تورط النجل الأكبر لمحافظ بنك جنوب السودان المركزي كورنيليو كوريوم مييك في تداول العملات الأجنبية في جوبا بشكل كبير في العديد من المؤسسات المالية المختلفة. وهذا يمثل تضاربا للمصالح بالنسبة لمحافظ البنك المركزي الذي تشمل مهامه تنظيم الصرافات والبنوك.
وفقا لقانون بنك جنوب السودان المركزي لسنة 2011 فإن مسؤولية البنك هي تنظيم التعاملات بالعملات الأجنبية بما في ذلك البنوك والصرافات وغيرها من المؤسسات المالية.
وأكدت مصادر حكومية ورجال أعمال لراديو تمازج تورط بول كورنيليو كوريوم مييك في تجارة العاملة في حاضرة جنوب السودان جوبا. هو يدير عدة صرافات في جوبا، وفقا لمسؤول في البنك المركزي.
وقال مصدر آخر، وهو تاجر عملة في جوبا، أن بول لديه علاقات مع أحد البنوك التجارية. وأضاف أيضا أن بول كان واحدا من الناس الذين عملوا من أجل إعادة صلاحيات منح “خطابات الإئتمان المالي” للبنك المركزي بدلا من المؤسسات الحكومية الأخرى التي كانت تؤول هذه المسؤولية من 2012.
في مقابلة أجريت معه، لم يؤكد بول أو ينفي أنه يدير عدة صرافات وامتلاك أسهم في عدة بنوك تجارية محلية وأجنبية في البلاد نيابة عن والده والاسرة باعتباره الإبن الأكبر.
وأجاب على الأسئلة حول تورطه في هذا العمل بغضب قائلا: “هذا ليس من شأنك أن تسألني عما إذا كان لدي أعمال أم لا. هذا ليس من حقك.
ولكنه علق على ندرة الدولار، والقى بالوم على انخفاض أسعار النفط عالميا وليس بسبب سياسات البنك المركزي.
وقال :”إن الأسواق تشهد ضغطا كبيرا، الأمر الذي يتطلب بذل جهود جماعية لمعالجة هذا الوضع. يحتاج الوضع الحالي من الحكومة ومجتمع رجال الأعمال والمواطنين للعمل معا، أنه وضع لا يمكن التعامل معه من قبل جسم واحد.
وأشار إلى ان البنك المركزي قد علق تحويل الدولار إلى المؤسسات التجارية في البلاد. وقال: “لقد مر وقت طويل منذ توقف البنوك التجارية والصرافات من الحصول على المخصصات من البنك المركزي، هذا يرجع إلى ندرة الدولار.
غياب الرقابة المصرفية: مخاطر “الصفقات غير المشروعة”
وحد بنك جنوب السودان قيمة الجنيه الجنوبسوداني مقابل الدولار بمعدل ثلاثة إلى واحد وهو معدل أقل ثلاث مرات من سعر “السوق السوداء”. ولا يمكن إلا للصرافات والبنوك المرخصة فقط الحصول على الدولار من البنك المركزي بهذا السعر بجانب بعض الشركات التي حصلت على “خطاب الإئتمان المالي” بواسطة صناع القرار السياسي في الوزارات الحكومية المختلفة.
وقال تجار عملة لراديو تمازج أن بعض الشركات والصرافات التي تحصل على الدولار من البنك المركزي باسعر الرسمي تقوم بدورها ببيعه مرة أخرى في السوق السوداء لجني الأرباح، مما يؤدي إلى تدهور قيمة الجنيه والحد من توافر الدولار في نقاط البيع الرسمية.
وقد حذر صندوق النقد الدولي (IMF) من أن هذا النظام “ينطوي على نقل خفي للموارد من الحكومة لهؤلاء الذين لديهم امتيازات الحصول على العملات الأجنبية بالسعر الرسمي”. وأوصت المنظمة بتنظيم بيوتات النقد الأجنبي.
وفي تقريرها الصادر في ديسمبر الماضي ألمح صندوق النقد الدولي أن بعض الصرافات متورطة في السوق السوداء. وأشار الصندوق إلى أن عدد البنوك والصرافات في جنوب السودان “هائل” بالمقارنة مع حجم النظام المالي في البلاد.
وذكر الصندوق أن “الترخيص السخية للبنوك والصرافات الجديدة ستنجم عنها مخاطر جمة، بما في ذلك غسيل الأموال والمعاملات غير المشروعة، بسبب نقص القدرة على الإشراف عليها”، داعيا إلى تنظيم التراخيص.
سعر الصرف الإصطناعي وقد أوصى المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي البنك المركزي في جنوب السودان بتغيير سعر الصرف الرسمي الى “مستوى واقعي” بحيث أن لا يحصل الأشخاص المرتبطين سياسيا على الدولار وحدهم ولكن أيضا المواطنين العاديين والشركات.
ويقول التقرير: “إن الإصلاح سوف يقضي على النقل الكبيرة للأموال من الحكومة لعدد قليل من المستفيدين ويمكن الجمهور والشركات من الحصول الموثوق والشفاف على النقد الأجنبي.
وأضاف: “توحيد سعر الصرف سوف يساعد على التقليل من الطلب الكبير على الدولار التي نتجت بسبب انخفاض السعر المصطنع الذي من التفرض أن يتم شراؤه بها. وكذلك سوف يعزز الالتزام بالشفافية وإزالة بواعث للفساد.
“تضارب المصالح”
تتطلب لوائح البنك المركزي أن يعلن محافظ البنك كورنيليو كوريوم مييك في سرية عن أصول أطفاله إلى مجلس إدارة بنك جنوب السودان المركزي.
وينص قانون بنك جنوب السودان المركزي لسنة 2011 على أن يعلن كل من محافظ البنك، نائب المحافظ وعدد من كبار المسؤولين بالبنك سريا كل عام عن أصولهم وممتلكاتهم وأعمالهم التجارية بما فيها التي تخص أزواجهم وأطفالهم.
ووفقا لنفس القانون، فإن مجلس الإدارة هي المسؤولة عن وضع “سياسات محددة تحكم تضارب المصالح المتعلقة بمسؤولي وموظفي البنك.