إنشاء محكمة دستورية، على النحو المبين في الاتفاقية، هو أيضًا جزء من هذه العملية. هذه الإصلاحات لا تتطلب وقتا طويلا. ومع ذلك، هناك قضيتان هامتان تتطلبان مزيدًا من الوقت: صياغة الدستور الدائم وإجراء التعداد السكاني. كل من هذه الأمور تتطلب التعاون بين جميع الأطراف المعنية. لذلك، أعتقد أنه إذا تم خلق بيئة مواتية، يسمح للناس بالتحرك بحرية وإجراء حملاتهم دون عوائق، وإذا كان هناك التزام حقيقي بالعملية الانتخابية، وحيث يمكن إجراء مناقشات حول القضايا المتبقية بشكل علني. هذا هو الوقت الذي يمكن أن يكون فيه جنوب السودان جاهزًا ف للانتخابات في ديسمبر 2024.