قال مسؤول رفيع بالأمم المتحدة لمجلس الأمن، أن على الرغم من أن جنوب السودان ليس مستعدا حاليا لإجراء الانتخابات في وقت لاحق من هذا العام، إلا أنه لا يزال من الممكن إجراؤها قبل نهاية الفترة الانتقالية.
وناقش المتحدثون في جلسة مجلس الأمن، الدعم اللازم لإجراء الانتخابات في جنوب السودان، وسط تزايد العنف، والتحديات الداخلية والخارجية.
وقال جان بير لاكروا، وكيل الأمين العام لعمليات السلام: “من المرجح أن يؤثر عدد لا يحصى من العوامل على الانتخابات في جنوب السودان”، وسلط الضوء على تحديات الموارد، وارتفاع معدلات البطالة، والمنافسة السياسية بين النخبة الحاكمة، وزيادة الاشتباكات بين الطوائف، والصراعات الطائفية، وزيادة الضغط من العائدين واللاجئين الفارين من الصراع في السودان.
وأضاف أنه إذا لم تتم إدارة الانتخابات بعناية، فهناك “احتمال أعمال عنف ذات عواقب وخيمة على بلد هش بالفعل وعلى المنطقة ككل”.
وشدد على أنه “في ظل الوضع الحالي، فإن جنوب السودان ليس مستعدا لإجراء الانتخابات وهناك الكثير الذي يتعين القيام به، وأنه إذا أبدت الأطراف الإرادة السياسية واستثمرت الموارد الكافية في الوقت المناسب، “لا يزال من الممكن إجراء انتخابات ذات مصداقية قبل نهاية العام”.
وأشار إلى أن اتفاقية السلام المنشطة لعام 2018 “تظل الإطار الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق السلام والاستقرار في جنوب السودان”، بعد أن رسخت فترة من الاستقرار على المستوى الوطني على الرغم من أوجه القصور في تنفيذها.
وحث على أن “حان الوقت لكي يجتمع الجميع للبناء هذا الإنجاز، وتحقيقا لهذه الغاية، ندعو الحكومة إلى توفير الموارد للمؤسسات الانتقالية على وجه السرعة، والتوصل إلى قرارات سياسية لاستكمال الترتيبات الأمنية الانتقالية وعملية مراجعة الدستور؛ وضمان تكافؤ الفرص لجميع الأحزاب للمشاركة في الانتخابات في مجال مدني وسياسي أكثر انفتاحا في البلاد”.
وحذر من أنه “لا يمكن ضمان الشرعية من خلال الانتخابات إلا إذا اعتقد شعب جنوب السودان أن أصواته مسموعة”.
من جانبه، أكد ممثل مالطا أن “المساحات المدنية والسياسية الآمنة والشاملة هي مكونات أساسية لضمان قدرة شعب جنوب السودان، على المشاركة في بيئة مواتية لإجراء انتخابات نزيهة وذات مصداقية وسلمية”.
ورحبت بالدعم الذي قدمته بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، بما في ذلك دعم مشروع مدونة قواعد سلوك الأحزاب السياسية، بالشراكة مع الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية “إيقاد”.
وأكد ممثل فرنسا أن المعارضة والمجتمع المدني يجب أن يكونا قادرين على المشاركة في العملية الانتخابية، وأشار إلى أن الأمم المتحدة ستلعب دورا رئيسيا خلال الفترة الانتخابية، كما أعربت عن قلقها من أن العناصر الأساسية في التحضير لمثل هذه الانتخابات لا تزال مفقودة قبل ثمانية أشهر من الموعد المقرر لإجرائها.
وأضافة أن العديد من البنود يستغرق وقتا لانجازها، بما في ذلك تدريب وإعادة نشر القوات الموحدة اللازمة، وتحسين المؤسسات الانتخابية.
وأعرب ممثلا جمهورية كوريا والمملكة المتحدة عن قلقهما إزاء التأخير، وانضما إلى الآخرين في تسليط الضوء على دور الحكومة في تهيئة الظروف المواتية لإجراء الانتخابات.
وأكد ممثل الإكوادور الحاجة إلى الاهتمام العاجل بهذه القضايا، مشيرا أيضا إلى أن إعادة بناء المؤسسات الرئيسية لإجراء انتخابات ذات مصداقية في عام 2024 أمر ضروري.
وأعرب عن قلقه إزاء العدد الكبير من الهجمات على المدنيين والعنف الجنسي وتجنيد الأطفال. وشدد على الحاجة إلى تعزيز الإطار القانوني لحقوق المرأة – وخاصة ضحايا العنف الجنسي.
وقال ممثل سلوفينيا إن “الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال مستمرة”، معرباً عن قلقه أيضاً إزاء الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان وأن يجب ضمان المساءلة، وعلى الحكومة أن تتخذ إجراءات حاسمة لضمان العدالة للضحايا والناجين.
ورحب اليابان، رئيس المجلس لشهر مارس، بصفته الوطنية، حيث رحب بجهود البعثة لتخفيف التوترات المحلية، وأعرب عن أمله في أن تزيد من تعزيز ولاياتها لتقديم المساعدة الفنية للانتخابات وحماية المدنيين.
وأعرب عن استعداد وفده للعمل بشكل بناء من أجل تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، وشدد على ضرورة أن تعالج الولاية بشكل صحيح وتعكس بدقة حالة الاستعدادات للانتخابات.
وقال ممثل الولايات المتحدة إن الفشل في إظهار الإرادة السياسية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة قد يؤثر على الدعم المالي في المستقبل.
وأضاف: “يجب أن يكون التمويل المستقبلي الموثوق به مصحوبا بدفعة متجددة لعملية السلام في جنوب السودان وتحسين وصول المساعدات الإنسانية”.
وقال إن العنف الطائفي يشكل “أكبر تهديد لاحتمالات إجراء انتخابات ذات مصداقية، وداعا الحكومة إلى إظهار التزامها بالانتخابات، وضمان المساءلة عن العنف وتسهيل المساعدات الإنسانية.
وقال ممثل روسيا أن “هدفنا المشترك ليس انتظار فشل جنوب السودان في إجراء الانتخابات وتوجيه الانتقادات إليهم، بل مرافقتهم في هذه العملية المعقدة”.
وأعربت عن قلقه إزاء تدفق اللاجئين والعائدين من السودان، وشددت على أن جنوب السودان لن يكون قادرا على التعامل مع هذه المهمة الصعبة، التي تتطلب دعما ماديا.
وأشار إلى أن نظام العقوبات المفروض على جنوب السودان، يجعل من الصعب تعزيز أجهزة أمن الدولة.
واتفق ممثل الصين مع روسيا، حيث سلط الضوء على الأزمة الإنسانية، وشدد على الحاجة إلى مساعدة ملموسة لقطاع الأمن، وحث على رفع العقوبات المفروضة على جنوب السودان.
كما عارض التوسيع المحتمل لتفويض بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، مشيرا إلى أن القيام بذلك من شأنه أن يتعارض مع مهمة حفظ السلام الأساسية للبعثة.
وتابع: “يزيد الضغط على الموارد الموجودة تحت تصرف الجيوش، ونحث على زيادة الدعم الدولي للعملية السياسية في جنوب السودان والاعتراف بجهود السلطات الوطنية في التحضير للانتخابات العامة”.
وأشار ممثل سويسرا إلى أن الوضع الإنساني الخطير في جنوب السودان سيؤثر على مشاركة السكان في الانتخابات، وأن من المرجح أن يتدهور الوضع أكثر بسبب استمرار العنف في الداخل وزيادة تأثير الصراع في السودان. كما أنه سيؤدي إلى تفاقم الأمن الغذائي المتوتر بسبب آثار تغير المناخ.
وحث ممثل موزمبيق، الذي تحدث ايضا باسم الجزائر وغانا وسيراليون، قائلاً: “بينما نركز على الاستعدادات للانتخابات، يجب أن نضع في اعتبارنا أن جنوب السودان يضم حاليا أكثر من 500 ألف من العائدين واللاجئين بسبب الصراع في السودان”.
وتابع: “يؤدي هذا الوضع بالفعل إلى خلق التوتر وإجهاد الموارد المتناقصة داخل المجتمعات المضيفة في بلد يتأثر دوريا بالصدمات الناجمة عن المناخ، مما يزيد من التنافس على الموارد ويغذي العنف بين الطوائف”.
ودعا شركاء التنمية إلى زيادة الدعم لجنوب السودان لمعالجة الانكماش المتصاعد في اقتصاد البلاد خلال هذه المرحلة الحرجة من الفترة الانتقالية.
وأكد ممثل جنوب السودان أن “بناء الأمة ليس مهمة سهلة”، وحث على أن أي مشاركة دولية “تدعم الاستقرار وتعالج التحديات الحقيقية والمعقدة التي يواجهها جنوب السودان”. تشمل مجالات الدعم الرئيسية المساعدة التقنية وبناء قدرات الحكومة، والمساعدة الإنسانية وبرامج القدرة على الصمود لتعزيز التعافي والمصالحة.
وأضاف: “يقف جنوب السودان عند لحظة تاريخية، ومن خلال العمل معا، يمكننا تحويل جنوب السودان، التي مزقتها الصراعات، إلى منارة للأمل والقدرة على الصمود والازدهار”.