قال المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى السودان توم بيرييلو، الذي يقوم بجولة في منطقة شرق أفريقيا، في حوار مع راديو تمازج: “إنه لا يمكن لأي من الطرفين أن ينتصر في الحرب وأن الطريق الوحيد للسلام هو الحوار الشامل من قبل الشعب السوداني”.
وتناول المبعوث الخاص عدد من القضايا في الشأن السوداني لإيقاف الحرب، وخلفيته وجهود الحكومة الأمريكية لدعم السلام ووصول المساعدات الإنسانية في المنطقة، كما تحدث عن التحديات المستمرة والحاجة الملحة للتعاون الدولي لإنهاء الصراع ومعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
تم تعيين توم بيرييلو مبعوثا أميركيا خاصا للسودان في في 26 فبراير، وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: “إن توم سيعمل على تنسيق سياسة الولايات المتحدة بشأن السودان وتعزيز الجهود لإنهاء الأعمال العدائية، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم الشعب السوداني، في السعي لتحقيق تطلعاتهم إلى الحرية والسلام والعدالة”.
كما يساعد المبعوث الخاص على تمكين القادة المدنيين السودانيين ودفع مشاركة الولايات المتحدة مع الشركاء في إفريقيا والشرق الأوسط والمجتمع الدولي لصياغة نهج موحد لوقف الصراع الذي لا معنى له، ومنع المزيد من الفظائع، وتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبت بالفعل خلال الحرب المستمرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع”.
إليكم تفاصيل الحوار مع راديو تمازج
س: في البدء هل يمكنك أن تعرفنا عن نفسك أكثر؟
ج: أنا توم بيريلو، ناشط اجتماعي مدفوعا بالرغبة في مساعدة الآخرين، ولدت في تشارلز هيل- فيرجينيا، التي تقع على بعد بضع ساعات من واشنطن العاصمة، ونشأتُ وسط عائلة غرست فيه قيم الإمتنان والخدمة، وينحدر والدي من أصول إيطالية مهاجرة، بينما تعود أصول أمي إلى أيرلندا، ولقد شكلت هذه الخلفية المتنوعة شعورا عميقا بالمسؤولية تجاه مساعدة أولئك الذين لم يحظوا بنفس الفرص التي حظيت بها.
بدأت مسيرتي المهنية في مجال قضايا العدالة، مدفوعا بمشاعر مختلطة من الشعور بالذنب والرغبة في إحداث تغيير إيجابي، وكانت نقطة التحول بالنسبة لي هي العمل مع نساء السوق ومجموعات المجتمع المدني في سيراليون خلال السنة العاشرة من الحرب الأهلية المدمرة.
على الرغم من أن العالم تخلى عن سيراليون، معتقدا إنها ستظل منطقة حرب إلى الأبد، إلا أن إصرار هؤلاء النساء على المشاركة في عملية السلام وإصرارهم على المطالبة بحقوقهن ألهمني بشكل عميق، ولقد كان من دواعي شرفي أن أكون جزءا من هذه الرحلة، وشهدت على قدرة تلك البلاد على التغلب على ماضيها المليء بالصراعات وكسر حلقة العنف والإفلات من العقاب.
منذ ذلك الحين، كرست حياتي المهنية لدعم وتمكين الأفراد، وخاصة النساء والشباب، في جميع أنحاء العالم، ومساعدتهم على تحقيق إمكاناتهم الكاملة و إحداث فرق إيجابي في مجتمعاتهم.
س: هل يمكن أن تخبرنا عن جولتك الأخيرة حول مناطق شرق إفريقيا، وما الذي يجعل هذه الرحلة مختلفة عن سابقتها؟
ج: منذ توليّ منصبي كمبعوث الولايات المتحدة إلى السودان، أكد كل من الرئيس بايدن والوزير بلينكن على ضرورة إيلاء احتياجات الشعب السوداني الأولوية، ولتحقيق ذلك بفعالية، كان لا بد من الاستماع مباشرة إلى أصوات السودانيين، خاصة أولئك الذين تعرضوا للتهميش، مثل النساء والشباب.
وخلال جولتي الأخيرة في شرق إفريقيا، حرصت على التواصل مع اللاجئين السودانيين في مصر وكينيا وأوغندا، والاستماع إلى قصصهم، كما استخدمنا وسائل التواصل الرقمي للتواصل مع السودانيين داخل بلدهم، من الخرطوم وأم درمان وحتى نازحين في معسكر زمزم، لفهم تجاربهم بشكل أفضل.
من خلال هذه المحادثات، برزت رسالة واضحة بشكل متكرر أن هناك حاجة ماسة لإنهاء الحرب وضمان وصول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والدواء، إلى جميع أنحاء السودان، وهذه رسالة توحد الشعب السوداني، على الرغم من الجهود المبذولة لتقسيمه،وأن الدعوة للسلام والمساعدات الإنسانية هي المطلب الأقوى والأكثر ثباتا الذي سمعته من الشعب السوداني.
كما أظهرت هذه الجولة بوضوح أن الشعب السوداني يتوق إلى السلام والعدالة والازدهار، وأن رسالتهم القوية والموحدة هي إنهاء الحرب وتوفير المساعدات الإنسانية، والتزامي هو مواصلة العمل مع السودانيين وشركائنا الدوليين لتحقيق هذه الأهداف.
س: منذ اندلاع الحرب في السودان، لم تركز الولايات المتحدة بشكل كبير على السودان، لماذا تغير ذلك الآن؟
ج: لم يُهمل السودان إطلاقا من قبل الولايات المتحدة، لكن ما تغير الآن هو وجود فهم متزايد من قبل حلفائنا في المنطقة والعالم لحجم الأزمة في السودان وخطورتها،
ويُعزى هذا الاهتمام المتنامي للأسف إلى التدهور المستمر للوضع في السودان، ولم يعد الصراع يُؤثّر على الشعب السوداني فقط، بل على المنطقة بأكملها، و تشهد تدفقا هائلا للاجئين، وخطيرة في الخطاب الاستقطابي، وانخراط متزايد للمجموعات العرقية في الصراع عبر الحدود، بالإضافة إلى ذلك، تتدخل المزيد من الجهات الفاعلة والحكومات الأجنبية في الصراع دون مراعاة للمصالح الإستراتيجية للسودان.
نتيجة لذلك، تحولت هذه الأزمة من قضية سودانية داخلية إلى قضية إقليمية ذات تداعيات واسعة النطاق، ولهذا السبب، اجتمع حلفاء من أفريقيا والاتحاد الأفريقي والخليج وأوروبا للمطالبة بإنهاء الحرب، ويمثل هذا التحالف السياسي الموحد تحولا هاما مقارنة بالوضع قبل عام.
وبالتالي تُظهر هذه التطورات بعد تحول الأزمة السودانية من قضية محلية إلى قضية إقليمية ذات أبعاد واسعة، لذا تكثفت الجهود الدبلوماسية من قبل حلفاء الولايات المتحدة في أفريقيا والاتحاد الأفريقي والخليج وأوروبا لدفع عملية السلام بالسودان.
س: ما الذي توصلت إليه خلال جولتك الأخيرة بالمنطقة بخصوص العوامل التي من الممكن أن تساهم في إنهاء الحرب في السودان، خاصة من قبل دول الجوار؟
ج: تبرز رسالة واضحة من مختلف أنحاء أفريقيا والخليج، مفادها أن الصراع في السودان لا يمكن حسمه عسكريا، وأن أي انتصار حاسم لأي طرف أمر مستبعد، لذا، فإن السبيل الوحيد للمضي قدما هو التوصل إلى حل تفاوضي ينقل السلطة إلى حكومة مدنية، ويجب أن تتضمن هذه العملية إنشاء جيش موحد ومهني وخاضع للمساءلة، وهو أمر ضروري لاستقرار السودان على المدى الطويل، وبالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ماسة للغذاء والدواء في جميع أنحاء المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، والمنطقة المحايدة، ومخيمات اللاجئين.
س: في شهر مارس، أعلنتم عن محادثات سلام تعقد بعد شهر رمضان، لكنها لم تتم بعد، ويترقب الملايين من السودانيين بفارغ الصبر تحديثا حول موعد انعقاد المفاوضات والقضايا التي ستُناقش فيها؟
ج: أودّ أن أؤكد أنّ مفاوضات جدة لا تزال قائمة، ونحن على تواصل دائم مع المدنيين السودانيين الذين ينادون بالسلام، وتُشكل هذه الاتصالات جزءا لا يتجزأ من مسار جدة، كما إننا نعقد اجتماعات مع الاتحاد الأفريقي والمملكة العربية السعودية، الذين يبذلون جهودا حثيثة لحث جميع الأطراف على الالتزام بعملية السلام.
أتفهم شعور السودانيين بالإحباط لعدم تحديد موعد محدد للمحادثات الرسمية، وأودّ أن أؤكد لكم أن العمل في جدة مستمر بوتيرة عالية، وإن المشاركة المدنية والدعوة إلى إنهاء الحرب واستعادة الحكم الدستوري هي أمور ذات أهمية قصوى.
وتجدر الإشارة إلى أن جدة تُمثل عنصرا واحدا فقط من خطة شاملة للسلام والديمقراطية في السودان، وتشمل هذه الخطة الحوار السياسي الشامل وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، ونحن نسعى جاهدين لعقد هذه المحادثات الرسمية في أقرب وقت ممكن.
س: أعلن قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، مرارا وتكرارا رفضه التفاوض مع قوات الدعم السريع قبل تحقيق النصر. ما موقف الولايات المتحدة من تصريحات البرهان؟
ج: نُدرك تماما أن الحل العسكري للصراع في السودان غير ممكن لأي من طرفي النزاع وأن التصريحات التي يدلي بها القادة العسكريون، شأنها شأن تصريحات السياسيين الموجهة إلى أنصارهم، وتهدف في المقام الأول إلى حشد الدعم، لكن الواقع على الأرض مختلف تماما، كما يتضح من الوضع الهش للغاية في الفاشر، إن النتيجة الإيجابية الوحيدة في هذه المرحلة هي إنهاء قوات الدعم السريع للحصار، مع تجنب القوات المسلحة السودانية لأي استفزازات، واستمرار المعركة سيُلحق خسائر فادحة بكل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، ولكن الشعب السوداني سيكون الخاسر الأكبر في نهاية المطاف.
ولذلك، هناك زخم متزايد نحو التوصل إلى اتفاق سلام، لأنّه لا يزال هناك قادة وطنيون يهتمون بوحدة السودان وسيادته ومستقبل الجيش كمؤسسة وأنا على ثقة بأن هذه المحادثات يمكن أن تُفضي إلى إرساء سودان قوي ومستقر، ولكن الشعب السوداني هو من سيحدد مسار مستقبله في النهاية.
س: هناك أنباء عن جهات داخل المنطقة وخارجها تدعم أطراف الصراع السوداني، ماذا تفعل الولايات المتحدة حيال هذا؟
ج: رسالتنا واضحة، وهي أن على الدول أن تتوقف عن تأجيج الحرب وتسليح طرفي القتال، ويجب عليهم أن يشاركوا بشكل استباقي في عملية السلام، وإن هذه البلدان مدينة للشعب السوداني بالانسحاب من الصراع والمساعدة في ضمان إنهاء الحرب، مما يسمح للشعب السوداني باستعادة مستقبله.
ويبدو أن بعض البلدان ترغب في التحول إلى شركاء في السلام، ونحن نعمل على زيادة الضغط على أولئك الذين يواصلون لعب دور سلبي، بما في ذلك المقاتلون الأجانب، وعندما التقيت بالسودانيين، بما في ذلك الموجودين داخل البلاد، كان هناك شيء واحد واضح، هو أنهم يريدون ترك السودان بمفرده و يحدد مستقبله، وسوف يتذكر السودانيون الدول التي غذت الحرب وأيها ساعدت في تحقيق السلام، وما زال الوقت متاحا أمام كافة دول المنطقة لكي توضح أنها جزء من الحل.
س: هناك أصوات بين اللاجئين السودانيين تقول إنهم مستبعدون من عملية السلام في السودان، هل تعتقد أن هناك اعتبارا لهم ليكونوا جزءا من المفاوضات؟
ج: أعتقد أنهم بالفعل جزء من العملية، نحن نفكر في جدة بشكل مختلف عن الآخرين، جدة مكان، ولكنه يتعلق أيضا بخلق الإرادة السياسية لإنهاء الحرب في السودان، وفي كل مرة نرى الشجاعة المذهلة للمدنيين السودانيين في مخيمات اللاجئين والنازحين يتحدثون بصوت عالٍ، فهم جزء من جدة وعملية السلام الأوسع، حيث يشكل المدنيون السودانيون القوة الدافعة وراء عملية جدة والاتفاق الشامل الأوسع، الذي يهدف إلى إشراكهم في عملية انتقالية متعددة السنوات نحو عملية سياسية شاملة، وأصواتهم تشكل أولوياتنا كل يوم، وفي حين أن الجهود موجودة، فإن ما يهم الناس أكثر هو النتائج، وعلى الرغم من أننا لم نحقق الهدف المطلوب، إلا أننا نعمل جاهدين لتحقيق نتائج ذات معنى.
س: منذ تعيينك، لم تقم بزيارة السودان مطلقا، وهناك تقارير غير مؤكدة تفيد بأنه تم رفض حصولك على تأشيرة لدخول السودان. هل يمكنك إلقاء المزيد من الضوء على هذا؟
ج: خلال زيارتي للمخيمات في تشاد، تمكنت من القيام ببعض الخطوات داخل السودان، في مناطق غرب دارفور، وقد كانت أول زيارة بعد سنوات عديدة، أنا حريص على السفر إلى جميع أنحاء البلاد.
لقد بدأنا عملية الحصول على تصريح للرحلة والتأشيرات، وتواصلنا مع وزارة الأمن الدبلوماسي للتحضير، ومازلنا نأمل في القيام بهذه الرحلة، وإلى أن تسمح الحكومة بذلك، سنواصل الاجتماع بالسودانيين افتراضيا وأولئك الذين فروا مؤخرا من السودان، ومن المهم أن نسمع من مجموعة واسعة من الأصوات، وقد تلقيت ردود فعل إيجابية من الشعب السوداني ونحن نستمع إليها باهتمام، وحتى لو لم نتفق مع الجميع، فمن الضروري أن نستمع.
س: أصدرت الحكومة الأمريكية مؤخرا عقوبات على أفراد بسبب دورهم في الصراع فهل تعتقد الولايات المتحدة أن هذا سيقلل من العنف في السودان؟
ج: في بعض الحالات، من المحتمل أن يكون للعقوبات تأثير، لكنها لم تحقق بعد الهدف النهائي المتمثل في إنهاء الحرب، ومن المهم أن نفهم أن هذه العقوبات تستهدف الأفراد، وليس البلد بأكمله، فهي تؤثر على قدرة هؤلاء الأفراد على السفر والقيام بأعمال تجارية على مستوى العالم، وخاصة مع الكيانات المرتبطة بالنظام المالي الأمريكي.
وفي حين قد يقلل بعض المتشددين من شأن العقوبات، إلا أن لها عواقب حقيقية، ومع ذلك، فإن العقوبات وحدها ليست حلا سحريا، إنها جزء من إستراتيجية أوسع لزيادة التكاليف التي يتحملها أولئك الذين يرتكبون الفظائع ولتشجيع المشاركة في محادثات السلام، ويجب علينا أن نواصل النظر في اتخاذ تدابير إضافية لمحاسبة الجناة ودعم أولئك الذين يعملون من أجل السلام.
س: يتوقع بعض المراقبين أن يعود نظام عمر البشير السابق إلى السلطة في ظل الوضع الحالي في السودان، ما هو موقف الحكومة الأمريكية من ذلك؟
ج: السؤال الرئيسي هو ما إذا كان الشعب السوداني يريد ذلك، والجواب كان واضحا، في جميع أنحاء السودان “شماله وشرقه وغربه ووسطه” ، يعارض الناس، صغارا وكبارا، عودة مسؤولي النظام السابق أو المتطرفين إلى السلطة، إنهم يشعرون بالإهانة الشديدة من أولئك الذين يستغلون معاناتهم وضعفهم لاستعادة السلطة، على الرغم من رغبة الشعب الواضحة في قيادة جديدة.
وتقف الولايات المتحدة إلى جانب الشعب السوداني في مطالبته بمرحلة انتقالية تسمح له بتحديد مستقبله، ويجب أن تعكس العملية الانتقالية إرادة الشعب السوداني الذي رفض عودة من فقدوا أهليتهم في نظرهم.
س: تحدث راديو تمازج إلى برنامج الأغذية العالمي الأسبوع الماضي، وذكروا أن 18 مليون شخص في السودان يعانون من الجوع، ويمكن الوصول إلى 6 ملايين فقط، في حين أن 12 مليونا لا يحصلون على مساعدات، وتقطعت بهم السبل في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع أو القوات المسلحة السودانية. ماذا تفعلون للضغط من أجل وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين؟
ج: لنكن واضحين؛ الناس يتضورون جوعا لأن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، اختاروا تركهم يتضورون جوعا، وهذه المجاعة هي نتيجة اختيارات متعمدة وليست كارثة طبيعية.
بموجب القانون الدولي الإنساني، فإن القاعدة الأساسية هي أن الغذاء والدواء يجب أن يكونا متوفرين الناس، حتى في خضم الحرب، وقد اختارت القوات المسلحة السودانية إغلاق الحدود، ومنع الوصول عبر الخطوط، وإنشاء آلاف الحواجز، والتأخير، وقضايا التأشيرات لمنع وصول الغذاء والدواء إلى المحتاجين، ويتسبب هذا القرار في وفاة الناس وإصابة الأطفال بسوء التغذية.
وبالمثل، اختارت قوات الدعم السريع، حرق ونهب المحاصيل المخزنة، مما أدى إلى تدمير أي قدرة على الصمود لدى الناس، ولقد أدت هذه التصرفات التي قامت بها القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى خلق هذه المجاعة وعليهم واجب إصلاحها.
الخطوة الأولى هي اتباع المعايير الأساسية للقانون الدولي الإنساني، والتي يتم احترامها في جميع أنحاء العالم؛ ويجب السماح بدخول الغذاء والدواء، ويشمل ذلك الإمدادات الموجودة حاليا في بورتسودان والتي يمكن أن تصل إلى الناس في الخرطوم وأم درمان، لكن تعترضها الحواجز البيروقراطية، وأن الشعب السوداني يتضور جوعا بكل معنى الكلمة، ويجب على هذه القوات أن تسمح بالوصول الفوري للتخفيف من حدة الأزمة.
س: ما هي رسالتك الأخيرة؟
ج: رسالتي للشعب السوداني، ورغم وجود انقسامات سياسية، فإن الشعب السوداني متحد بشكل ملحوظ عندما يتعلق الأمر بالسلام، وكل تعامل مع الناس داخل السودان وخارجه يكشف عن نفس الرغبة؛ نهاية للحرب، وهذا لا يعني وقف إطلاق النار فحسب، بل يعني سحب القوات لتحرير المدن والمناطق.
والوصول الفوري للمساعدات الإنسانية إلى كل ركن من أركان السودان، أمر بالغ الأهمية حتى يتمكن كل امرأة وطفل ورجل من الحصول على الغذاء والدواء، وهناك حاجة لاستعادة عملية الانتقال الدستوري التي يريدها الشعب، ولم تنجح أي دولة في تحقيق هذه الغاية من المرة الأولى، وسوف يشكل الحكم المدني جزءا من مستقبل السودان.
ايضا هناك حاجة إلى جيش موحد ومحترف وخاضع للمساءلة أمام الشعب، ولا يريد الشعب السوداني أن تستخدم العناصر الفاسدة والمتطرفة هذا كطريق خلفي للوصول إلى السلطة، وهذه رسالة واضحة من الشعب السوداني، التي تشكل الأساس لخطة جدة التي تهدف إلى وقف العنف، وإن معظم الأسئلة السياسية الرئيسية تحتاج إلى إجابة من الشعب السوداني، والاتحاد الأفريقي على استعداد أن يكون شريكا عظيما في هذا الجهد، وسوف يعمل الكثير منا معه في هذا الصدد.
يجب أن يتحرر الناس من المجاعة والقصف الجوي والفظائع التي ترتكبها قوات الدعم السريع وغيرها يوميا، وهذه هي المبادئ التي ندفع من أجلها حتى قبل جدة، ولقد طلب منا الشعب السوداني، كجزء من المجتمع الدولي، أن نلتزم بهذه المبادئ، ونحن ملتزمون بالقيام بذلك.