قال سفير اليابان المنتهية ولايته لدى جنوب السودان، تسوتسومي ناوهيرو، الذي بداء عمله في البلاد خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية، إن جنوب السودان حقق تقدما ملحوظا في تنفيذ اتفاق السلام لعام 2018. وأكد الدبلوماسي الياباني التزام بلاده بدعم جنوب السودان للاستعداد للانتخابات في ديسمبر 2024.
أجرى راديو تمازج حوار مع السفير واجابة على أسئلة لعدد من القضايا.
فيما يلي تفاصيل الحوار :
س: السفير ناوهيرو تسوتسومي، كيف تصف العلاقة بين اليابان وجنوب السودان؟
ج: العلاقات الثنائية في حالة جيدة، وهناك تفاعل مثمر بين اليابان وجنوب السودان، وتدعم اليابان بنشاط جهود المساعدة الذاتية التي يبذلها جنوب السودان من أجل تحقيق السلام والتنمية الدائمين، كما يدعم جنوب السودان مواقف اليابان بشأن القضايا العالمية، واليابان تستثمر في مستقبل جنوب السودان والعلاقات بين البلدين، وبمرور الوقت، من المتوقع أن تكون العلاقات أكثر فائدة للطرفين وأكثر استدامة في المستقبل.
س: خلال فترة عملك في جنوب السودان، حدثنا عن إنجازاتك الرئيسية ودوافع تلك الإنجازات؟
ج: كسفير لليابان، أولويتي دائما هي سلامة المواطنين اليابانيين في هذا البلد، ولم يواجه أي من الأفراد اليابانيين تهديدا خطيرا لحياته أو صحته خلال فترة ولايتي، وهذا ليس إنجازي لكنه يسعدني. وبقدر ما يتعلق الأمر باليابان، فإن أفضل إنجازا هو الشهرة الراسخة “الصديق الحقيقي” لجنوب السودان، وتحظى اليابان بترحيب كبير من شعب جنوب السودان بسبب الدعم الهائل الذي تقدمه لجنوب السودان، ويرجع هذا النجاح إلى دعم وسخاء دافعي الضرائب اليابانيين، والجهود الحثيثة التي تبذلها الوكالة اليابانية للتعاون الدولي “جايكا”، والعديد من الأفراد اليابانيين الآخرين الذين ينضمون إلى الأنشطة لمساعدة جنوب السودان وشعبه.
س: لقد نشطت اليابان في دعم مشاريع البنية التحتية في جنوب السودان، ما الذي يمكنك قوله منذ استقلال جنوب السودان؟
ج: تهدف المساعدات الخارجية اليابانية إلى مساعدة الدولة المتلقية على أن يصبح اقتصادها أقوى ويعتمد على نفسه، ولتحقيق هذه الغاية، توفر اليابان البنية التحتية المادية وغير المادية لتعزيز قدرة البلاد والشعب على التنمية، وأكملت اليابان جسر الحرية ومحطة جوبا الجديدة لمعالجة المياه، والأجهزة وحدها لا تكفي للتطوير، لكن البرمجيات ضرورية أيضا، وفي أثناء بناء جسر الحرية، قام الخبراء اليابانيون بتدريب المهندسين الشباب من جنوب السودان لاكتساب مهارات الصيانة، أما بالنسبة لمحطة جوبا لمعالجة المياه، فتقوم جايكا بتدريب هيئة المياه الحضرية في جنوب السودان على إدارة وصيانة المرافق وتشغيل خدمة المياه، وإن الاستخدام الفعال للقدرات، أو البنية التحتية الناعمة، والبنية التحتية المادية، هي القوى الدافعة القوية للتنمية المعتمدة على الذات.
س: هل يمكنك ذكر المشاريع التي تقدمها بلادك لجنوب السودان؟ وماذا تتوقع اليابان في المقابل؟
ج: في حين أن جسر الحرية ونظام معالجة المياه في جوبا معروفان جيدا بين الجنوب سودانيين، إلا أن لدينا العديد من المشاريع الأخرى قيد التنفيذ لتطوير البنية التحتية والتعاون الفني مثل بناء جسر مدينة جوبا، ومدينة جوبا النظيفة، وتحسين ميناء نهر جوبا، ودعمت اليابان يوم الوحدة الوطنية لتمكين الشباب من خلال الرياضة والمساعدة في تعزيز وحدة المجتمعات المختلفة مما قد يؤدي إلى الوحدة الوطنية، والنوع هو أولوية أخرى، ولقد وقعت مؤخرا على مشروع بقيمة 5 ملايين دولار أمريكي مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي لإنشاء مراكز مجتمعية في جميع أنحاء ولايات الاستوائية الثلاثة “وسط، وشرق، وغرب”، لتقديم الدعم والتدريب على الأعمال التجارية للناجين من العنف الجنسي والعنف على أساس النوع.
أما بالنسبة للسؤال الثاني، هناك خمسة أسباب تدفع اليابان لمساعدة جنوب السودان في جهوده في عملية السلام وبناء الدولة.
أولا، إن مساعدة جنوب السودان تتماشى تماما مع السياسة الخارجية لليابان، “المساهمة الاستباقية في السلام العالمي”. وبموجب هذه السياسة، فإن اليابان مستعدة دائما للمساعدة في جهود بناء السلام في العالم لأن بناء السلام هذا هو جزء من السلام العالمي الذي يعتمد -عليه السلام- والأمن في اليابان، ومساعدة بناء السلام في جنوب السودان يجسد المساهمة الاستباقية في السلام العالمي.
ثانيا، تولي اليابان أهمية كبيرة لتحقيق “الأمن الإنساني” في جميع أنحاء العالم، وهذا الأمن الإنساني هو المفهوم القائل بأنه يجب أن يكون لكل إنسان الحق في أن يعيش حياة آمنة وكريمة، وينبغي السماح له بتطوير إمكاناته إلى أقصى حد ممكن، وتعتقد اليابان أنه ينبغي ضمان الأمن الإنساني لشعب جنوب السودان الذي عانى طويلا من الحروب الأهلية.
ثالثا، تحتاج اليابان إلى الاستقرار في شرق أفريقيا، وبالنسبة لليابان، شرق أفريقيا هو البوابة إلى القارة الأفريقية، والسلام والاستقرار في جنوب السودان يرتبطان بالسلام والاستقرار في شرق أفريقيا.
رابعا، ترغب اليابان في تعزيز التعاون مع جنوب السودان في معالجة القضايا العالمية مثل النظام الدولي القائم على القواعد، وإصلاح الأمم المتحدة، والبيئة، وغيرها.
خامسا، تتوقع اليابان تبادلات ثنائية أكثر نشاطا في مجالات الأعمال والثقافة والقواعد الشعبية.
ومن شأن هذه الركائز الخمس أن ترفع العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى أكثر فائدة للجانبين.
س: ما هو تقييمك للوضع الحالي في جنوب السودان، وما الذي تود رؤيته أن يتحسن؟
ج: منذ أن بدأت حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية المنشطة في فبراير 2020، أحرز جنوب السودان تقدما ملحوظا في تنفيذ السلام لعام 2018، ويشمل تشكيل الحكومات والهيئات التشريعية، وكذلك بدء نشر القوات الموحدة، وعملية وضع الدستور، والتحضير للانتخابات. على الرغم من أن وتيرتها متأخرة عن الجدول الزمني لخارطة الطريق، إلا أنه لا ينبغي الاستهانة بهذه الإنجازات، لأنها كلها خطوات لا غنى عنها لتحقيق الهدف النهائي للاتفاقية المنشطة، المتمثل في تأسيس جنوب السودان ديمقراطي، وأنا واثق من أن جنوب السودان سوف يفي بجميع المهام المعلقة في خارطة الطريق، مثل النشر الكامل للقوات الموحدة، والدستور الدائم، وإصلاح الإدارة القضائية والمالية وغيرها.
وحتى لو استغرق الأمر وقتا أطول من المتوقع، يجب أن يتم ذلك بشكل تام، لأنه السبيل الوحيد لبلوغ هدف السلام والديمقراطية والتنمية.
سؤال: أمام جنوب السودان بضعة أشهر متبقية للانتخابات. ما هو دور اليابان في ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة في البلاد؟
ج: تؤكد اليابان مجددا التزامها القوي بدعم جنوب السودان حتى تنفذ جميع المهام المعلقة في الاتفاقية المنشطة، وبما في ذلك الانتخابات، وستحاول سفارة اليابان تقديم الدعم المالي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD، و RJMEC، و CTSAMVM) التي ستعمل على ضمان انتخابات ذات مصداقية، ومن المقرر أن يطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالشراكة مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي، مشروعا لتثقيف الناخبين في العام المقبل، حيث سيكون نصف المشاركين فيه من النساء، بالإضافة إلى ذلك، عمل خبراء إدارة الانتخابات في جايكا كمستشار للجنة الوطنية للانتخابات، لتحديد المهام المعلقة، وإنشاء النظام الإداري لتثقيف الناخبين، ورفع مستوى الوعي حول الانتخابات والديمقراطية.
سؤال: هل يعتقد السفير ناوهيرو أن جنوب السودان مستعد للانتخابات؟
ج: أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال يجب أن تأتي من شعب جنوب السودان، وطالما شعب جنوب السودان، يرغبون في إجراء الانتخابات، فإن اليابان على استعداد لمساعدة جنوب السودان في استعداداتها.
سؤال: الفضاء المدني في جنوب السودان مقيد، والمجتمع المدني والحريات الإعلامية مقيدة، ما هي مساهمة اليابان في ضمان تمتع بحرية التعبير؟
ج: حرية التعبير ضرورية للغاية للحكم الديمقراطي، وأعتقد أن شعب جنوب السودان سيحقق حرية التعبير الكاملة من خلال العمليات الديمقراطية، بما في ذلك الانتخابات، رغم أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت، وللمساعدة على تعزيز حرية التعبير في جنوب السودان، تقدم جايكا التعاون الفني لهيئة إذاعة جنوب السودان من خلال مساعدتهم على تدريب “الفريق الأساسي لتغطية الانتخابات”، وسيعمل الفريق على البث المتعلق بالانتخابات لرفع مستوى الوعي بين الجمهور، وتتعاون جايكا مع اتحاد الصحفيين في جنوب السودان وجمعية وسائل الإعلام في جنوب السودان لتعزيز حرية التعبير، ومع ذلك، فإن حرية التعبير ليست شيئا يُعطى من مكان ما غدا، إنه شيء يجب على شعب جنوب السودان، أن يفوزوا به بجهود الخاصة، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت، ولكنني متأكد من أنه يمكنك القيام بذلك.
س: باعتبارها حليفة للغرب، هل اليابان مستعدة لرؤية علاقاتها مع جنوب السودان تصل إلى مستوى استراتيجي؟ إذا كانت الإجابة بنعم، كيف؟
ج: رغم أن اليابان لا تنوي تشكيل تحالف مع جنوب السودان، إلا أنها مهتمة جدا بأن تكون صديقا جيدا لجنوب السودان، وكما ذكرنا سابقا، فإن مساعدة جهود جنوب السودان من أجل السلام والتنمية هي “الاستثمار في مستقبل جنوب السودان والعلاقات بين اليابان وجنوب السودان”، وتتوقع اليابان أيضا “العودة”، مع نتائج أفضل فيما يتعلق بالأسباب الخمسة المذكورة، وهي المساهمة الاستباقية في السلام العالمي، والأمن البشري، والاستقرار في شرق أفريقيا، والتعاون الوثيق في معالجة القضايا العالمية، والتبادلات الثنائية النشطة، وآمل أن تكون العلاقات بين البلدين ناجحة في هذه النقاط، وأن تصبح أكثر فائدة واستدامة للطرفين.
سؤال: ما هي رسالتك إلى القادة وشعب جنوب السودان؟
ج: ثقوا بأنفسكم، يمكنك أن تفعل ما يجب عليك فعله، ويمكنك أن تكون ما تريد أن تكون، وستظل اليابان صديقا حقيقيا لجنوب السودان.