في منتصف نوفمبر من العام الماضي، أصدر رئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت، قرارا رئاسيا بإقالة وزير المالية والتخطيط الاقتصادي اطيان اطيان من منصبه، وعين السيد أقاك أشويل، خلفا له ، عقب انتقادات لاذعة وجهت للوزير المقال لفشله في سداد رواتب منسوبي الخدمة العامة التي تراكمت لنحو ٦ أشهر، إلى جانب أسباب أخرى تتعلق بفشل الوزير في تنفيذ جزء كبير من القرارات التي صدرت من قبل مجلس الوزراء.
*ومع أداء أقاك أشويل الوزير الجديد المعين حديثا في ذلك الوقت اليمين الدستوري ، تعهد أمام رئيس الجمهورية بتحقيق نقلة نوعية في الأوضاع الاقتصادية في البلاد بشكل عام ، وسداد الرواتب المتراكمة على نحو عاجل ، باعتبار الأمر أولوية ملحة في سياساته نحو تحقيق الإنعاش الاقتصادي المطلوب ، وكرر الوزير ذات التعهدات خلال مراسم استقباله من قبل منسوبي وزارة المالية ، حيث قاله أنه سيبذل قصارى جهده لتحسين الوضع الاقتصادي ودفع عجلة التنمية إلى الأمام، وصرف جميع الرواتب المتأخرة وتأهيل الكوادر في الوزارة وتوفير فرص عمل للشباب ومحاربة الفساد بالوزارة، وتقوية العملة المحلية وتطوير القطاعات الخدمية.
*ومع مرور نحو 9 أشهر من تسلمه زمام الأمور في هذه الوزارة الذي كان من قبل يشغل فيه منصب الوكيل الأول للوزارة قبل أن يقوم الوزير الأسبق استيفن ضيو داو ، بإيقافه بسبب عوامل داخلية في الوزارة ليعود بعد نحو 3 أعوام تقريبا وزيرا للوزارة ، لم يحقق الوزير التعهدات التي التزم بتحقيقها على أرض الواقع، ليحدث العكس في عهده حيث ساءت الأوضاع الاقتصادية، وفشل في تقوية العملة الوطنية أمام الدولار ، حيث انهارت قيمة العملة في عهده ، ولم يسدد الرواتب المستحقة المتراكمة، وقد ساهم الوزير في انهيار العملة عبر الشيكات التي حررتها وزارته لبعض التجار ، ففي وقت ينتظر فيه منسوبي الخدمة المدنية رواتبهم، منحت وزارته أموال طائلة للتجار بدلا من أن يسدد الرواتب المستحقة المتراكمة ، ليرمي بعرض الحائط التوجيهات الصادرة من رئيس الجمهورية شخصيا ، ومن مجلس الوزراء الذي كان قد عقد قبل أكثر من شهرين تقريبا اجتماعا طارئا برئاسة رئيس الجمهورية بحضور وزير المالية نفسه .
*مقارنة بحجم الرواتب المتأخرة لنحو 3 أشهر، وحجم الأموال التي منحتها الوزارة للتجار ، وأولويات الوزير كان الأجدر له أن يخصص هذه الأموال لمنسوبي الخدمة المدنية والبحث عن آليات أخرى للتجار تمكنه من سداد أموال التجار المستحقة أيضا، وتلك الآليات تكمن في أدنى مستوى أن يركز الوزير على قطاع النفط ويضغط وزارة البترول بضرورة زيادة إنتاج النفط في الوقت الذي تضاعفت فيها قيمة برميل النفط في الأسواق العالمية ، وهذا لم يحدث لأنه طوال الأشهر الفائتة لم نرى الوزير يقف ميدانيا على الأوضاع في مناطق إنتاج النفط، بل ظلت تصريحاته بشأن سداد الرواتب المستحقة مجرد سراب حطم به أمال عريضة كانت تراود منسوبي الخدمة العامة.
*ومع تعقد الأوضاع داخليا واستمرار السلع الاستهلاكية في الارتفاع بسرعة جنونية ، تعجز الوزارة أيضا في تحسين شكل الحكومة إقليميا، بالرغم من التوجيهات الصادرة بسداد التزامات العضوية في الكيانات الإقليمية لم يحدث أي شيء ، وإنما سمعنا تصريحات للبرلمانية في تجمع دول شرق إفريقيا الدكتورة أن أيتو ، تتحدث عن ” العار ” الذي يدفعها هي وبقية زملائها في البرلمان الإقليمي من اختيار الغياب عن بعض المداولات المهمة في التجمع الإقليمي، وكذا الحال بالنسبة لمنظمة الإيقاد التي حرمت البلاد من بعض الوظائف المهمة والبرامج التنموية التي تستفيد منها بقية الدول المنضوية في المنظومة والتي تزداد التزاماتها المالية السنوية ، بينما يعجز الوزير عن تحقيق الأمر، وفي ذات الوقت يجعل الرواتب متراكمة ، فهو لا يدفعها ولا يغسل القليل من العار على صورة البلاد إقليميا ، وفي ظل كل هذا يتساءل الجميع إلى أين يقودنا هذا الوزير ؟ .
الأستاذ مثيانق شريلو، هو رئيس تحرير صحيفة الموقف الناطقة بالعربية في جنوب السودان
مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية الكاتب/ة، وليست راديو تمازج