بينما لا يزال المشهد التفاوضي بين أطراف الحرب في السودان يعيش حالة من الجمود، اختتمت أمس الثلاثاء، مجموعة من الشباب السوداني، مؤتمرها التأسيسي، لإنشاء وتدشين الشبكة الشبابية السودانية لوقف الحرب والتأسيس للتحول المدني الديمقراطي، التي تسعى للمساهمة في إنهاء الصراع في السودان الذي يقارب من إتمام عامٍ بالكمال، بينما لا تزال العمليات العسكرية مستعرة في عددٍ من المناطق في السودان.
مشاركة واسعة
عقد المؤتمر بمدينة أنتيبي الأوغندية في الفترة من الثاني وحتى الخامس من الشهر الجاري وسط حضور واسع لمنظمات وهيئات سودانية وإقليمية، وممثلين للفاعلين في المشهد السوداني، وحركات الكفاح المسلح، وممثلين للقوى السياسية المدنية السودانية.
انعقد المؤتمر، بينما لا تزال أطراف الصراع في السودان، القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، لم تفلح في الوصول إلى تفاهمات حول الانخراط في التفاوض المباشر من أجل الوصول لحل للصراع الذي أفضى إلى مقتل ما يزيد عن 13 ألف قتيل، وأدى إلى نزوح ولجوء ما يزيد عن 10 ملايين سوداني، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة ومنظمات تابعة لها.
ويقول أعضاء الشبكة، إنهم يسعون للإسهام بشكل فاعل لاستعادة مسار التفاوض، والمساهمة عبر الضغط على أطراف الصراع لوقف الحرب واستعادة مسار الانتقال الديمقراطي.
شارك في المؤتمر أكثر من 130 شابة وشابٍ سودانيون، قدموا من عدد من دول الجوار الإقليمي، من كينيا وأثيوبيا وجنوب السودان وتشاد، كما شهد المؤتمر حضوراً لشباب قدم خصيصاً من السودان للمشاركة في فعاليات المؤتمر، بالإضافة لمشاركة واسعة من الشباب السودانيين المتواجدين بدولة أوغندا التي تضم عددا كبيراً من السودانيين الذين لجئوا إليها ما بعد الحرب.
شهدت الفعاليات الختامية مشاركة كل من مبعوث الشباب بالهيئة الحكومية للتنمية “إيقاد” ومبعوث الشباب للاتحاد الأفريقي ورئيس اتحاد الشباب الأوغندي، وممثلة للمجموعات النسوية، كما شارك في المؤتمر شخصيات عامة، كالدكتور هشام عمر النور، الكاتب والمفكر، والأستاذ بقسم الفلسفة جامعة النيلين، واستمع حضور المؤتمر لكلمة قدمها مستشار السفير الأمريكي السابق بالخرطوم حول دور الولايات المتحدة وتعهداتها حيال الأزمة الحالية في السودان.
الشباب هم الفاعلون الأساسيون
أمن مجموع المتحدثين في المؤتمر على الدور الرئيسي للشباب المنوط بهم تقديمه، فلم تخلُ كلمة للمتحدثين في المؤتمر على التأكيد على دور الشباب، ويقول القيادي بتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم”، بكري الجاك ، لـ “راديو تمازج” إنه ليس من المعقول أن يترك مصير السودان لمجموعة من السياسيين “هم في النصف الآخر من حياتهم”، في إشارة لضرورة إشراك الشباب في تخليق واقع السودان القادم.
ويؤكد الجاك على أهمية المؤتمر، عبر مقدرته على توحيد أفكار الشباب الذين اجتمعوا في الفعالية من مختلف الفئات والجهات، الذين يمثلون “كل السودان” حسب قوله.
ويقول حيدر عبدالكريم، أحد الأعضاء المؤسسين للشبكة، إن الشبكة تسعى بشكل جاد لإحداث أثر حقيقي في المشهد الحالي، ويضيف أن الشبكة ستنتهج عددا من آليات الضغط على أطراف الصراع والمجتمع الدولي والإقليمي الفاعل، بما في ذلك المطالبة بإشراك الشباب في أي عملية تفاوضية، يتحدث عبد الكريم لـ “راديو تمازج” قائلا إنه لا يمكن أن تتم العملية التفاوضية في السر بين أطراف الصراع وهي تخص مستقبل الشعب السوداني، “السودان ليس ملكا خاصا بهم”، يضيف حيدر.
تعهدات أمريكية
شهد المؤتمر كلمة ألقاها مستشار السفير الأمريكي الأمريكي السابق في السودان، متحدثاً باستفاضة عن السياسات الأمريكية تجاه الأزمة السودانية، وقال إن الولايات المتحدة “ملتزمة” بالوقوف مع السودانيين للوصول إلى حكومة ديمقراطية على رأسها المدنيون.
وقال مستشار السفير الأمريكي، محيي الدين عمر، إن الولايات المتحدة الأمريكية، لحرصها على إبداء اهتمامها بالشأن السوداني قامت في خواتيم فبراير الماضي بتسمية توم بيرييلو كمبعوث خاص لها للسودان عقب استقالة السفير جون غودفري.
وأضاف محيي الدين، أن الولايات المتحدة تعتقد اعتقاداً راسخاً أنه لا مكان لكل من قادة طرفي الصراع “البرهان وحميدتي” في مستقبل السودان السياسي بعد ما فعلوه بالسودان، طبقا لما قال.
تفاوض متعثر
يعايش المشهد السياسي السوداني حالة من الجمود عقب فشل معظم المبادارات الدولية والإقليمية لجمع طرفي الصراع على طاولة التفاوض المباشر، بينما تستمر المعارك في مناطق عدة في السودان، أبرزها في العاصمة الخرطوم.
أيضا تعيش أقاليم دارفور وكردفان معارك متقطعة ومتجددة، إذ تسيطر قوات الدعم السريع على معظم المدن الرئيسية في إقليم دارفور، وتحاول السيطرة على بعض المدن الرئيسية في إقليم كردفان.
ويقول الجيش السوداني إنه يحرز تقدماً مستمراً في استعادة بعض المناطق في العاصمة الخرطوم، في مناطق أمدرمان، وفق ما تقول جهات إعلامية موالية له.
وبينما تستمر المعارك، ينخرط طرفا الصراع، عبر قائديهما “البرهان وحميدتي” في جولات دولية وإقليمية، إذ سجل الفريقان زيارات لعدة دول، بلغت أكثر من خمس زيارات لكلا الفريقين، إلى دول أفريقية وعربية عديدة، كان آخرها زيارة الفريقين لدولة ليبيا مطلع مارس الجاري.
ويقول القيادي بـ “تقدم” بكري الجاك لـ “راديو تمازج” إن المنبر الرئيسي الذي كان من الممكن أن تجتمع حوله أطراف الصراع هو “منبر جدة”، معتبراً أن الزيارات الأخيرة لأطراف الصراع هو محاولة لـ “تبضيع” المنابر، عبر خلق منابر أخرى والقفز على ما تم الاتفاق عليه”.