رأي:الحرب – المليجيشية فى السودان – حرب على أجساد النساء! المطلوب من كل ذوي الضمائر الحية عدم التسامح مع العنف الجنسي

تشير كل الحقائق والأدلة الموثقة، إلى أنّ قوات الدعم السريع احتفظت لنفسها بنصيب الأسد فى العنف الموجه ضد النساء، وفى الإعتداء على أجساهدن، ضمن أسلحتها المستخدمة فى الحرب، فتفنن “الأشاوس” فى عمليات “اختطاف النساء والفتيات، واحتجازهن فى ظروف أشبه بالعبودية، واستغلالهن جنسياً، وتزويجهن قسرياً،

مدار أوّل:

“وعي الرجل يُنقذه وحده.. وعي المرأة، يُنقذ العالم” ((نجيب محفوظ))

-1-

مرّ اليوم الخامس والعشرين من شهر نوفمبر (25 نوفمبر)، وهو اليوم الذي يحتفل فيه العالم بـ(اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة) – مرّ هذا اليوم المجيد، وما زالت البلاد غارقة فى الدماء – وبخاصةً دماء النساء – بسبب الحرب “المليجيشية” الكارثية التي مازال يدور رحاها بين (الدعم السريع والجيش)، تلك الحرب الشريرة التي تفجّرت بين الطرفين فى 15 أبريل 2023، لتدمّر خيرات البلاد، وتزيد – بصورة خاصة – معاناة النساء والفتيات السودانيات، باستخدام العنف الجنسي سلاحاً ضد النساء، وتجعل أجساد النساء ساحات للمعارك والانتقام.

-2-

تشير كل الحقائق والأدلة الموثقة، إلى أنّ قوات الدعم السريع احتفظت لنفسها بنصيب الأسد فى العنف الموجه ضد النساء، وفى الإعتداء على أجساهدن، ضمن أسلحتها المستخدمة فى الحرب، فتفنن “الأشاوس” فى عمليات “اختطاف النساء والفتيات، واحتجازهن فى ظروف أشبه بالعبودية، واستغلالهن جنسياً، وتزويجهن قسرياً، واحتجازهن للحصول على فدية”، فى المناطق التى تسيطر عليها قوات الدعم السريع فى الخرطوم الكبري، ودارفور، كما فى مناطق أخري خارج دارفور، وقد وثّقت هذه الانتهاكات الجنسية الجسيمة، مؤسسات أممية محترمة، ومنظمات دولية مشهود لها بالمصداقية والنزاهة، ومنظمات وطنية شهدت على العنف الموجه ضد النساء والفتيات، وفى المقابل، يتواصل الإنكار من قيادات الدعم السريع، ومستشاريهم، فيتشدّق بعضهم بعبارات جوفاء، لا تغني، ولا تسمن من جوع، ليتأكد المثل السوداني الصميم: ” الشينة منكورة”، وليتهم آثروا الإعتراف، لأنّ الإعتراف بالذنب فضيلة !. 

-3-

نقول هذا بالصوت العالي، دون أن نقع فى فخاخ تبرئة الأطراف المنتهكة الأُخري المشاركة فى النزاع، من العنف الموجه ضد النساء والفتيات، وقد وُجدت عناصر تابعة لوحدات من “كتائبها” و”عناصرها” و”منسوبيها” غارقة من أعلى رأسها، وحتّى أخمص قدميها فى جرائم العنف الموجه ضد النساء، وما قامت به قوات وجماعات ومليشيات تابعة لطرفي النزاع خير برهان، على أنّ هذه الحرب الهمجية، استهدفت النساء وأجساد النساء، وهناك شهادات موثقة من ناجيات من العنف، والعنف الجنسي، أشارت بوضوح إلى اعتداءات واعتداءات جنسية، قام بها أفراد من القوات المسلحة، ومجموعات من قوات “عقّار”، فى العاصمة المثلثة، بجانب المليشيات التابعة للطرفين فى دارفور، وكل تلك الانتهاكات مؤكّدة وموثقة، وتُشكّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا – ولن – تسقط بالتقادم، طال الزمن أم قصُرّ !.   

 -4-

 أبدت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحددة انزعاجها من التقارير والشهادات الموثقة، عن العنف الجنسي، وأكدت قلقها على مصير النساء والفتيات، ومن قبل ومن بعد أكدت شهادات الناجيات، تلك الفظائع التى تتعرض لها النساء فى كل المناطق التى تسيطر عليها قوات الدعم السريع، إذ ما عاد كافياً – مجرّد – النفي المجاني الذي يصدر عن بعض مستشاري قوات الدعم السريع، لذر الرماد عن العيون، لتغطية تلك الإنتهاكات الممنهجة، وما عاد الحديث الممجوج عن لجان تحقيق، ومحاكم ميدانية “جنجويدية” مجدياً.. كل هذا – وغيره – يجعل من التحقيق الأممي المستقل، أمر هام مُرحّب به، ومطلوب بشدة، فى مثل هذه الظروف الإستثنائية، حيث لا قضاء مستقل، ولا نيابات فاعلة، وفى غياب تام لأجهزة شُرطية، تقوم بواجب حماية النساء من هذا العنف والعنف الجنسي ضد النساء.  

-5-    

صحيح، أنّ النساء هن ضحايا الحرب “المليجيشية”، التى يصنعها الرجال، ولكن، ستبقى النساء مقاتلات ومناضلات فى سبيل وقف الحرب، وتحقيق السلام ولكن، لن يخضن المعركة منفردات، وسنبقى نحن الرجال المؤمنين بالعدالة النوعية وبالمساواة النوعية، نناضل مع أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتها وبناتنا، وزميلاتنا فى حركة حقوق الإنسان السودانية، وزميلاتنا فى الفضاء العام، نمضي – معاً، وكتفاً بكتف – فى الطريق الذي اخترناه، حتى تحقيق شعارات الثورة المجيدة، بشعاراتها الثلاثة (حرية.. سلام.. وعدالة).. وسنخوض مع النساء السودانيات، معركة وحملة الستة عشر يوماً التى بدأت فى 25 نوفمبر ((اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة))، حتّى يوم 10 ديسمبر ((اليوم العالمي لحقوق الإنسان))، لتحقيق كل الأجندة المطروحة لمناصرة قضايا المرأة.  وحتماً، لن تمر الجرائم المرتكبة ضد النساء، دون حساب، ولن يستمتع الجناة بالافلات من العقاب، فى الجرائم المرتكبة ضد النوع والنوع الإجتماعي، وهذه الرسالة التي يجب أن تصل للجناة..

-6-

سيبقي اليوم الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام، يوماً عزيزاً على النساء السودانيات، وكافة النساء اللواتي شاءت الأقدار أن يكنّ فى السودان، وستواصل النساء السودانيات داخل السودان، والنساء النازحات والمهجرات واللاجئات نضالهن فى قلب معركة الدفاع عن حقوق النساء، بدءاً من حقّهن فى الحياة، مروراً بحقهن فى التعليم والصحة والصحة النفسية وحقهن فى السلام والإطمئنان والأمان. وستقود النساء السودانيات الركب للسير بمسيرة إستكمال الثورة السودانية، بذات الحماس الذى شهده العالم، وشهد له، فى نضالات النساء السودانيات، وتقدمهن الصفوف الأمامية فى ثورة ديسمبر المجيدة.

-7-  

نخلص لنقول عن الحرب “المليجيشية” بإختصار: إنّها حرب على النساء، وحرب خاسرة تجري على أجساد النساء، والمطلوب من كل ذوي الضمائر الحية عدم التسامح مع العنف الجنسي. ومواصلة النضال فى سبيل الإنصاف، وعدم الإفلات من العقاب، فى الجرائم الموجهة ضد النساء  

 جرس أخير:

” إنّما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلّا كريم، وما أهانهن إلّا لئيم” ((النبي محمد صلى الله عليه وسلم))

فيصل الباقر

Faisal.elbagir@gmail.com   


مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية الكاتب/ة، وليست راديو تمازج