أعرب مراقبو السلام في جنوب السودان، عن قلقهم إزاء تصاعد التوترات السياسية بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول رياك مشار، محذرين من أن هذه الخلافات قد تقوّض التقدم المحرز حتى الآن. جاء ذلك لدى إطلاق اللجنة الوطنية لمراجعة الدستور حملة التثقيف المدني والتشاور العام يوم الخميس في جوبا.
في كلمته التي ألقاها في الحفل الذي أقيم في قاعة الحرية، شدد السفير إسماعيل وايس، ممثل “الإيقاد”، على أهمية إعطاء الأولوية للحوار على الصراع.
وأكد أن خطابه المُعدّ مسبقا كان يهدف إلى بثّ الأمل في قلوب شعب جنوب السودان بشأن احتمال وجود دستور دائم. إلا أنه، نظرا للتصعيد الأخير للتوترات، لم يتمكن من إلقاء تلك الكلمات كما كان مقصودا.
وقال “كنتُ قد أعددتُ خطابا مفعما بالأمل والالتزام المشترك، لكن بعد أنباء وضع الدكتور مشار، تحت الإقامة الجبرية، لم أستطع، بضمير مرتاح، إلقاء هذه الكلمات”.
وأضاف “في هذا اليوم، أقف أمامكم بقلبٍ مثقل، مُثقلٍ بالأزمة المُتفاقمة التي تُهدد السلام الهش الذي ناضلنا جاهدين من أجله”.
وحذر الدبلوماسي، من أن جنوب السودان على وشك محو كل ما حققه على مر السنين، مما يضع اتفاقية السلام المنشطة لعام 2018 على شفا الانهيار.
وتابع: “مجددا يقف جنوب السودان عند مفترق طرق، بين السلام والخطر، بين الوحدة والصراع، والتاريخ المُدون، وتصاعد العنف بين الأطراف نفسها، ومع الحفاظ على ما تبقى من هذه الاتفاقية، يُمكن أن يُعيد كل مكسب حققناه إلى الواجهة ويُلغيه”.
وقال إن المخرج الوحيد في الوقت الحالي هو لجوء الموقعين على اتفاق السلام إلى الحوار، مشيرا إلى أهمية ضمان سلام دائم، لأن المواطنين عانوا معاناةً طويلة.
وتابع “يجب أن ينتهي خطاب الانقسام، والطريق الوحيد للمضي قدما هو الحوار، لا العنف، ولا النقاش، ولا قضايا الصراع، ولقد قطعنا شوطا طويلا لا يسمح لنا بقول ذلك الآن، لسنوات، عانى شعب جنوب السودان معاناةً لا تُوصف، ولقد دفنّا أحباءكم، وعملنا من أجل مستقبلٍ ضائع، وكافحنا لإعادة بناء ما دمرناه. ومرة أخرى، كل ما تجرأتم على انتظاره من صعاب. لقد وقّعتم اتفاق سلامٍ ليس لأنفسكم”.
وقال “إلى قادة جنوب السودان، أحثكم، وأتوسل إليكم، وأناشدكم، لقد ناضلتم من أجل استقلال هذه الأمة، فهل تسمحون الآن للثوار التافهين، وانعدام الثقة، والطموحات، بتدمير ما احتجتم إليه كثيرًا لبنائه؟ العالم يراقب، والتاريخ سيحكم، والأمر لا يتعلق بالسياسة فحسب، بل بالمسؤولية الأخلاقية، ويتعلق أكثر بالقيادة، لا بإعادة هذه الأمة إلى الظلام”.
من جانبه، دعا جورج أقري أوينو، رئيس مفوضية المراقبة والتقييم المشتركة “المنشطة”، قادة جنوب السودان إلى الأخذ في الاعتبار أنه أثناء إرساء أسس مجتمع متحد ومزدهر، من الضروري مراعاة التعايش السلمي وحقوق الإنسان وسيادة القانون.
وتابع “أود أن أذكركم بالالتزام الراسخ، أن أساس مجتمع متحد وسلمي ومزدهر يقوم على العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، وأدعو القادة إلى تسجيل عزمهم على تعويض شعب جنوب السودان، من خلال الالتزام بالسلام والالتزام السياسي، وعدم تكرار أخطاء الماضي”.
وناشد الأطراف مواصلة تنفيذ السلام، وخاصةً عملية وضع الدستور، التي تُعد حيوية لإجراء الانتخابات العام المقبل.
وناشد أيضا الأطراف على تقديم الدعم المالي للهيئة الوطنية للإصلاح الدستوري في تنفيذ خطتها الشاملة للقيادة المدنية والتشاور العام، وتقديم دستور شعبي يركز على الشعب، ويعالج الأسباب الجذرية للمشكلة في هذا البلد.