تحتفل العالم في الثالث من شهر مايو كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة، في وقت لا تزال وسائل الإعلام في جنوب السودان تكافح، حيث تعتبر الإذاعة المصدر الأول للأخبار في البلاد.
شعار هذا العام “الصحافة تحت الحصار الرقمي”. يناقش تأثير العصر الرقمي في حرية التعبير وسلامة الصحفيين، والحصول على المعلومات ومسألة الخصوصية.
أويت باتريك رئيس اتحاد الصحفيين بجنوب السودان في حديثه لراديو تمازُج يشيد بأهمية اليوم العالمي لحرية الصحافة من أجل مناقشة أخلاقيات المهنة التي تضمن المبادئ الأساسية لحرية الصحافة.
يقول أويت، إن رغم من حرية التعبير الوارد في دستور جنوب السودان الانتقالي لسنة 2011م، المواد “24 و 32″، لا يزال الصحفيون يعانون من انتهاكات أثناء أداء واجباتهم. وقال: “ليس هناك حرية الصحافة في جنوب السودان، الأجهزة الأمنية تأخذ القانون بالقوة وتنتهك الحريات وهذا جعل الصحفيون عاجزين عن ممارسة المهنة”.
وفقا لتقارير الأممية، فإن قدرة الإعلاميين، والمتخصصين ليست مطابقة للمستويات الدولية في جنوب السودان لعديد من التحديات التعليمية، والبنية التحتية والمضايقات الأمنية في وقت تعمل العديد من المنظمات على بناء قدرات الإعلاميين بشكل عام.
يكشف أويت في حديثه، عن أكثر من 20 حالة للاعتقالات التعسفية والتحرش ضد الصحفيات من قبل الأجهزة الأمنية خلال هذا العام، وما ذلك يقول أويت إن “الاتحاد تمكن من إجراء حوار مع المؤسسات الحكومية وتم إطلاق سراح جميع الصحفيين”.
يتابع أويت أن معظم الاعتقالات التي تحدث من قبل الأجهزة الأمنية في جنوب السودان مبنية على معلومات خاطئة، مشيرا إلى أن عند الحوار يجدون أن الصحفي ليس له علاقة بالتهم الموجه ضده.
ووفقاً لرئيس الاتحاد، فإن عدد الصحفيين النشطة في البلاد نحو “700” صحفي، بينهم “200” صحفية. مبينا أن أبرز التحديات التي تواجه الصحفيين هو ضعف الأجور مع الأزمة الاقتصادية التي تمر به جنوب السودان.
وقال إن راتب الصحفي أقل من “10” دولارات أمريكا، في ظل تدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، قائلا: “إنها أمر مؤسف للغاية ويؤثر على أدائهم لذا نطلب من المنظمات الداعمين الدوليين بدعم الصحافة المستقلة”.
في الظروف الاقتصادية والمضايقات الأمنية في جنوب السودان دفع العديد من الصحفيين باللجوء إلى تغيير مهنتهم أو الهرب إلى خارج البلاد حتى يتمکنو من الحفاظ على حياتهم.
ما ذلك يشيد باتريك، بدور الصحفيين في توعية ونشر السلام بين المجتمعات، وسعيهم في التحول إلى الصحافة الرقمية، قائلاً إن الاتحاد يعمل على تدريبهم وقريبا ستقوم بفتح مكاتب في كل الولايات للمتابعة.
أشار تقرير أصدرته الأمم المتحدة العام الماضي إلى أن المصالحة الحقيقية والسلام الدائم لن يتحقق في جنوب السودان إلا إذا كان الناس أحراراً ويشعرون بالأمان للتعبير عن آرائهم بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو السياسية.
وزير الإعلام والاتصالات في جنوب السودان، مايكل مكوي لويث ، في حديثه لراديو تمازُج، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة هنأ الصحفيين وطالبهم بالعمل الدؤوب والالتزام بالحياد ووقف نشر المعلومات لتأجيج الصراعات بين المجتمعات.
الوزير مكوي، في حديثه لا يتفق مع الحرية المطلقة للصحفيين لكنه أشار إلى أن هناك قوانين في جنوب السودان تحمي الصحفيين ولا يجب على الصحفيين استغلالها. وزاد: “عندما تكتب يجب عليك ان لا تتدخل في حرية الآخرين ولا تمس شرف الآخرين وسوف نستمر في تنفيذ قوانين لضمان عدم حدوث ذلك”.
حذرت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تقرير لها العام الماضي، من أن القيود المفرطة المفروضة على حرية التعبير تترك “تأثيراً سلبياً” و “تضيِّق حيز النقاش والاعتراض أكثر فأكثر”، فيما يستمر التحريض على الكراهية أيضاً في خلق حال من عدم الثقة والخوف والعنف.
ينفي مكوي، صح التقارير التي تشير إلى تدني مستوى حرية الصحافة في جنوب السودان، قائلاً “لا يوجد أي بلد بها حريات كاملة، كمْ صحفيا سُجن في أمريكا، كمْ صحفيا سُجن في أوربا، كيف لهم أن يتوقعوا بأن يكون هناك حرية مطلقة في جنوب السودان”.
رئيسة شبكة الصحفيات في جنوب السودان، آيا أيرين لوكانق، في تصريح لراديو تمازج تشكو من تعرض الصحفيات للانتهاكات والتحرش بصورة متكررة أثناء العمل.
تقول أيا إن منذ بداية هذا العام سجلت شبكة الصحفيات “10” حالات لصحفيات تعرضن للاعتقال والتحرش من قبل مسؤولين حكوميين ورؤساء أقسامهم في العمل. مبينة أن الصحفيين بصفة عامة يواجهون تحديات في الحصول على المعلومات خاصة من المؤسسات الحكومية إلى جانب الرقابة على الصحف والإذاعات ومصادرة معدات العمل.
وأضافت “في اليوم العالمي لحرية الصحافة نتذكر الصحفيين الذين قتلوا أثناء أداء واجبهم، وأيضا هو يوم لننظر للتحديات التي تواجه وسائل الإعلام في جنوب السودان وكيفية إيجاد حلول لها”.
وطالبت آيا، الحكومة الانتقالية بوقف قمع الصحفيين مشيرة إلى أن المجتمعات تتطور وتتثقف بالمعلومات التي تحصل عليها عبر وسائل الإعلام.
نيلسون كواجي، رئيس مجلس إدارة منظمة مكافحة خطابة الكراهية، في حديثه لراديو تمازُج، قال أن هناك تطورا كبيرا في استخدام الصحافة الرقمية بجنوب السودان خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال كواجي، إن إحصائيات المنظمة تشير إلى أن موقع الفيسبوك أو الأكثر استخداما في جنوب السودان، يليه الإنستغرام والتويتر، مشيراً إلى أن هذا مؤشر جيد ويرجع ذلك إلى الزيادة في سرعة الإنترنت “الجيل الرابع”. التي تقدمها الشركات.
منظمة محاربة خطابة الكراهية تم إطلاقة رَدًّا على الطريقة التي تم بها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج الصراع الذي اندلع في جنوب السودان في ديسمبر 2013م. وتعمل المنظمة حاليا في مكافحة طرق التطرف العنيف عبر الإنترنت.
وأوضح نيلسون أن هذا التطور الكبير في سرعة الإنترنت دفعت الإذاعات المحلية والصحف بالتحول إلى فضاء الرقمي وساهم في الحصول على المعلومات. مشيراً إلى أن بحثا أجرته المنظمة تشير إلى أن الإعلام البديل يصل إلى عدد كبير من الجمهور لكنه يفتقر للاحترافية لغياب الدقة في المعلومات التي يتم نشرها.
وأضاف: “قبل ثلاث سنوات بدأنا مشروعا لتقصي المعلومات”211″ لتقليل نشر الأخبار والصور المضلل عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ودربنا أكثر 60 صحفيا في تقصي الحقائق وتصحيح الأخبار الكاذبة.”
يناشد نيلسون، وسائل الإعلام إلى الانتقال إلى الإعلام الرقمي بدلاً من الإعلام التقليدي لمواكبة التطورات وتوصيل المعلومات إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور.
وقال كواجي إن خلال السنوات الماضية تعرضت نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي إلى المضايقات من قبل الأجهزة الأمنية وأن ذلك دفع بمعظم النشطاء والصحفيين لتوقف من تناول القضايا الحقيقية التي يعاني منها المواطن.
في آخر تقرير مؤشر الصحافة التي أصدرها منظمة مراسلون بلا حدود في أبريل 2022، يحتل جنوب السودان المرتبة الـ 139 من أصل 180 دولة.
يرى العديد من المراقبين أن وقف الرقابة على المؤسسات الإعلامية، والتحرش والاعتقالات التعسفية ضد الصحفيين ومصادرة أدوات عملهم هي من أهم الدعوات لتحقيق تطلعات الصحفيين نحو صحافة رقمية مستقلة بعيد من الرقابة بجنوب السودان.