* في 13 أبريل الماضي من العام الجاري ، أصدر رئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت، قرارا رئاسيا بتكوين لجنة لتقصي الحقائق حول الأحداث المؤسفة التي شهدتها المقاطعات الشمالية الثلاثة بولاية الوحدة ” لير ، كوج ، ميانديت ” ، واسندت رئاسة اللجنة لوزير الري والموارد المائية مناوا بيتر قاركوث، وينوب عنه وزير الحياة البرية والسياحة رزق زكريا حسن، وضمت اللجنة ايضا برلمانيين مثل شبور قوج والدكتور كونق وآخرين.
*حدد القرار الرئاسي عمل اللجنة في التقصي حول هذه الأحداث والتعرف على جذورها والمعالجات الممكنة لحلها إلى جانب تقديم توصيات شفافة حتى تتمكن الحكومة من تنفيذها لتفادي تكرارها مرة أخرى وأمهل القرار اللجنة 21 يوما لتقديم تقريرها النهائي، ومن المهم الإشارة إلى أن هذه التي كانت مسرحها مقاطعة لير ” مسقط رأس ” النائب الأول لرئيس الجمهورية ريك مشار، أدت إلى نزوح المئات من المواطنين والعشرات من القتلى ، ووثقت فيها حالات اغتصاب للعديد من النساء والفتيات واجبرت تلك الأحداث المنظمات الإنسانية العاملة في المقاطعة إلى الانسحاب من مواقع عملها وتعليق انشطتها عقب مقتل عاملين من منظمة أطباء بلا حدود .
*اعقبت المواجهات التي شهدتها مقاطعة لير إلى استمرار المواجهات واتساع رقعتها إلى مقاطعة ميانديت، حيث ذكر محافظ مقاطعة ميانديت عن نجاته من محاولة اغتيال دبرها شباب مسلحين من مقاطعة لير ، ولم تتوقف المواجهات عند هذا الحد فقد استمرت لتحصد العشرات من القتلى مرة أخرى بينهم ” سلطان ” في مقاطعة لير .
*وفي ظل هذه التطورات سارعت مفوضية المراقبة والتقييم المنشطة عبر لجنة مراقبة وقف العدائيات وإطلاق النار إلى إجراء تحقيق حول هذه المواجهات المسلحة، وخرجت بتقرير يكشف العديد من الفظائع وحددت مسؤولية ما حدث إلى مسؤولين في تلك المقاطعات الثلاثة، والى جانب هذا التقرير ، نشرت بعثة الأمم المتحدة في البلاد تقرير اخر للجنة حقوق الإنسان التابعة لها، لتوثق شهادات مفجعة من شهود عيان على أرض الواقع، وبين كل هذه التقارير التي كتبت وفق الوقائع على الأرض ، مثل غياب تقرير لجنة التحقيق الحكومية علامة استفهام مع مرور أكثر من خمسين يوم على تكوين الحكومة للجنتها بقرار رئاسي من رئيس الجمهورية.
*من أولى علامات الاستفهام البارزة أن اللجنة الحكومية التي كونت من الأطراف الموقعة على اتفاق السلام المنشط، لم تغادر حتى الان من العاصمة جوبا إلى ولاية الوحدة بالرغم من أن المؤشرات على الأرض لا تبشر بالخير في ظل التوترات في المنطقة والتي اعتبرتها الأمم المتحدة في تقريرها بأنها قد تهدد اتفاق السلام المنشط، والمؤسف أن لجنة التحقيق الحكومية تعجز حتى الآن في الوصول إلى أراضي تخضع إلى سيادتها، بينما تنجح جهات أجنبية في الوصول وتجري لقاءات مع المتضررين.
* الان وفي ظل هذه الوقائع يبدو أن الواضح أن لا شئ يمنع وصول اللجنة إلى المنطقة الا العجز الحكومي في تمويل عمل اللجنة التي يقودها الوزير مناوا بيتر المقرب من النائب الأول، وينوب عنه الوزير رزق زكريا حسن المقرب جدا من رئيس الجمهورية، ورغم قربهما تفشل اللجنة في التحرك رغم ان أمر تكوينها صادر من رئيس الجمهورية، فلماذا لا ينفذ الأمر الصادر من فخامته ؟ ، ام ان جهة ما تريد ان تفشل اللجنة في مهمتها لتأكيد ما يشاع بان هذه اللجنة كتبت لها شهادة الوفاة لحظة الإعلان عن تكوينها .
الأستاذ مثيانق شريلو، هو رئيس تحرير صحيفة الموقف الناطقة بالعربية في جنوب السودان
________________________________________________________________________
مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية الكاتب/ة، وليست راديو تمازج