مــقـــدمـــــــــة :
قبل التوقيع على اتفاقية السلام الشامل في 9 يناير/ كانون الثاني عام 2005 ، بين حكومة جمهورية السودان والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان في ضاحية نيفاشا بالعاصمة الكينية نيروبي عام 2005 ، حينها لم يكن هناك لجنوب السودان اي دستور مستقل تحكم به وتدار بموجبة اجهزة حكومة جنوب السودان ، ولكن بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل عام 2005 ، نصت الاتفاقية في الفصل الثاني منه في برتكول تقسيم السلطة في الجزء الثالث منه على انشا حكومة جنوب السودان على اساس الحدود الجغرافية القائمة بتاريخ 1/1/1956 ، على ان تعمل حكومة جنوب السودان وفقا لدستور جنوب السودان الانتقالي ، وتنفيذا لاحكام اتفاقية السلام الشامل كونت اللجنة الفنية لاعداد مشروع دستور جنوب السودان الانتقالي انذاك من (15) عضوا برئاسة مولانا مايكل مكوي لويث وسكرتارية د. لوكا بيونق دينق ، وقد انيطت للجنة الفنية مهمة اعداد مشروع دستور جنوب السودان لتدار بموجبه الفترة الانتقالية في جنوب السودان
ويعد الدستور بانه الركيزة الاساسية لبناء مجتمع متحضر ، مجتمع قانوني يخضع فيه الحاكم والمحكوم لحكم القانون ، ولا تاتى سيادة حكم القانون الا بالاحتكام للشرعية الدستورية التي تعتبر الضمان الاكيد لخضوع كافة السلطات لسيادة حكم القانون ، ويتوج هذا الخضوع بقضاء واع وحيادي يسهر على صون احكام القانون ، وفي مقدمتها القانون الاكبر وهو الدستور .
(1)
دستور جنوب السودان المؤقت لسنة 2005م
يعد دستور جنوب السودان المؤقت لسنة 2005 ، واحدة من احدى ثمرات اتفاقية السلام الشامل التي وقعتها حكومة جمهورية السودان والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان في يناير /كانون الثاني عام 2005 ، ويعتبر هذا الدستور واحدة من اعظم الوثائق الدستورية التي عرفتها تاريخ جنوب السودان الحديث ، وتم تاكيد عظمة الدستور في ديباجة دستور جنوب السودان بمقوله (نحن شعب جنوب السودان بحمد الله الذي وهبنا الحكمة والارادة لانجاز اتفاقية السلام الشامل التي وضعت حدا قاطعا لاطول نزاع في القارة الافريقية) ، وقد جاء اتفاقية السلام الشامل كالتزام بين الطرفان الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان انذاك لانهاء اطول حربا شهدتها القارة الافريقية والتي راحت ضحيتها اكثر من مليوني ونصف سوداني ، وقد قام بصياغة دستور جنوب السودان الانتقالي لجنة فنية شكلت من (15) عضوا برئاسة مايكل مكوي لويث وبسكرتارية د. لوكا بيونق دينق سكرتيرا للجنة ، وعضوية كل من د. بيتر نيوت كوك ، مولانا جون لوك جوك ، استاذ روبرت لادو لوكي ، استاذ لورنس كورباندي ، استاذ وليم اجال دينق ، القاضي روبن مادول ارول كشوال ، استاذ دونق صموئيل لواك ، السيدة اوت دينق اشويل ، السيدة بربيوتا اجونيا ، مولانا اكور اجوت مقوت ، السيدة قريس ديتريو ، عبدون اقاو جوك ، بيتر صمويل موقا ، وكلفت اللجنة بمهمة اعداد مشروع دستور جنوب السودان المؤقت لسنة 2005 ، ليكون الاطار الدستوري التي تحكم به وتدار بموجبه الفترة الانتقالية لحكومة جنوب السودان ، ولاحقا اسندت مهمة رئاسة اللجنة الفنية لاعداد الاطار القانوني او النص الدستوري الى البروفيسور الراحل اكولدا مانتير ، استاذ القانون الدولي والدستوري بجامعة الخرطوم سابقا ، وتولى مهمة اكمال ماتبقى من مشروع الدستور ، وتجدر الاشارة ان هنالك بعض من المجهودات المقدرة التي قام بها بعض من خبراء القانون في البلاد في صياغة مشروع الدستورالمؤقت لجنوب السودان من بينهم الاستاذ العالم يوهانس يور اكول اجاوين والاستاذ العالم كور لوال كور وبعض عدد مقدر من كبار القانونيين لايسع المجال هنا لذكرهم .
في 20 سبتمبر /ايلول عام 2005 ، عين الفريق اول سلفاكير ميارديت رئيس حكومة جنوب السودان اعضاء المجلس التشريعي الانتقالي لجنوب السودان من (170) عضوا حسب نسب تقسيم السلطة الواردة في اتفاقية السلام الشامل وهي سبعين بالمئة من اعضاء المجلس يمثلون الحركة الشعبية لتحرير السودان و(15) في المئة يمثلون حزب المؤتمر الوطني ، و خمسة عشر بالمئة يمثلون الاحزاب السياسية الجنوبية ، وفي 26 سبتمبر / ايلول عام 2005، افتتح المجلس التشريعي لجنوب السودان في دورة الانعقاد الاول وانتخب السيد جيمس واني ايقا اول رئيسا للمجلس التشريعي لجنوب السودان وانتخب ايضا في نفس الجلسة السيد تور دينق ميوين نائبا لرئيس المجلس ممثلا للمؤتمر الوطني ، وبعد ان افرغت اللجنة الفنية من مهمه اعداد مشروع الدستور المؤقت ، احالت اللجنة المشروع الى رئاسة حكومة جنوب السودان توطئة الى احالتها الى المجلس التشريعي لجنوب السودان للاجازة والاقرار ، وبتاريخ 31 اكتوبر /تشرين الاول اجازت المجلس التشريعي لجنوب السودان مشروع الدستور المؤقت لسنة 2005 ، في جلستها التاريخية رقم (11) في دورة الانعقاد الاول ، واصدرت المجلس التشريعي شهادة اجازة الدستور بتاريخ 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 ، ولما كانت المادة 226 الفقرة (8) من دستور السودان لسنة 2005 ، تتطلب ان تعرض دستور جنوب السودان الى وزارة العدل السودانية لاصدار شهادة الموائمة مع دستور السودان ، بناءا على ذلك عرض دستور جنوب السودان على وزارة العدل السودانية لاصدار شهادة المؤائمة واصدرت وزارة العدل السودانية شهادة مؤائمة دستور جنوب السودان مع دستور السودان بتاريخ 24 نوفمبر /تشرين الثاني 2005م ، وفي 5 ديسمبر /كانون الاول 2005 عام صادق ووقع الفريق اول سلفاكير ميارديت رئيس حكومة جنوب السودان على دستور جنوب السودان المؤقت لسنة 2005، معلنا بذلك سريان احكام الدستور وبداية الحياة الدستورية في جنوب السودان ، ويعتبر تاريخ 5 ديسمبر / كانون الاول من العام 2005 ، من بين التواريخ المهمة في تاريخ جنوب السودان الحديث ، ففي ذلك التاريخ صدر اول دستور مكتوب في جنوب السودان ، ويعد هذه السابقة هي الاولى من نوعها في تاريخ السودان ان يحكم السودان بدستورين وهما دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 ، التي كانت تدار بها السودان ، ودستور جنوب السودان لسنة 2005 التي كانت تحكم بها حكومة جنوب السودان ، ويعد دستور جنوب السودان من بين الدساتير التي تم اعدادها اعدادا محكما في تناسق وتلاحم تام بين نصوصه ونصوص احكام اتفاقية السلام الشامل ودستور السودان الانتقالي لسنة 2005 ، لذلك امتاز الدستور بعنصري الثبات والاستقرار طيلة الفترة الانتقالية ولم يطرا عليه اي تعديلات منذ تاريخ سريانه في 5 ديسمبر/ كانون الاول عام 2005 ، وحتى تاريخ انتهاء العمل به في 9 يوليو /تموز عام 2011 ، ويتكون دستور جنوب السودان لسنة 2005 الملغي من (208) مادة مقسمة على (15) بابا، و(37) فصلا و(6) جداول ملحقة بالدستور ، حيث بلغ نصيب السلطة التنفيذية (31) مادة من المواد ( 95 -125) ، وبلغ نصيب السلطة التشريعية (38) مادة من المواد (57-94) ، اما السلطة القضائية فكانت نصيبها (12) مادة اعتبارا من المواد (126-137) من الدستور ، بينما نالت ولايات جنوب السودان (6) مادة من المواد (167-172) من الدستور والغرض من حساب مواد الدستور ليست في كثرة مواد كل سلطة وتفوقها على الاخر ، انما المقصود من ذلك هو توازن سلطات حكومة جنوب السودان
وتعاونها مع بعضها البعض بحيث لاتغتصب كل سلطة من سلطات الحكومة الثلاثة سلطات الاخر
ولذا ، لن يكون مبالغة القول ان اول دستور حقيقي عرفته جنوب السودان كان في عام 2005 ، في اعقاب فترة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان وماترتب عليها من اجراء استفتاء جنوب السودان ، وبمقتضى هذا الدستور انتخب اول رئيس لحكومة جنوب السودان كما انتخب بموجب احكامه اول مجلس تشريعي في عام 2010 ، والمجلس التشريعية الولائية وحكام الولايات ابان فترة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل .
(2)
الـوثيقة الدستورية
ليست مبالغة القول ان الوثيقة الدستورية التي صدرت عام 2005 ، تعتبر من اعظم الوثائق الدستورية التي عرفتها تاريخ جنوب السودان الحديث وقد مهدت هذه الوثيقة الدستورية لاعلان استقلال جنوب السودان في التاسع من يوليو/ تموزعام 2011 ، والتي اصبحت فيما بعد نموذجا لدستور دولة مستقلة بعد مراجعتها من قبل اللجنة الفنية للمراجعة الدستورية التي كان يتراسها انذاك السيد جون لوك جوك وزير الشئون القانونية والتطور الدستوري بحكومة جنوب السودان سابقا ، وقد جاءت الوثيقة الدستورية معبرة عن الشعارات التي رفعتها الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ ايام نضالاتها الاولى والتي طالبت بها موجتها التصحيحية في عام 1983 ، الا ان الحركة الشعبية نفسها فشلت في انزال هذه الشعارات الى الواقع ، ومن ابرز ما جاء في الوثيقة الدستورية نذكر مايلي :
جاءت الوثيقة الدستورية منصفة لكثيرا من الشعارات التي رفعتها الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ ايام نضالاتها الاولى مثل شعار الحرية والسلام والعدالة والمساواة ، وغالبا ماتاتي الوثائق الدستورية بصورة متواكبة لحركة التطور الدستوري.
جاءت ديباجة الدستور مفعمة بالكلمات ذات المعاني العالية والسامية وقد ورد في ديباجة الدستور العبارات الاتية : ( نحن شعب جنوب السودان بحمدالله الذي وهبنا الحكمة والارادة لانجاز اتفاقية السلام التي وضعت حدا لاطول حربا في القارة الافريقية ) .
نص الدستور على انشا سلطة قضائية مستقلة في جنوب السودان لاول مرة في تاريخه.
نص الدستور في المادة (129) منه على انشا محكمة عليا كاعلى محكمة في النظام القضائي في جنوب السودان تتكون من من (7) اعضاء برئاسة رئيس المحكمة العليا ، لتتولى مهمة الرقابة على دستورية القوانين وتفسير النصوص الدستورية والقانونية والفصل في تنازع الاختصاصات ومحاكمة رئيس حكومة جنوب السودان ونائبه ، ورئيس المجلس التشريعي لجنوب السودان ، وهي المرة الاولى في تاريخ جنوب السودان ان تنشا فيها محكمة عليا ،
– تمتعت المحكمة العليا لجنوب السودان بموجب المادة (130) من دستور 2005 ، بسلطات دستورية واسعة لم يتمتع بها المحكمة العليا السودانية انذاك ابان فترة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل بحيث لم يكن من بين اختصاصات المحكمة العليا السودانية اختصاصات دستورية .
اعطي الدستور الحق لرئيس حكومة جنوب السودان في الباب الخامس الفصل الثاني في المادة (94) منه الحق في تعيين وتشكيل مجلس تشريعي مؤقت لاجازة واقرار دستور جنوب السودان المؤقت ، على ان يكون المجلس التشريعي الانتقالي لجنوب السودان بمثابة جمعية تاسيسة شاملة تضم في عضويتها (170) عضوا يعيينهم رئيس حكومة جنوب السودان بالتشاور مع القوى السياسية ذات الصلة حسب نسب المشاركة في السلطة الواردة في اتفاقية السلام الشامل ومن ثم يتحول المجلس التشريعي بعد الفراغ من مهمته ليكون المجلس التشريعي لجنوب السودان .
ضمن احكام الدستور حق تقرير المصير لجنوب السودان والتي سبق وان ضمنت في احكام اتفاقية السلام الشامل وفي دستور السودان .
و من بين الملامح ايضا هو ان الدستور منح حق النعاون الاقليمي في المادة (46) لحكومة جنوب السودان في اقامة علاقات ثنائية او جماعية مع الدول والمنظمات الاجنبية غير حكومية في مجال التجارة والاستثمار والتعليم والرياضة واقتراض الديون بالاضافة الى التعاون في تقديم المساعدات الفنية و في مجال التنمية .
لم يعطي الدستور الحق لرئيس حكومة جنوب السودان في حل المجلس التشريعي لجنوب السودان من بين سلطاته الوارده في المادة (103) في الدستور ، على عكس الدستور الحالي الذي اعطى الحق لرئيس الجمهورية في المادة (190) تحت وطاة اعلان حالة الطوارئ الحق في حل البرلمان بغرفتيه المجلس التشريعي القومي ومجلس الولايات ، كما اعطى دستور 2011 الحق لرئيس الجمهورية في
حل المجالس التشريعية الولائية وكل حكومات الولايات ، ويعد وضع سلطة حل البرلمان في يد الرئيس من اخطر المكنات التى تحد من
استقلالية البرلمان كجهاز تشريعي مستقل من اجهزة الدولة ولا تمكن البرلمان احيانا من القيام بدورها الريادي اذا لم تقوم البرلمان بتمرير بعض اجندة الرئيس خوفا من حلها من قبل الرئيس .
اشرك دستور 2005 المجلس التشريعي لجنوب السودان مع المحكمة العليا في المادة ( 105) في اجراءات محاكمة رئيس حكومة
جنوب السودان ونائبه في حالة الخيانة العظمى او في حالة مخالفتهما لاحكام الدستور او في حالة السلوك المشين المتعلق بشئون العامة لجنوب السودان .
من السمات الاساسية لدستور 2005 هو ان الوثيقة الدستورية امتاز بصفتي الاستقرار والثبات منذ فترة سريانه في 5 ديسمبر /كانون الاول 2005 ، حتى تاريخ انتهاء العمل به في 9 يوليو/ تموز 2011.
من سمات الوثيقة الدستورية هو ان دستور 2005 اشرك رئيس حكومة جنوب السودان في المادة 117 (1) مع نائبه في التشاور في تعيين واعفاء وزراء حكومة جنوب السودان ، بينما سلب الدستور الحالي دستور 2011 (دستور الاستقلال ) حق نائب الرئيس في التشاور مع رئيس الجمهورية في تعيين واعفاء وزراء ونواب وزراء حكومة جمهورية جنوب السودان.
يرى الباحث ان دستور 2005 ، رغم انه دستور حكومة اقليمية ، الا انه افضل بكثير من الدستور الحالي دستور عام 2011 ، من ناحية توازان السلطات ومن ناحية الصياغة والثبات والاستقرار .
(3)
تشريعات صدرت في ظل دستور جنوب السودان لسنة 2005م
عقب انشاء وتعيين اعضاء المجلس التشريعي لجنوب السودان في 20 سبتمبر /ايلول عام 2005 ، وافتتاح المجلس بواسطة رئيس حكومة جنوب السودان ، لم يتمكن المجلس التشريعي لجنوب السودان من اجازة عدد مقدر من التشريعات فاستطاعت عام 2005 من اجازة الدستور المؤقت لجنوب السودان في دورة الانعقاد الثاني في جلستها التاريخية الذي عقدت بتاريخ 31 اكتوبر /تشرين الاول عام 2005 ،
وفي مطلع عام 2006 ، بدات الثورة التشريعية في جنوب السودان ، فاجازت المجلس التشريعي لجنوب السودان عدد مقدر من القوانين بلغ عددها (5) قوانين مجازة من قبل المجلس التشريعي ومصادق عليها من قبل رئيس حكومة جنوب السودان ، اما في عام 2007 فاجازت المجلس التشريعي عدد (5) قوانين ومن ابرز هذه القوانين – قانون الاجراءت المدنية لسنة 2007 ، اما في عام 2008 ازدادت عدد التشريعات فاجازت المجلس عدد (13) قانون ومن ابرز هذه القوانين هو قانون السلطة القضائية وقانون وزارة الشئون القانونية والتطور الدستوري وقانون العقوبات، وقانون الطفل وقانون الاجراءات الجنائية بالاضافة الى قانون مجلس الخدمة القضائية ، و في عام 2009 اجازت المجلس التشريعي عدد (9) قوانين ومن ابرز هذه القوانين هو قانون خدمة الشرطة وقانون مفوضية حقوق الانسان وقانون مكافحة الفساد ، وقانون الحكم المحلي ، اما في عام 2010 اجازت المجلس التشريعي عدد (2) قانون وتوصف هذه الفترة بانها اضعف فترة من عمر المجلس من ناحية عدد التشريعات المجازة ، بينما شهدت الفترة من يناير حتي يوليو 2011 اي الفترة التي سبقت اعلان استقلال جنوب السودان اجازة عدد مقدر من القوانين بلغ عددها (24) قانونا ، ويستحق هذا العام اي عام 2011 ان يسمى بعام الثورة التشريعية ، لانه في خلال عام واحد استطاع المجلس التشريعي ان تجيز عدد (31) قانونا منها (24) قانون صدر في الفترة التي سبقت اعلان الاستقلال ، و(7) قانون بعد اعلان الاستقلال ، حيث بلغت حصيلة القوانين التي صدرت في ظل دستور جنوب السودان الموقت لسنة 2005 ، عدد (52) قانونا.
(4)
انتهاء العمل بدستور جنوب جنوب السودان المؤقت لسنة 2005
توضع الدساتير عادة لمعالجة الاوضاع القائمة والتطلع لاقائمة نظام ديمقراطي ، من خلال تاطير الممارسة السياسية ، وتبيان حقوق الافراد وحرياتهم ، والنص على الاليات الكفيلة بصيانتها ، ولكن في نفس الوقت تبقى احاكمها غير مقدسة ، بل ان بعض الدساتير تتضمن احكاما تتعلق بكيفية تعديلها ،
وتتنوع الدساتير الى عدة معايير ، فعلي اساس معيار التدوين تنقسم الدساتير الى دساتير عرفية ودساتير مدونه (مكتوبة) وهي الاكثر انتشارا في العالم ، اما بالنظر الى معيار التعديل فتنقسم الدساتير الى دساتير مرنه ودساتير جامدة ،اما من حيث السريان فتنقسم الدساتير الى دساتير دائمة ودساتير مؤقتة او انتقالية ، فدستور جنوب السودان لسنة 2005 الملغي ، هي واحدة من الدساتير التي تندرج من ضمن الدساتير المؤقتة التي وضعت لادارة الفترة الانتقالية في جنوب السودان التي امتدت قرابة الست سنوات ، وحينها كان جنوب السودان يدار بواسطة ثلاثة دساتير وهي دستور السودان لسنة 2005 ، و التي كانت تدار بموجبه كل السودان ، ودستور جنوب السودان لسنة 2005 ، التي كانت تدار بموجبة جنوب السودان ، بالاضافة الى دساتير الولايات العشرة التي كانت تدار بموجبه ولايات جنوب السودان ، وقد دخل دستور جنوب السودان حيز التنفيذ بتاريخ 5 ديسمير /كانون الاول عام 2005 ، وانتهى العمل باحكامه بتاريخ 9 يوليو / تموزعام 2011 ، عندما دخل دستور الاسقلال حيز التنفيذ ، فالدساتير عادة لاتضع طريقة معينة لانتهاء العمل به ، بل ان الوثيقة الدستورية نفسها تضع احكاما لتعديل الدستور نفسه مسايرة لمواكبة حركة التطور الدستوري في العالم ، وقد يحدث احيان ان يستولى العسكر على السلطة او قد يحدث انتفاضة شعبية عارمة لاسقاط النظام ، فان مثل هذه الاحداث تؤدي الى تعطيل الدستور او تعليق العمل باحكامه وتعد ذلك واحدة من خطوات انتهاء العمل بالدستور بطريقة غير دستورية .
(5)
اللجنة الفنية لمراجعة دستور جنوب السودان لسنة 2005 م
عقب اعلان نتيجة استفتاء جنوب السودان بواسطة مفوضية استفتاء جنوب السودان انذاك في يناير /كانون الثاني عام 2011 ،والتي جاءت نتيجتها لصالح انفصال جنوب السودان بنسبة 99% من التصويت ، بدات حكومة جنوب السودان في ترتيب بيتها الداخلي لميلاد دولة جديدة في جنوب السودان تنزامنا ما نهاية الفترة الانتقالية في يوليو 2011 ، ومواكبة لهذا الحدث الكبير انذاك اصدر الفريق اول سلفاكير ميارديت رئيس حكومة جنوب السودان انذاك قرارا رئاسيا رقم (2/2011) بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني عام 2011 ، بتكوين اللجنة الفنية لمراجعة دستور جنوب السودان لسنة 2005 ، برئاسة السيد جون لوك جوك وزير الشئون القانونية والتطور الدستوري انذاك بحكومة جنوب السودان ، وقد يستغرب البعض من الناس بمسمى التطور الدستوري لان الدستور يتطور ولا ينمو لذلك فان التسمية الصحيحة للوزارة هي وزارة الشئون القانونية والتطور الدستوري وليست وزارة الشئون القانونية والتنمية الدستورية مثلما جرت تسميتها انذاك ، وتكونت اللجنة الفنية للمراجعة الدستورية من (20) عضوا و(4) مستشارين لتقديم الاستشارات الفنية للجنة ، وشكلت اللجنة الفنية للمراجعة الدستورية ، من الاعضاء الاتي اسمائهم
- مولانا جون لوك جوك – وزير الشئون القانونية والتطور الدستوري – رئيسا
- السيد تيلار رينق دينق – مستشار رئيس حكومة جنوب السودان للشئون القانونية – نائبا
- السيد مايكل مكوي لويث – وزير الشئون البرلمانية – عضوا
- السيد ديفيد دينق اثوربي – وزير المالية – عضوا
- السيد فول ميوم اكيج – وزير الموارد المائية والري – عضوا
- السيدة اوت دينق اشويل – وزيرة العمل والخدمة العامة – عضوا
- السيد قبريال شانقسون شانق – وزير الثقافة والتراث – عضوا
- مــــدام جيمــــا نونو كومبا – وزيرة الاسكان – عضوا
- مولانا روبن مادول ارول – قاضي المحكمة العليا – عضوا
- مولانا دينق بيونق – رئيس مفوضية مراجعة القوانين – عضوا
- استاذ لورنس كورباندي – رئيس مفوضية حقوق الانسان – عضوا
- استاذ روبرت لادو لوكي – رئيس مفوضية الاراضي – عضوا
- استاذ دينق اوور – محاضر بكلية القانون بجامعة جوبا – عضوا
- السيدة ميري نياولانق ريت – عضو المجلس التشريعي –عضوا
- د. وليم كون بيور – رئيس نقابة المحامين – عضوا
- د. ولـــيـــــم اوطــــــون – مــحـــام – عـــضــوا
- استـــــاذ دونــــــــق صمــويل لـــــواك – مــحــام –عــضــوا
- استـــاذ صمويـــل مـــــوقـــــــــا – مـــحـــام – عـــضوا
- استاذ دينق تيل ايون كور – رئيس لجنة العدل والتشريع بالمجلس التشريعي – عضوا
وقد شمل المرسوم الرئاسي ايضا تعيين (4) مستشارين مساعدين للجنة الفنية للمراجعة الدستورية من الاتي اسمائهم
- سعادة القاضي امبروس رينق ثيك – رئيس المحكمة العليا لجنوب السودان سابقا – عضوا
- البروفيسور اكولدا مانتير – استاذ القانون بجامعة الخرطوم – عضوا
- القاضي بولن فانشول اوال – قاضي المحكمة الدستورية السودانية – عضوا
- القاضي جون قارويج لول – قاض المحكمة الدستورية – عضوا
وقد انيطت للجنة الفنية للمراجعة الدستورية وبمساعدة مستشاري اللجنة مهمة مراجعة دستورجنوب السودان المؤقت لسنة 2005 ، وحذف الابواب والفصول والمواد والفقرات والجداول التي كانت تنص على المؤسسات القومية لحكومة الوحدة الوطنية السودانية وتمثيلها وحقوقها والتزاماتها وتعديل ما يحتاج الى التعديل ووضع الاطار القانوني او النص الدستوري لمشروع دستور الاستقلال .
(6)
الوثيقة الدستورية الصادر عام 2011
يعد الوثيقة الدستورية التي صدرت في 9 يوليو /تموز عام 2011 ، اول دستور لجمهورية جنوب السودان بعد اعلان استقلالها في 9 يوليو /تموز عام 2011 بواسطة المجلس التشريعي لجنوب السودان ، ويتكون دستور لجنة العشرين من (203) مادة و (5) جداول ملحقة بالدستور اي بمعني قد تم تقليص (5) مادة وجدول واحد من جداول الدستور الملغي ، ومن ابرز المواد التي ظهرت في الدستور الحالي في الباب الثاني في وثيقة الحقوق هي المادة (37) التي تنص على حق السكن حيث لم تنص دستور جنوب السودان لسنة 2005 ، على حق السكن ، وكذلك من بين المواد الجديدة التي ظهرت في الدستور الحالي اي دستور جمهورية جنوب السودان لسنة 2011 (دستور الاستقلال ) ، هي المواد (58) التي تنص على انشا مجلس الولايات كغرقة من غرفتي البرلمان لان البرلمان يتكون من غرقتين المجلس التشريعي القومي وتسمى بالمجلس الادني ومجلس الولايات وتسمي بالمجلس الاعلى ،و المادة (59) التي تنص على اختصاصات مجلس الولايات ،و المادة (202) التي تنص على انشاء وتكوين المفوضية القومية للمراجعة الدستورية وهي الجهة التي انيطت لها مهمة صياغة ووضع مشروع الدستور الدائم للبلاد ،والمادة (203) التي تنص على انعقاد المؤتمر الدستوري
القومي ، ومنذ تاريخ سريان الدستور الحالي في 9 يوليو / تموز عام 2011 ، تعرض الدستور الحالي الى ثلاث تعديلات دستورية ، حتي تاريخ كتابة هذه الورقة على النحو الاتي :
(7)
التعديل الدستوري الاول لدستور جمهورية جنوب السودان لسنة 2011
صدر التعديل الدستوري الاول في عام 2013 ، وشمل هذا التعديل تعديل المادة 202 (4) ،(10) ،(11) ، والمادة 203 (7) من الدستور ، وذلك بتمديد اجل المفوضية القومية للمراجعة الدستورية اعتبارا من 10 يناير / كانون الثاني عام 2013 حتى 31 ديسمبر/كانون الاول عام 2014 ، وذلك لتمكين المفوضية القومية للمراجعة الدستورية لاكمال ماتبقي من مهامها من عملية صياغة الدستور الدائم للبلاد ، والجدير بالذكر هنا ان المفوضية القومية للمراجعة الدستورية تم انشائها وتعيين اعضائها في عام 2012 ، بموجب القرار الرئاسي رقم (2/2012) الصادر من رئيس الجمهورية بتاريخ 9 يناير /كانون الثاني عام 2012 برئاسة البرفيسور اكولدا مانتير وعضوية (54) عضوا وقد تم تعيين اعضاء المفوضية القومية للمراجعة الدستورية بموجب عدة قرارت رئاسية صادرة من رئيس الجمهورية، وكلفت المفوضية بمهمة اعداد مشروع الدستور الدائم للبلاد، وحتى الان مضى على عمر المفوضية ( 4) سنوات دون انجاز او احراز اي تقدم يذكر للمفوضية ، و يعد ذلك فشلا واضحا للمفوضية القومية للمراجعة الدستورية مما يستوجب حلها وتشكيل مفوضية اخرى لاكمال او صياغة مشروع الدستور الدائم للبلاد، وسوف نفرد للمفوضية القومية للمراجعة الدستورية ورقة اخرى لمناقشة فشلها في صياغة مشروع الدستور الدائم للبلاد .
(8)
التعديل الدستوري الثاني تعديل رقم (1/2015)
صدر التعديل الدستوري الثاني في 27 مارس /اذار عام 2015 ، وهو تعديل دستوري رقم (1/2015) ، وقد تم تعديل المواد 66(2) ، 100(2) ، 164(5) ، 202(4) ،(10) من الدستوري وذلك بتمديد ولاية رئيس الجمهورية ، و اجل الهيئة التشريعية القومية والمجالس التشريعية الولائية ، وذلك لاستحالة قيام الانتخابات القومية التي سبق وان اعلنتها المفوضية القومية للانتخابات في منتصف عام 2015 ، بسبب الاحداث التي شهدتها البلاد مؤخرا ، وقد شمل التعديل الدستوري ايضا مد اجل المفوضية القومية للمراجعة الدستورية بعد ان فشلت المفوضية في اعداد مشروع الدستور الدائم للبلاد لفترة اكثر من سنتان ، وقد تم تمديد ولاية رئيس الجمهورية واجل الهيئة التشريعية القومية والمجالس التشريعية الولائية الى ثلاثة سنوات اعتبارا من 9 يوليو /تموز 2011 ، حتى 9 يوليو/ تموز 2018 ، بينما تم تمديد اجل المفوضية القومية للمراجعة الدستورية اعتبارا من 31 ديسمبر / كانون الاول عام 2014 حتى 31 ديسمبر عام 2018 ، ونصت التعديل الدستوري على انه بعد انتهاء المفوضية من مهمة اعداد مشروع الدستورالدائم للبلاد تعتبر المفوضية منحله .
(9)
التعديل الدستوري الثالث تعديل رقم (2/2015)
التعديل الدستوري الثالث صدر في 27 نوفمبر /تشرين الثاني تعديل رقم (2) لسنة 2015 ، وقد شمل التعديل الدستوري تعديل المواد 164 (1) وذلك باضافة الفقرات (أ) ، (ب) ، للفقرة (1) ، اما المادة 165 (1) فقد تم حذف الفقرة (1) ، المادة (58) فقد تم تعديلها واضافة الفقرة (ج) للبند (2) ، وقد منح هذا التعديل الدستوري الحق لرئيس الجمهورية في تعيين أعضاء جدد في مجلس الولايات لتمثيل الولايات الجديدة ، وتعيين الحكام واعفائهم من مهامهم وكذلك تعيين اعضاء المجالس التشريعية الولائية وتعود تفاصيل هذا التعديل الدستوري الى المرسوم الجمهوري رقم (36/2015) الذي اصدره رئيس الجمهورية بتاريخ 2 اكتوبر / تشرين الاول 2015 والقاضي بتقسيم البلاد الى (28) ولاية بدلا من نظام العمل بالعشرة ولايات ، وعندما صدر المرسوم الجمهوري رقم ( 36 /2015) ، كان مشوبا بعوار دستوري وذلك لعدم موائمة المرسوم مع احكام الدستور واغتصاب المرسوم لسلطات مجلس الولايات وهي الجهة المخوله لها دستوريا مسالة مناقشة واجازة زيادة الولايات او المقاطعات حسب الاجراءات الدستورية التي نصت عليها الدستور ، ولاحقا تم تعديل الدستور وترميمه ليتوافق ويتوائم مع المرسوم الجمهوري رقم ( 36/2015 ) ، بدلا ان يصدر المرسوم الجمهوري بصورة متوافقا مع احكام الدستور وليس العكس ، اذ يجب ان تصدر قرارات رئيس الجمهورية في اطار ما ينص عليه الدستور وليست مخالفة القرات لاحكام الدستور ، و لذلك سيمثل هذه السابقة تجربة دستورية سئية في تاريخ التجربة الدستورية في جنوب السودان ، ويعد هذا التعديل الدستوري من اكثر التعديلات الدستورية جدلا ، اكثر من التعديلات الدستورية السابقة .
(10)
اهم ما يميز دستور عام 2011م
يتميز دستور عام 2011 عن سابقتها دستور عام 2005 بــــ :
- إنشاء دستور 2011 مجلسين نيابيين وهما المجلس الوطني ويسمى بالمجلس الأدنى و مجلس الولايات و يسمي بالمجلس الأعلى.
- امتاز دستور 2011 بنصه على العديد من الحقوق والحريات مثل حق اكتساب الجنسية وحق السكن حيث لم ينص دستور 2005 ، على حق السكن في باب وثيقة الحقوق .
- نص دستور 2011 على منصب رئيس القضاء في النظام القضائي في جنوب السودان ، بينما نص دستور 2005 على منصب رئيس المحكمة العليا في رئاسة المحكمة العليا .
- نص دستور 2011 على أن تشكيل المحكمة العليا من رئيس ونائب للرئيس وعدد من القضاة لا يقل عن تسعة قضاة بينما نص دستور 2005 على تشكيل المحكمة العليا من سبعة اعضاء.
- أقر الدستور لأول مرة على إنشاء مجلس الولايات كغرفة من غرفتي البرلمان .
- أقر الدستور على إنشاء المفوضية القومية للمراجعة الدستورية لتتولى مهمة إعداد مشروع الدستور الدائم للبلاد ، و هي خطوة مهمة و جيدة نحو بناء الدولة الدستورية .
(11)
عيوب الدستور الحالي الصادر عام 2011 تعديل 2015
رغم اسهاب الدستور في النصوص الدستورية البالغ عددها (203) مادة في الوثيقة الدستورية ، الا ان الوثيقة الدستورية لم يتضمن احكاما مهمة تنص عليها الدساتير الحديثة مثل
لم يعالج الدستور بعض الحقوق من الجيل الثالث للحقوق مثل الحق في التنمية ، والحق في الرفاهية ، والحق في بيئة نظيفة.
شئؤن حماية البيئة.
حقوق السودانيين الجنوبيون المقيمون في الخارج خاصة فيما يتعلق بمشاركتهم في الحياة السياسية والدستورية في جنوب السودان رغم ان هولاء يمثلون قطاعا مهما من قطاعات الشعب وتتوفر فيهم كفاءات وطاقات هائلة .
لم يعالج الدستور دور المجتمع المدني بصورة واضحة في الوثيقة الدستورية .
لم يعالج الدستور بعض الحقوق من الجيل الثاني للحقوق مثل الحق في الماوى ، والضمان الاجتماعي ، والحق في العمل .
اعطي الدستور لرئيس الجمهوريةصلاحيات واسعة في المادة (101) في الدستور .
لم يحرص المشرع الدستوري على تحقيق العدالة الاجتماعية في صلب الوثيقة الدستورية .
لم يحرص المشرع الدستوري في الدستور على النص في صلب الوثيقة الدستورية على حقوق الصيادين وتمكينهم من مزاولة عملهم دون الحاق اي ضرر بهم وحمايتهم في بيئة سليمة .
لم يحدد الدستور في المادة (125)منه عدد قضاة المحكمة العليا في جنوب السودان ، حيث ان عدم تحديد عدد قضاة المحكمة العليا يعد واحدة من العيوب الدستورية اذ يفتح الباب امام السلطة التنفيذية في زيادة عدد قضاة المحكمة العليا ممن لهم صبغة سياسية لاحداث توازنات سياسية في المحكمة العليا ، اذ انه من الافضل من الناحية الدستورية النص في صلب الوثيقة الدستورية على عدد محدد من القضاة في تشكيلة المحكمة العليا .
لم ينص الدستور على مفوضية شئؤون المعلمين لتعنى بشئون المعلمين وحل مشاكلهم وترقياتهم ومعاشاتهم وغيرها من الامور الاخرى .
لم يتضمن نصوصالدستور حق تنظيمالاضراب السلمي .
لم ينص الدستور على حق تكريم شهداء الوطن ورعاية مصابي الحرب وقدامى المحاربين واسرالمفقودين وازواجهم واولادهم ووالديهم وتوفير فرص العمل لهم.
(12)
تشريعات صدرت بموجب دستور 2011 ( دستور الاستقلال)
عقب اعلان استقلال جنوب السودان في التاسع من يوليو / تموزعام2011 ، وصدور دستور لجنة العشرين نصت الدستور في المادة (94)في الباب الخامس الفصل الثاني منه على ان يتحول المجلس التشريعي لجنوب السودان الى المجلس التشريعي القومي بعد الفراغ من مهمه اجازة الدستور ، كما نصت المادة (58) من الدستور على انشاء وتشكيلمجلس الولايات كغرفة من غرفتي البرلمان ، وبموجب المادة 93 (3) مقروءة مع المادة58(2) (ا) ،(ب)من الدستور اصدر الفريق اول سلفاكير ميارديت قرارا رئاسيا رقم (11/2011) بتاريخ الاول من اغسطس/ اب عام 2011 ، بانشاء وتعيين اعضاء مجلس الولايات من (50) عضوا ، وبعد اكتمال هيكلة المجلس التشريعي القومي بدا المجلس في مزاولة اعمالة فاجازت عام 2011 عدد (7) قوانين بعد اعلان الاستقلال ، كما اجازت المجلس التشريعي القومي في عام 2012 عدد(26) قانونا، ومن ابرز هذه القوانين قانون التعليم العالي ،وقانون الاحزاب السياسية ،قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب ،و قانون الانتخابات ،كما اجازت المجلس التشريعي ايضا في عام 2013 عدد (15) قانونا ، بينما في عام 2014 اجازت المجلس التشريعي عدد(4 ) قوانين ، حيث بلغ عدد القوانين التي صدرت حتي الان بموجب دستور 2011عدد (67) قانونا ، هذا بجانب مصادقة المجلس على عدد مقدر من الاتفاقيات والمعاهدات الاقليمية والدولية كان اخرها اجازة المجلس التشريعي القوميمعاهدة انشاء تجمع دول شرق افريقيا في مايو 2016 .
(13)
اسباب ضعف دستور 2011 ( دستور لجنة العشرين )
تعود اسباب ضعف دستور 2011 ، الى قصرالفترة الزمنيةالتي كلفت بها اللجنة الفنية للمراجعة الدستورية ، وبالنظر الى ظروف وضع الدستور من حيث الفترة الزمنية التي كلف بها اللجنة ، فان هذه الفترة الزمنية كانت ضيقة جدا بالنسبة للفترات التي توضع بها دساتير الدول المستقلة حديثا ، وبالرجوع الى الفترة الزمنية التي كلفت فيها اللجنة الفنية للمراجعة الدستورية اعتبارا من 21 يناير /كانون الثاني 2011، حتى 25 ابريل / نيسان من نفس العام ، هي فترة قصيرة جدا ، اي ان هذه الفترة تقدر ب (93) يوما ، ولكنبالرغم من ذلك يعد الدستور مقبولا شكلا ومضمونا لوضعة في خلال الفترة الزمنية التي كلف بها اللجنة الفنية للمراجعة الدستورية تزامنا مع فترة اعلان الاستقلال ، وقد ساهم عامل التوقيت مساهمة فعالة في الضعف والقصور الذي شاب الدستور ، اضافة الى حجم التحديات التي كانت تواجه المجلس التشريعي لجنوب السودان انذاك ، وبالرغم من ذلك تعد لجنة المراجعة الدستورية لجنة ناجحة بامتياز اكثر من المفوضية القومية للمراجعة الدستورية التي امتدت فتراتها قرابة (4) سنوات منذانشائها وتعييناعضائهادون احراز اي تقدم يذكر في اعداد مشروع الدستور الدائم للبلاد ، ولكن في المستقبل فاننا نوصي القائمين على امر تشكيل اللجان الدستورية اوالمفوضيات او الجمعيات التاسيسية مراعاة التوازن في التخصصات على ان تشكل اللجان او المفوضيات او الجمعيات التاسيسية من خبراء القانون واساتذة القانون من الجامعات الوطنية مع التركيز على المتخصصين في مجال القانون الدستوري، والقضاة
، وكذلك يتعيين ان تشتمل اللجان على خبراء الاقتصاد في البلاد لمراعاة الجوانب الاقتصادية في مشروع الدستور .
الأستـــاذ / دينــق جـــــون دينق ســــــام ، هو مـــــدير المــــــركز الافـــــريقــــــي للدراسات الــــقـــانونية وحـــقـــــوق الانسان وباحــــــث مـــتخـــــصص في الـــقـــــــانون الـــــدستـــــــور و مـــــحـــــام وناشــــــط حــــــقوقــــــــــي
حـــائز على مـاجستير الــقــــوانين مـــــن جــامعة الزعيم الازهــــــــــري وعنوان أطروحته (الرقابة على دستورية القوانين في جمهورية جنوب السودان دراسة مقارنة مع التشريعات في جمهوريتي مصر العربية والسودان.
المراجع :
– اتفاقية السلام الشامل الموقعة في ضاحية نيفاشا بالعاصمة الكينية نيروبيبين حكومة جمهورية السودان و الحركة الشعبية لتحريرالسودان 2005.
– مشروع دستور جنوب السودان لسنة 2005 .
– دستور جنوب السودان المؤقت الصادر في 5 ديسمبر /كانون الاول عام 2005.
– قرار رئاسي رقم (2/2011)، صادر بتاريخ21 يناير / كانون الثانيعام 2011 ، من الفريق اول سلفاكير ميارديت رئيس حكومة جنوب السودان و الخاص بتشكيل وتعيين اعضاء اللجنة الفنية لمراجعة دستور جنوب السودان لسنة 2005.
– دستور جمهورية جنوب السودان الانتقالي الصادر عام 2011 ، تعديل 2015م
مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية المؤلف، وليست راديو تمازج