بدأت عمليات الفرز الأولى في نيجيريا السبت. وعند الساعة الثانية والنصف بعد الظهر (13,30 ت غ)، وقت الإغلاق الرسمي، شهدت مكاتب اقتراع لاغوس (جنوب شرق) وأبوجا (وسط) أولى عمليات الفرز، حيث جرى التصويت بهدوء عموما، وفق ما أفاد مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية.
وقد شهدت هذه الانتخابات بعض التأجيلات بسبب تأخير في نشر الأجهزة أو أعطال فنية.
ولكن في نهاية فترة بعد الظهر، استمرّت عمليات الاقتراع في عدّة مكاتب في جميع أنحاء البلاد مثل أنامبرا(جنوب شرق) وكانو (شمال)، حيث بدأ الناخبون بالتصويت بعد الساعة الثامنة والنصف صباحاً (وقت الافتتاح الرسمي).
وقالت بليسينغ أمبانيفو التي كانت تقف في الصف لساعات أمام أحد مكاتب الاقتراع في أكوا (جنوب غرب)، “هنا، لم يبدأ التصويت حتى الظهر، على ما يبدو أنّ آلاتهم لم تكن تعمل”. وأضافت هذه الطالبة البالغة 21 عاماً “أنا مستعدّة للنوم هنا إذا اقتضى الأمر، أتيت لأصوّت وسأقوم بذلك”.
ويعتبر هذا الاقتراع، المرة الأولى التي يتمّ خلالها استخدام تقنيات جديدة على مستوى وطني. ومن المفترض أن يحدّد هوية الناخبين عن طريق التعرّف على الوجه والتعرّف الرقمي، لتفادي عمليات الاحتيال التي طغت على الانتخابات السابقة، وكذلك بالنسبة للنقل الإلكتروني للنتائج.
وقد تمّ الإبلاغ عن حوادث متفرّقة، مع محاولات تخويف واعتداءات في بعض المكاتب، خصوصاً في لاغوس، حسبما أفادت اللجنة الانتخابية، التي أكّدت في الوقت ذاته استمرار العملية الانتخابية.
تقارب في المنافسة
وقد صوّت مرشح الحزب الحاكم بولا تينوبو (70 عاماً) صباح السبت في معقله في لاغوس حيث استقبله حشد صغير وجهاز أمني. وأكد أنّه الشخص الوحيد الذي يمكنه إصلاح نيجيريا.
هذا، وينتمي حاكم لاغوس السابق (1999-2007) ، الملقب بـ “العراب” بسبب نفوذه السياسي، إلى قبائل اليوروبا المتمركزة جنوب غرب البلاد وهو مسلم.
وقد طالته اتهامات بالفساد ونفى ذلك، على غرار عتيق أبو بكر (76 عاما) مرشح حزب المعارضة الرئيسي “حزب الشعب الديموقراطي” الذي حكم من 1999 إلى 2015. وتعتبر هذه الانتخابات الرئاسية السادسة التي يترشح فيها هذا النائب السابق للرئيس (1999-2007) وهو مسلم وينحدر من شمال البلاد.
وبعد التصويت في يولا (شمال شرق)، أكد المرشّح – الذي اعترض في العام 2019 على هزيمته أمام الرئيس بخاري – أنّ “هذه الانتخابات أكثر مصداقية من الانتخابات السابقة”.
ويكتسي التصويت العرقي والديني أهمية بالغة في نيجيريا التي تضم أكثر من 250 مجموعة عرقية وتشهد استقطابا بين الشمال بأغلبيته المسلمة والجنوب ذي الأكثرية المسيحية.
لكن في مواجهة هذين المرشحين المخضرمين، ظهر مرشح ثالث يتمتع بشعبية كبيرة خصوصًا في صفوف الشباب. فالحاكم السابق لولاية أنامبرا (جنوب شرق) بيتر أوبي (61 عامًا) مسيحي ومدعوم من الحزب العمالي. وهو يستقطب جيل الشباب والناخبين في منطقته.
وقال أوبي وهو يسير في شوارع قريته أماتوتو، ويتبعه عشرات الصحافيين “أدعو الناس إلى الخروج للتصويت. لا أبحث عن عمل. أريد أن أخدم الناس… أريد أن أُخرج الناس من الفقر”.
وبعد إدلائه بصوته قال لوكالة الأنباء “إذا كانت هذه الانتخابات حرّة ونزيهة، أعتقد أنّني سأفوز”.
“خطر العنف“
وتعد هذه الانتخابات حاسمة. فمن المتوقع أن تصبح نيجيريا البالغ عدد سكانها 216 مليون نسمة، في 2050 ثالث أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، بينما تواجه منطقة غرب أفريقيا خطر تراجع حادّ للديموقراطية وانتشار أعمال العنف الجهادية.
كما أصبحت نيجيريا قوة ثقافية عالمية بفضل قطاع نوليوود، الصناعة السينمائية النيجيرية القوية جدا، وموسيقى “أفروبيت” التي انتشرت بفضل فنانين مثل بورنا بوي وويز كيد.
لكن سيرث الرئيس المقبل لأكبر اقتصاد في القارة الإفريقية وأكبر دولة نفطية فيها سلسلة من المشاكل، من أعمال العنف الإجرامي والجهادي في الشمال والوسط إلى الاضطرابات الانفصالية في الجنوب الشرقي والتضخم الجامح والفقر المستشري التي أضيف إليها مؤخرًا النقص في الوقود والأوراق النقدية.
هذا، وكانت قد شهدت الحملة هجمات على مرشحين محليين وناشطين ومراكز للشرطة ومكاتب لمفوضية الانتخابات.
وقال سعيد الحسيني من “مركز الديموقراطية والتنمية” إن “خطر العنف يشكل مصدر قلق حقيقي”.
أما النقطة المجهولة الثانية هي نسبة المشاركة، التي كانت ضعيفة في الانتخابات السابقة (33 بالمئة في 2019).
من جانبها، قالت مجموعة الأزمات الدولية إن غياب الأمن بشكل عام “قد يُسبب اضطرابا في الاقتراع”.
ويذكر أنه تم نشر نحو 400 ألف عنصر من قوات الأمن. ويفترض أن تعلن نتائج الانتخابات خلال 14 يوماً من الاقتراع.