قالت “هيومن رايتس ووتش” في تقرير صدر “الخميس”، إن الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور السودانية، في الفترة من أبريل إلى نوفمبر 2023، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن آلاف الأشخاص وتركت مئات الآلاف لاجئين.
ووفقا للمنظمة الحقوقية، فقد تم ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب واسعة النطاق في سياق حملة وصفها بتطهير عرقي ضد قبيلة “المساليت”، وغيرها من السكان غير العرب في الجنينة وحولها.
ووثق التقرير المؤلف من 218 صفحة بعنوان “المساليت لن يعودوا إلى ديارهم”، عمليات التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية في الجنينة بغرب دارفور.
وقال التقرير إن أن قوات الدعم السريع وهي قوة عسكرية مستقلة في صراع مسلح مع الجيش السوداني، والميليشيات العربية المتحالفة معها، و”الجبهة الثالثة”، وهي جماعة مسلحة، استهدفت أحياء الجنينة التي تسكنها أغلبية من المساليت، في موجات متواصلة من الهجمات في الفترة من إبريل إلى يونيو، وتصاعدت الانتهاكات مرة أخرى في أوائل نوفمبر، وارتكب المهاجمون انتهاكات خطيرة، من التعذيب والاغتصاب والنهب، وفر أكثر من نصف مليون لاجئ من غرب دارفور إلى تشاد منذ أبريل 2023 وحتى أواخر أكتوبر 2023، كان 75 بالمائة منهم من الجنينة.
وقالت تيرانا حسن المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش: “بينما يستيقظ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والحكومات على الكارثة التي تلوح في الأفق في الفاشر، ينبغي النظر إلى الفظائع واسعة النطاق التي ارتكبت في الجنينة على أنها تذكير بالفظائع التي يمكن أن تحدث في غياب عمل منسق، وعلى الحكومات والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة التحرك لحماية المدنيين”.
ووفقا للمنظمة الحقوقية، تم استهداف المساليت وغيرهم من المجتمعات غير العربية بصورة واضحة لإجبارهم على مغادرة المنطقة بشكل دائم على الأقل، وأن ذلك يشكل تطهيرا عرقيا.
وتابع: “عمليات القتل واسعة النطاق يثير احتمال أن تكون لدى قوات الدعم السريع وحلفائها نية لتدمير المساليت كليا أو جزئيا في غرب دارفور، مما قد يشير إلى حدوث إبادة جماعية أو جاري حدوثها”.
وبحشب التقرير ما بين يونيو 2023 وأبريل 2024، قابلت هيومن رايتس ووتش، أكثر من 220 شخصا في تشاد وأوغندا وكينيا وجنوب السودان، وكذلك عن بعد، وقام الباحثون بمراجعة وتحليل أكثر من 120 صورة ومقطع فيديو للأحداث، وصور الأقمار الصناعية، والوثائق التي شاركتها المنظمات الإنسانية لتأكيد روايات الانتهاكات الجسيمة.
ووصف طفل يبلغ من العمر 17 في التقرير، مقتل 12 طفل و5 بالغين، وان تم جمع الأطفال وأطلقوا عليهم النار، وألقوا بجثثهم في النهر.
وقال التقرير أن مع استمرار الهجمات فر عشرات الآلاف من المدنيين الذين حاولوا العبور إلى تشاد، تاركين الريف مليئا بالجثث، وأن مقاطع الفيديو المنشورة أظهرت حشودا من المدنيين يركضون للنجاة بحياتهم على الطريق الذي يربط الجنينة بتشاد.
كما وثقت هيومن رايتس ووتش، مقتل السكان العرب ونهب الأحياء العربية على يد قوات المساليت، واستخدام القوات المسلحة السودانية للأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان بطرق تسببت في ضرر غير ضروري للمدنيين والأعيان المدنية.
واشار التقرير إلى تعرضت النساء والفتيات للاغتصاب وأخضعن لأشكال أخرى من العنف الجنسي، وتعرض المعتقلون للتعذيب وسوء المعاملة، وأن المهاجمون يدمرون بشكل منهجي البنية التحتية المدنية الحيوية.
وقال هيومن رأيتس ووتش إن احتمال ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في دارفور يتطلب تحركا عاجلا من الجميع “الحكومات والمؤسسات الدولية لحماية المدنيين، مع ضمان إجراء تحقيقات، وتقديم المسؤولين عن الجرائم إلى العدالة”.
وحددت هيومن رايتس ووتش، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وشقيقه عبد الرحيم حمدان دقلو، وقائد قوات الدعم السريع بغرب دارفور، جمعة بركة الله، باعتبارهم من يتحملون مسؤولية قيادة القوات التي نفذت هذه الجرائم.
كما ذكرت أن حلفاء قوات الدعم السريع، بمن فيهم قائد حركة تمازج المسلحة” وإثنين من زعماء القبائل العربية، ويتحملون المسؤولية عن المقاتلين الذين ارتكبوا جرائم خطيرة.
وقال حسن: “إن التقاعس العالمي في مواجهة الفظائع بهذا الحجم أمر لا يغتفر، وينبغي للحكومات أن تضمن محاسبة المسؤولين عن ذلك، بما في ذلك من خلال فرض عقوبات مستهدفة وتعزيز التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية”.