مع دخول الحرب عامها الثاني، اتسمت الحياة في بحري بالخرطوم بنقص المياه والكهرباء، إلى جانب تفشي عمليات القتل والنهب، والاعتقالات التعسفية ونقص الغذاء والخدمات.
وقد أدت هذه التحديات إلى تعطيل الحياة اليومية لسكان المدينة بشكل كامل، مما خلف عاما من المعاناة التي تحملها سكان المدينة تحت القصف المستمر.
بالنسبة للعديد من السكان، لم يكن البقاء في الخرطوم وسط النزاع خيارا، بل أجبرهم الظروف حيث لم يتمكنوا من الانتقال إلى مناطق أكثر أمانا.
الحرب دمرت سبل عيشهم، وأجبرت الشركات على إغلاق أبوابها وتركت منازل المواطنين عرضة للنهب، مما حرمهم من الموارد الضرورية للبقاء على قيد الحياة.
“منذ أن بدأت الحرب، لم نشهد وجودا يذكر للجيش السوداني في بحري”. هكذا قال محمد إبراهيم، أحد سكان حي شمبات العرضي، لراديو تمازج، وأشار إلى أن السيطرة على المدينة تقع إلى حد كبير في يد قوات الدعم السريع، خاصة في منطقة شمبات.
ورغم التحديات، لا تزال الإمدادات الغذائية متوفرة في الأسواق المركزية وحي العزبة، بفضل التجار العاملين في المتاجر المحلية.
ويعتمد العديد من السكان على الدعم المالي من أفراد الأسرة الذين تواجدون خارج لتغطية نفقاتهم.
وأكد إبراهيم، أن إمدادات الكهرباء لا تزال غير مستقرة بسبب المشاكل المتكررة في محطة الطاقة، والتي غالبا ما تتعطل بسبب الاشتباكات.
وأصبح انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة أمرا شائعا منذ بدء الحرب في أبريل من العام الماضي. كما تأثرت إمدادات المياه بشدة، مع انقطاع الخدمات منذ بداية النزاع.
ويعتمد المواطنون الآن على بئر يقع داخل مصنع مياه “ويتا” للحصول على مياه الشرب. بجانب الآبار غير المأهولة في المباني المشيدة حديثا.
وفيما يتعلق بالأمن، أشار محمد إلى انتشار سرقة المنازل والمركبات، مما أدى إلى وضع “أصبح لا يملك أحدا سيارة فيه” وقال إن حركة السكان أصبحت مقيدة، وتقتصر في المقام الأول على الحصول على الطعام ومياه الشرب.
ولفت إلى أن المستشفى الوحيد الذي يعمل هو مستشفى حاج الصافي، الذي يقدم بعض الخدمات المجانية بعد إغلاق المستشفى الدولي.
وتسيطر قوات الدعم السريع بشكل رئيسي على أجزاء مختلفة من مدينة بحري، خاصة في مناطق شمبات “الحلة والعرضي”، والحلفايا، والأزرقاب، وجنوب المدينة، بما في ذلك أحياء الدناقلة والختمية والحاج يوسف.
وأعرب عبد الغني محمد علي، أحد سكان بحري، عن أسفه للتأثير المدمر للحرب على المنطقة، مشيرا إلى ندرة المياه الشديدة والوجود المكثف لقوات الدعم السريع منذ بداية النزاع. وقال “اضطر السكان إلى الفرار بسبب الانتهاكات والنهب والقصف العشوائي”.
وأشار إلى أنه “منذ بدء الحرب، لم تتلق بحري أي مساعدات غذائية أو إنسانية، مما أدى إلى تفاقم نقص المياه”. ولفت إلى أن السكان يعتمدون الان على الآبار المؤقتة لمياه الشرب ويخاطرون بجلب المياه من النهر خوفا من الهجمات من اتجاه أم درمان.
وأشار عبد الغني، إلى إغلاق المستشفى الدولي الذي تم استهدافه قبل 25 يوما فقط، مما أدى إلى زيادة تفشي الأمراض والكوارث البيئية في مناطق مثل الشعبية جنوب وشمال والمزاد وحلة خوجلي والدناقلة، ما يثير مخاوف بشأن احتمال انتشار الأوبئة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل شمبات الحلة.
وأوضح أنه يتم إدخال المواد الغذائية والإمدادات من منطقة الحاج يوسف، في حين أن الكهرباء مقطوعة منذ أكثر من عام من منطقة “المؤسسة” وصولا إلى المناطق المحيطة بكبري المك نمر جنوبا. وتشهد مناطق شمال المؤسسة انقطاعات للكهرباء، ما يسبب تحديات في تخزين الأدوية، خاصة لمرضى السكري.
كما سلط الضوء على سرقة الألواح الشمسية، مما أدى إلى تفاقم الوضع من خلال التأثير على حفظ الأدوية وشحن الهواتف، وهو أمر ضروري للعديد من سكان البحري خلال هذه الأوقات الصعبة، وفق حديثه.
ويرسم محمد عثمان أحمد، عضو مكتب التموين والمياه بغرفة طوارئ بحري، صورة قاتمة للوضع في بحري، واصفا إياه بـ “السيء للغاية”. وعلى الرغم من بعض الاستقرار الأمني، فقد أودى القصف العشوائي بين الحين والآخر بحياة العديد من الأشخاص، بما في ذلك حادث مأساوي حيث قتلت قذيفة رجلا وزوجته وأصابت ابنتيهما بجروح خطيرة في حي الديوم، حسب ما أفاد به محمد عثمان لراديو تمازج.
وأوضح أن المواطنين يعتمدون على المطابخ الجماعية في وجباتهم الكاملة، حيث تخدم غرفة الطوارئ نحو 35 ألف شخص والتي تقدر بنحو 6 آلاف أسرة من خلال 77 مطبخا منتشرة في أنحاء المدينة وأطرافها.
وأشار إلى خطط لزيادة عدد المطابخ إلى 80 مطبخا، بدعم يأتي في المقام الأول من الجهات المانحة والشركاء، على الرغم من انقطاع شبكات الاتصالات.
وفيما يتعلق بتوزيع المواد الغذائية، أشار أحمد إلى أن الإمدادات إلى جنوب ووسط بحري تأتي من منطقة الحاج يوسف بسبب انخفاض الأسعار في سوق “ستة”. لكنه قال إن الأسواق الداخلية تعمل بأسعار مرتفعة، مما دفع المتطوعين للمخاطرة بجلب الإمدادات من منطقة الحاج يوسف رغم التحديات المتمثلة في احتمالية التعرض للنهب والسرقة.
وأكد أن المطابخ تقدم وجبتين يوميا مع نوعين من الطعام “الفول والعدس”، وقال إن في حالة توقف المطابخ الجماعية عن العمل، فمن المرجح أن تضرب المجاعة البحري.
وناشد المتحدث باسم غرفة الطوارئ، محمد عثمان، فتح ممرات آمنة لتأمين حياة العاملين في المطابخ الجماعية، تقديرا لمساهمتهم الإنسانية الكبيرة.