* في 13 أبريل الماضي من العام الجاري ، أصدر رئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت، قرارا رئاسيا بتكوين لجنة لتقصي الحقائق حول الأحداث المؤسفة التي شهدتها المقاطعات الشمالية الثلاثة بولاية الوحدة ” لير ، كوج ، ميانديت ” ، وأسندت رئاسة اللجنة لوزير الري والموارد المائية مناوا بيتر قاركوث، وينوب عنه وزير الحياة البرية والسياحة رزق زكريا حسن، وضمت اللجنة أيضا برلمانيين مثل شبور قوج والدكتور كونق وآخرين.
*حدد القرار الرئاسي عمل اللجنة في التقصي حول هذه الأحداث والتعرف على جذورها والمعالجات الممكنة لحلها إلى جانب تقديم توصيات شفافة حتى تتمكن الحكومة من تنفيذها لتفادي تكرارها مرة أخرى وأمهل القرار اللجنة 21 يوما لتقديم تقريرها النهائي، ومن المهم الإشارة إلى أن هذه التي كانت مسرحها مقاطعة لير ” مسقط رأس ” النائب الأول لرئيس الجمهورية ريك مشار، أدت إلى نزوح المئات من المواطنين والعشرات من القتلى ، ووثقت فيها حالات اغتصاب للعديد من النساء والفتيات وأجبرت تلك الأحداث المنظمات الإنسانية العاملة في المقاطعة إلى الانسحاب من مواقع عملها وتعليق أنشطتها عقب مقتل عاملين من منظمة أطباء بلا حدود .
*الآن وبعد 5 أشهر من تكوين ، لم تغادر اللجنة العاصمة جوبا لتبدأ عملها ، في وقت رحل رئيس اللجنة إلى الأمجاد السماوية ، ولم يحدث أي شيء حيال عمل اللجنة ، ولم يصدر أي قرار بحل اللجنة ، حتى اللجنة نفسها لم تخرج لتكشف للرأي العام ما حدث لها حتى الآن ، في وقت لا تزال الأوضاع في تلك المناطق مرشحة بقوة إلى الانفجار العنيف ، مع توتر الأوضاع في مقاطعة ميوم التي ظلت تعيش حاليا وضعا لم يحدث منذ اندلاع الحرب في العام 2013م ، والمفارقة أن عدة لجان أخرى شكلت للتحقيق في أحداث مشابهة وأنجزت عملها آخرها كانت اللجنة الأمنية التي شكلت بتوجيهات من رئيس الجمهورية بشأن الأحداث التي شهدتها مقاطعات تونج الكبرى .
*ومن قبل ومع تسارع التطورات في لير سارعت مفوضية المراقبة والتقييم المنشطة عبر لجنة مراقبة وقف العدائيات وإطلاق النار إلى إجراء تحقيق حول هذه المواجهات المسلحة، وخرجت بتقرير يكشف العديد من الفظائع وحددت مسؤولية ما حدث إلى مسؤولين في تلك المقاطعات الثلاثة، وإلى جانب هذا التقرير ، نشرت بعثة الأمم المتحدة في البلاد تقرير آخر للجنة حقوق الإنسان التابعة لها، لتوثق شهادات مفجعة من شهود عيان على أرض الواقع، وبين كل هذه التقارير التي كتبت وفق الوقائع على الأرض ، مثل غياب تقرير لجنة التحقيق الحكومية علامة استفهام مع مرور نحو 5 أشهر من تكوين الحكومة للجنتها بقرار رئاسي من رئيس الجمهورية والتي لم تغادر حدود العاصمة جوبا حتى الآن.
*من أولى علامات الاستفهام البارزة أن اللجنة الحكومية التي كونت من الأطراف الموقعة على اتفاق السلام المنشط، لم تغادر حتى الآن من العاصمة جوبا إلى ولاية الوحدة بالرغم من أن المؤشرات على الأرض حتى الآن لا تبشر بالخير في ظل التوترات في المنطقة والتي اعتبرتها الأمم المتحدة في تقريرها بأنها قد تهدد اتفاق السلام المنشط، والمؤسف أن لجنة التحقيق الحكومية تعجز حتى الآن في الوصول إلى أراضي تخضع إلى سيادتها، بينما تنجح جهات أجنبية في الوصول وتجري لقاءات مع المتضررين ، فهل تشكل بعض اللجان من أجل قتل الأهداف التي شكلت من أجلها ؟.
* أخيرا نختم بالترحم على روح فقيد البلاد ورئيس اللجنة الراحل المقيم مناوا بيتر قاركوث الذي رحل من دون أن ينجز عمله ، وبعد رحيله لم تنجح اللجنة أيضا في تحقيق الأهداف التي شكلت من أجلها.
الأستاذ مثيانق شريلو، هو رئيس تحرير صحيفة الموقف الناطقة بالعربية في جنوب السودان mathiangcirilo@gmail.com
مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية الكاتب/ة، وليست راديو تمازج