قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم الخميس، إن قوات الأمن السودانية تحتجز بشكل غير قانوني مئات المتظاهرين منذ ديسمبر/كانون الأول 2021 وتخفي العشرات قسرا في إطار حملتها الواسعة ضد معارضي انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول العسكري.
وقالت “هيومن رايتس ووتش، في تقريرصدر اليوم “الخميس” إن قوات الأمن ضربت المتظاهرين المحتجزين وأساءت معاملتهم، بما يشمل تعرية الأطفال المحتجزين وتهديد النساء بالعنف الجنسي.
وطالبت المنظمة الحقوقية السلطات السودانية بالإفراج عن جميع المحتجزين بشكل غير قانوني، بمن فيهم المخفيون قسرا، وأن على شركاء السودان الدوليين فرض عقوبات فردية تستهدف المسؤولين عن القمع.
وقال محمد عثمان، باحث السودان في هيومن رايتس ووتش: “يُشكّل الاستهداف الوحشي للمتظاهرين محاولة لبثّ الخوف، وقد أفلت إلى حد كبير من الرقابة الدولية. على مدى شهور، انتهكت قوات الأمن واحتجزت بشكل غير قانوني مئات الأشخاص، بمن فيهم الأطفال، الذين يُعبَّرون عن معارضتهم للحكم العسكري”.
في 25 أكتوبر/تشرين الأول، قاد قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان انقلابا عسكريا ضد حكومة السودان الانتقالية وأعلن حالة الطوارئ. في 26 ديسمبر/كانون الأول، أصدر أمرَ طوارئ يمنح قوات الأمن الحصانة وأعاد صلاحيات الاعتقال إلى “جهاز المخابرات العامة”.
واشارت المنظمة أن منذ أعاد البرهان صلاحيات الاعتقال إلى المخابرات، تصاعدت الاعتقالات التعسفية للمتظاهرين. ووجدت هيومن رايتس ووتش أن السلطات تسيء استخدام سلطات الطوارئ لتنفيذ اعتقالات غير قانونية، منها الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي.
وأوضحت المنظمة أن بين فبراير/شباط وأبريل/نيسان 2022، قابلت هيومن رايتس ووتش 25 شخصا، ثمانية رجال و17 امرأة، بينهم ثمانية معتقلون سابقون، وأقارب 13 محتجزا من الخرطوم، ومدني في وسط السودان، وبورتسودان في الشرق، والفاشر في دارفور. كما قابلت هيومن رايتس ووتش أربعة محامين معنيين بحماية المتظاهرين، منهم اثنين من “مجموعة محامي الطوارئ”، وهي مجموعة غير رسمية قدمت المساعدة القانونية المحتجزين وتدافع عنهم منذ الانقلاب.
في أوائل مارس/آذار، أفاد “مكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان” في السودان أن أكثر من ألف شخص اعتُقلوا بين 25 أكتوبر/تشرين الأول و3 مارس/آذار، منهم 148 طفلا.
بحسب التقرير وجدت هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن استهدفت الأشخاص الناشطين أو الذين يُعتقد بأنهم ناشطون في حركة التظاهر. اعتُقل بعضهم أثناء المظاهرات أو بعدها مباشرة، بينما اعتُقل آخرون من الشوارع، أو من سياراتهم، أو منازلهم.
كما نفذت أقسام مختلفة من قوات الأمن اعتقالات، بمن فيها شرطة مكافحة الشغب، و”شرطة الاحتياطي المركزي”، ووحدات عسكرية تابعة للقوات المسلحة السودانية، بالإضافة إلى عملاء مجهولين بملابس مدنية.
وقالت المنظمة الدولية أن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان أفاد أنه حتى 22 مارس/آذار، أبلغت 16 امرأة عن تعرضهن للاغتصاب أثناء الاحتجاجات في الخرطوم.
واشار التقرير أن قوات الأمن أساءت معاملة الأطفال، بما في ذلك مزاعم تعريتهم وحلق رؤوسهم جزئيا. قالت العائلات التي تمت مقابلتها إنها تعرضت للترهيب لإسقاط شكاوى محتملة ضد قوات الأمن. قالت والدة طفل في مدني إنها وجدت ابنها (16 عاما) في مركز للشرطة بعدما حضر احتجاجا في 13 ديسمبر/كانون الأول: “رأيت ابني ينزف وقد ضُرب بشدة. كان عاري الصدر. عندما طلبت فحصا طبيا لابني، قالت لي الشرطة: “سنطلق سراح ابنك دون توجيه اتهامات، لكنكِ لن ترفعي علينا دعوى”.
وقالت هيومن رايتس ووتش انها وجدت أن قوات الأمن بشكل عام تحتجز المتظاهرين في منشآت للشرطة أو في أماكن غير معلنة قبل نقلهم إلى السجن، لكن دون تقديمهم أمام محكمة أو وكيل نيابة.
وقال أربعة معتقلين احتُجزوا بين أسبوعين وأربعة أسابيع في سجنَيْ سوبا وأم درمان في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط إنهم حُرموا من الزيارات العائلية والاتصال بمحامين.
وقال محاميان يعملان في قضايا المحتجزين إن السلطات التي لديها مسؤوليات الإشراف على الاحتجاز، بما فيها مكتب النائب العام، غالبا ما تنكر معرفة بأمر المحتجزين، أو ترسل العائلات إلى مؤسسات أخرى للحصول على معلومات. يمكن أن يُشكّل رفض الإقرار باحتجاز شخص ما أو الكشف عن مكانه في الحجز إخفاءً قسريا، وهي جريمة بموجب القانون الدولي.
وقال محام ومعتقلان سابقان تمت مقابلتهم إن الأوامر في الخرطوم باحتجاز شخص ما، أو تمديد احتجازه، أو إطلاق سراحه تُدار فيما يبدو من خلال اللجنة الأمنية المشتركة للولاية، والتي تضم ممثلين من جميع القوى الأمنية ويرأسها حاكم ولاية الخرطوم بالوكالة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على شركاء السودان الضغط على الجيش لوقف الاعتقالات، والسماح للمراقبين المستقلين بالوصول إلى مواقع الاحتجاز، وإلغاء سلطات الطوارئ التعسفية المستخدمة لتبرير هذه الانتهاكات.
وقال عثمان: “هذه الحملة المنظمة من الاحتجازات غير القانونية التي تهدف إلى خنق حركة المقاومة لن تتوقف دون ضغط مشترك ومنسق. على المجتمعات الإقليمية والدولية ألا تغفل عن مطالب المتظاهرين بحكم مدني يحترم الحقوق، وعليها أن تتخذ تدابير ملموسة لمحاسبة من يقودون القمع”.