قال محللون سياسيون إن إتفاق سلام جوبا بين الأطراف السودانية "الحكومة وحركات الكفاح المسلح، "الجبهة الثورية" يعتبر خطوة نحو مُخاطبة القضايا السودانية، لكنه لم يعالج جذور الأزمة الحقيقية.
ووقعت الحكومة الانتقالية في السودان في 31 أغسطس الماضي، على اتفاق سلام بالأحرف الأولى، مع "الجبهة الثورية" في عدد من البروتوكولات حسب مسارات التفاوض.
وقال أتيم سايمون مبيور، الصحفي والمحلل السياسي، في تصريح لراديو تمازُج الخميس، إن الاتفاق ركز على معالجة مشاكل النخب السياسية وتمكينهم الوظيفي أكثر من معالجة طبيعة الازمة في الشارع السوداني كازمة واحدة، واصفاً ما تم في جوبا بخطوة لمخاطبة المشاكل السودانية.
وأوضح أتيم، في حديثه أن منهج المسارات في عملية التفاوض كان غير "مُجدي"، وعالج أيضاً قضية التمثيل حسب المناطق أكثر من النظر الى التمثيل حسب القضايا الوطنية السودانية.
وأضاف "هذا الاتفاق قائم على الشراكة أكثر من المساءلة والنظر للقضايا الأساسية، ويحتاج لمشاركة جميع الأطراف خاصة المجموعات التي تنظر الى الأسباب الجذرية للازمة السودانية".
وأبان أتيم، أن صمود هذا الاتفاق يتوقف على ترحيب القاعدة الجماهيرية والحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، مشيرا إلى أن الشارع السوداني له مُزاج مُختلف لحل القضايا بشعارات الثورة ويناهض مشاركة القيادات العسكرية في السلطة.
وقال اتيم، إن عجز حكومة جنوب السودان كجهة راعية لهذا الاتفاق ، في تمويل إتفاق السلام المُنشط، سيكون تحدياً أمام تنفيذ سلام جوبا وتمويله في المرحلة المقبلة.
وأشار اتيم، ان غياب الدعم الإقليمي لاتفاق سلام جوبا سيشكل تحديا ايضا أمام التنفيذ، وان الاقليم كان بعيدا عن الحدث نسبة لعدم عرض الاتفاق له لمعرفة تفاصيله من قبل الوساطة، وزاد "هذا الاتفاق تم على عجلة لذلك تم التوقيع عليه من غير ملاحق التنفيذ وهذه معضلة أخرى".
ولم يستعبد المحل السياسي، تنازل مجموعة "الحلو" من مطلب حق تقرير المصير والقبول بالحكم الذاتي، بالرغم من غياب التفاصيل في بند الحكم الذاتي الوارد في الاتفاق على حسب تعبيره.
من جانبه قال إستيفن أمين أرنو، طالب دكتوراه في العلاقات الدولية حول الصراع والسلام والأمن، أن بند الحكم الذاتي في الاتفاق، وضع كطرح منافس لطرح حق تقرير المصير للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال جناح الحلو، واصفا بند الحكم الذاتي بـالفضفاض.
وأضاف "بند الحكم الذاتي، خطوة استباقية للمشورة الشعبية لمواطني المنطقتين، وتم وضعه كطرح منافس للجناح الآخر، وعملية تقاسم السلطة غير مفصلة بالتالي هو بند فضفاض، واتفاق السلام في حد ذاته استباق سياسي لقضايا كبرى".
واوضح ارنو، في حديثه لراديو تمازُج الخميس، أن الاتفاق يركز على تقاسم السلطة بدلا من معالجة القضايا الأساسية من العدالة الإنتقالية ومعالجة مشاكل السودان في السنوات الماضية.
وتابع "تاريخ السودان يتحدث عن عدد من إتفاقيات السلام، وكل هذه الاتفاقيات تناولت ما يتحدث عنه اتفاق سلام جوبا لذا من الصعب الحكم أن الاتفاق عالج مشكلة السودان".
وأشار ارنو، إلى ان غياب مصفوفة تنفيذ الاتفاقية يعتبر واحد من أكبر التحديات التي تواجه التنفيذ، بجانب غياب الضمانات الدولية والاقليمية، وتواجد دول الإقليم على مسافة بعيدة كمراقبين وليست جهات فعالة في تنفيذ الاتفاقية.