تشكل قضية مشاركة المرأة في السياسة بجمهورية جنوب السودان قضية من القضايا المحورية التي لا تنفصل عن بقية القضايا الإجتماعية وهي واحد من المشاكل التي تحتاج الى المعالجة، حيث يعتبر الناشطون أن مشاركة المرأة لا تتخذ طابع المساواة بين الجنسين نسبة لتهميش دور المرأة.
تشير العديد من التقارير إلى أن للمرأة في جنوب السودان إسهامات عديدة في العمل السياسي، فقد حققت نجاحا في بعض المجالات عبر نضالاتها داخل الأحزاب السياسية أو الحركات المسلحة، لكن العديد من العوامل تقف عقبة أمامها في الوصول إلى مراكز صنع القرار.
اتفاق السلام المنشط يخصص نسبة 35% لمشاركة المرأة في جميع الحقائب الحكومية. برغم ذلك فإن مشاركتها لا تزال تواجه العديد من التحديات. وتنتقد نشطاء المجتمع المدني أطراف اتفاقية تسوية النزاع المُنشطة، لعدم تمثيل المرأة في جميع مستويات الحكم بصورة عادلة، وأن ذلك يعد إنتهاكاً واضحاً للاتفاقية.
واقع المرأة في جنوب السودان حالياً، معقد للغاية لأنه يتخذ طابع التعليم الاجتماعي “العادات والتقاليد” وتفشي الأمية وسط النساء، ومع ذلك يتم تحميل المرأة مسؤولية الأسرة في عاتقها بصورة أكبر ما تجعلها عاجزة عن المشاركة في الحياة العامة.
تقول إيفون عبدالمعروف، وهي ناشطة حقوقية في حديثها لراديو تمازُج، إن المرأة في جنوب السودان لا تتمتع بحقوق المشاركة السياسية في جميع مستويات الحكم، بسبب المفاهيم التقليدية للرجل، التي تختزل دور المرأة في “المطبخ”.
وتضيف إيفون، أن المرأة هي قادرة على ممارسة العمل السياسي وتوفيق بين أعمالها المنزلية، وأن النساء في الوقت الحالي يطالبن بالمشاركة في جميع البرامج السياسية في الدولة كحق المشاركة في صنع القرار.
وتقول إيفون، التي تقيم في العاصمة جوبا، أن تركيز المرأة في جنوب السودان في الوقت الحالي، هو رفع نسبة مشاركتها في الإنتخابات المقبلة. وقالت: “لا تنظروا إلى المرأة على إنها مجرد – امرأة ساكت – نحن قادرات على المشاركة بأفكار تساعد جنوب السودان في النهوض”.
عاشت المرأة الجنوب سودانية فترة الإنفتاح السياسي عقب التوقيع على اتفاق السلام عام 2005م، التي أعطت المرأة حق المشاركة بـ 25 % في جميع مستويات الحكم، مع ذلك الالتزام بهذه النسبة شكل عائقاً كما يحدث حاليا للاتفاق السلام عام 2018م.
الناشطة السياسية كيندو سارة، تقول في حديثها لراديو تمازج، أن التحديات التي تواجه مشاركة المرأة في العمل السياسي بجنوب السودان، تشمل “عادات وتقاليد القبائل”، والاعتقادات المتوارثة للرجل أن المرأة هي عاجزة ولا تستحق أن يتم تشجيعها، وزادت: “هذا يسبب إحباط للمعنويات عند المرأة عندما تحاول المشاركة في العمل السياسي، ويتراجع دوماً من المشاركة”.
وأضافت: “العادات والتقاليد والمفاهيم الخاطئة والتمييز على أساس الجنس، تقف عقبة أمام النساء، لكننا سنناضل من أجل حقوق المرأة وندعم النساء اللواتي في مراكز صنع القرار لأننا نعمل في بيئة غير متطور”.
رغم التفوق الطفيف لتعليم الرجل في جنوب السودان مقابل تعليم المرأة، إلا أن العادات والتقاليد، التي يتم توارثها من جيل إلى جيل، تقف عائقاً أمام خطوات تقدم المرأة. بجانب ظروف الفقر المدقع، وعدم الاستقرار، حيث يعتقد البعض أن التغيير سيحدث تلقائياً.
يرى العديد من المراقبين أن مشاركة المرأة في جنوب السودان في المناصب هي مشاركة شكلية، بالتالي تواجه تعيين بعض النساء في المناصب الدستورية انتقادات واسعة بسبب تعليمهن أو الكفاءة.
تقول الناشطة رجويس مدونق، أن غياب السلام والجوع والفقر وقيود المجتمع، تشكل عقبة أمام المرأة في جنوب السودان على أن تشارك في الأنشطة السياسية والأنشطة الأخرى، قائلة: “نتيجة لظروف عدم الاستقرار الأمني تناضل النساء من أجل البقاء لتأمين لقمة العيش وليس التفكير في السياسة”.
وترى المواطنة رافينا آيزك، أن المرأة تحتاج للتشجيع على أن تشارك في جميع مستويات الحكم لتلعب دور كبير سوا كان في الروابط الاجتماعية والسياسية، وتضيف: “صوت المرأة أقوى وهي قادرة أن تقوم بما يقوم به الرجل”. وطالبت رافينا، بإعطاء المرأة الفرصة للتعبير عن نفسها وعدم إستخدام الألفاظ المسيئة لها لأنها قادرة على إحداث التغيير.
روز أندريا أبود، ناشطة إجتماعية تقول لـ تمازُج: “ضعف نسبة تعليم المرأة، يمثل عقبة أمام تمثيلها في العمل السياسي، ونطالب الحكومة على مساعدة المرأة في النهوض، وفي الإنتخابات المقبلة المرأة ستعمل على توسيع دائرة مشاركتها لزيادة عدد المقاعد لتصل إلى مراكز صنع القرار”.
المحامية نيانيو فيتر، مديرة مركز جوبا لتحكيم، تقول في حديثها أن اعتقاد المرأة أن السياسة لرجال، وإيمانها ان لا يمكنها منافسة الرجال، يشكل عقبة أمام المراة بجانب العادات والتقاليد وقيود المجتمع التي تنظر إلى المرأة إنها مجرد “امرأة ساكت” عندما تقف أمام الجميع على حسب حديثها.
وتضيف: “المرأة في جنوب السودان محبطة من قيود المجتمع التى لا تحترم مكانتها، لكن الحقيقة هي أن المرأة قادرة على القيام بدور أفضل من الرجل إذا قررت أن تفعل ذلك”.
دور الأحزاب السياسية
تعاني الأحزاب السياسية في جنوب السودان، من غياب دور نسوي فعال بخلق قيادات مؤهلة قادرة على التنافس والتقدم الى رئاسة الأحزاب. والبتالي اغلب الاسماء في قيادة الأحزاب من الرجال.
التزاماً بحق المشاركة السياسية للمرأة في اتفاق السلام اختارت الحركة الشعبية لتحرير السودان جيما نونو كومبا، لتكون أول امرأة ترأس البرلمان في جنوب السودان. وبالرغم من أن ذلك يعد نقلة جديدة في العمل السياسي، لكن سبقتها العديد من النساء مثل ربيكا قرنق التي تشغل منصب نائب الرئيس لشؤون النوع، ومن قبل اغنيس لوكودو حاكم ولاية بحر الجبل قبل انفصال الجنوب عن الشمال وأسماء أخريات.
تعاني النساء في جنوب السودان من عدم توفر فرص التعليم والصحة، وبحسب البنك الدولي فإن 51 % من مجموعة سكان جنوب السودان، يعيشون تحت خط الفقر.