قررت قوات الدعم السريع في إقليم دارفور بالسودان، بمنع نقل السلع من دارفور إلى مناطق سيطرة الجيش، مما أدى إلى حالة الخوف من التجار والمواطنين حيث يشعرون
بالضرر من هذا القرار، خاصة شريحة عمال الشحن والتفريغ الذين تأثروا إلى حد بعيد، بسبب توقف عربات الشحن.
- نص القرار والضرر الناتج عنه
القرار صدر من المجلس الاستشاري لإقليم دارفور بقيادة قوات الدعم السريع قبل أسبوعين، بتوقيع المستشار النزير يونس أحمد، ودخل حيز التنفيذ مباشرة، بمنع نقل السلع المنتجة من مناطق سيطرة قوات الدعم السريع إلى مناطق سيطرة الجيش.
شمل القرار منع سلع “الصمغ بأنواعه، والفول السوداني، وزيت الطعام، والتبغ، والأبقار، والماعز، والإبل، والضأن، والويكة، والسمسم، والدخن، والأمباز، والذرة، والكركدي، والذهب والمعادن الأخرى.
بتطبيق القرار تعرضت شرائح الضعيفة من مجتمع دارفور في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، إلى ضرر بالغ.
آدم محمد أبكر، المعروف باسم “آدم دنيا”، أدلى بتصريحات لراديو تمازج حيث أكد أن عمال الشحن والتفريغ في مدينة الضعين يواجهون ضائقة معيشية بعد فقدانهم مصدر دخلهم اليومي من العمل في سوق المدينة.
يقول آدم خالد محمد، الذي يعمل أيضًا في مهنة “العتالة”، إنهم من بين الأشخاص الأكثر تضررًا من هذا القرار، حيث يواجهون صعوبات في تأمين الأموال اللازمة لتلبية احتياجاتهم اليومية من الطعام والشراب.
يروي المزارعون في ولاية جنوب دارفور، مثل سليمان إسحاق، أن القرار جيد، ولكن يجب أن تسبقه ترتيبات مثل إنشاء بورصة ومحفظة عملات أجنبية قبل إصداره، لكي لا يتأثر المنتج المحلي. وبعد تنفيذ القرار، تأثر عدد كبير من التجار الذين يعملون في تجارة المحاصيل بين المدن الشمالية والغربية. فأُرْجِعَت عربات محملة بالسلع إلى أصحابها بسبب إغلاق الطرق، وكذلك كان للقرار تأثير سلبي على المزارعين في إقليم بتظني، حيث انخفضت أسعار المحاصيل إلى حد بيع جوال الفول في أسواق نيالا بخمسة آلاف جنيه، في حين يشتري المزارع الجوال الفارغ بألف جنيه ونصف. وقد انخفض سعر الحبوب أيضًا.
وتشير متابعات راديو تمازج إلى أن القرار قد أثر في المواطنين في مناطق سيطرة الجيش وقوات الدعم السريع على حد سواء، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية في دارفور إلى حد بعيد، بحيث وصل سعر كيلو السكر لمستوى يعادل سعر جوال الفول السوداني. كما ارتفعت أسعار اللحوم والعلف في مناطق شمال السودان، لتصل إلى مستوى يعادل سعر كيلو اللحمة بسعر الخروف في دارفور.
قال المواطن سيد أحمد الحاج من منطقة عطبرة إن أسعار اللحوم ارتفعت بصورة كبيرة، حيث يُباع كيلو اللحم في سوق عطبرة بسعر 30 ألف جنيه وجوال العلف الأمباز وصل إلى 100 ألف جنيه. وفي الوقت نفسه، كان سعر الكيلو السابق لا يتجاوز العشرة آلاف جنيه وجوال الأمباز بسعر 25 ألف جنيه. ويثير هذا الارتفاع الكبير تخوفًا من تعرض تجارة إنتاج الألبان لخطر.
- تأثير القرار على سكان الإقليم
بحسب المراقبين، فإن القرار بمنع تدفق السلع الأساسية، قد يؤدي إلى نقص في الإمدادات وارتفاع الأسعار، ويتعرض المزارعون لخسائر في محاصيلهم؛ بسبب عدم القدرة على نقلها للأسواق، مما يؤدي إلى تكدس المنتجات وفقدانها.
ووفقا للسكان والتجار، للقرار أثر في الأسر التي تعتمد على التجارة المحلية لخلق دخل، مما يزيد مستويات الفقر والبطالة وتأثيره في النشاط التجاري وفقدان العديد من الوظائف، في ظل الحرب المستمر في إقليم دارفور بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ومع استمرار الحرب في السودان ونقص السلع الأساسية، تزداد المخاوف من انعدام الأمن الغذائي في المنطقة، حيث تتطلب هذه القضايا استجابة عاجلة من طرف الصراع والمجتمع الدولي لضمان توفير الإمدادات الأساسية ودعم المواطنين في هذه المناطق.
- الوجهة الاقتصادية للقرار
علق الخبير الاقتصادي يوسف فضل في مقابلة مع راديو تمازج على القرار الصادر عن قوات الدعم السريع قبل أسبوعين، والذي نصَّ على حظر نقل 12 منتجًا من منطقة دارفور، ومن أبرزها: صمغ عربي، الفول السوداني، الدخن، الذرة، الماشية، الذهب، والتبغ.
برأيه، فإن توقيت هذا القرار غير مناسب، ويجب البحث عن أسواق بديلة قبل تنفيذه، ولكن بعد أن أصبح الأمر واقعًا، يتعين القيام بجهود لتقليل آثاره على المنتجات.
ويقول إن من الأضرار السلبية المتوقعة لهذا القرار هو تأثيره السلبي على الإنتاج المحلي في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وكذلك تأثر المواطن في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش. كان من المفترض أن يستفيد المنتج المحلي من القرار من خلال تصدير السلع وزيادة أسعارها، لكن المواطن الآن يعاني بسبب انخفاض الأسعار جراء قلة الأسواق البديلة، مما أدى إلى تراكم المنتجات المحلية، في حين شهدت أسعار السلع الغذائية التي تأتي من مناطق الجيش ارتفاعًا كبيرًا، مما زاد معاناة المواطن في تلك المناطق.
وأضاف “نحن نحمّل قوات الدعم السريع مسؤولية اتخاذ قرار ضار دون إجراء أي تدابير لمعالجة آثاره السلبية”.
ومع ذلك، أشار يوسف إلى الجوانب الإيجابية للقرار، والتي تتمثل في حماية المنتجات المحلية من الاستغلال والنهب غير الأخلاقي من قبل التجار والمهرّبين للموارد السودانية بوجه عام وموارد دارفور بوجه خاص، مما يحمي تلك المنتجات.
ودعا قوات الدعم السريع إلى الإسراع في البحث عن بدائل، وقدّم اقتراحًا لإنشاء أسواق جديدة وتأسيس بورصة مع فتح قنوات مع الدول المجاورة لتصدير الماشية، صمغ عربي والفول السوداني للاستفادة من عوائد التصدير.
وأعرب عن أمله في المستقبل في إقامة شركات متعددة الأغراض تهدف إلى تصدير السلع أو تحويلها من المرحلة الأولية إلى المرحلة الثانوية، يعني تصديرها بعد تصنيعها.
وقال “ستكون لهذه الشركات وكلاء في مناطق دارفور لشراء المنتجات المحلية وإبرام اتفاقيات مع الدول المجاورة مثل ليبيا وجنوب السودان وتشاد”.
كما حصل راديو تمازج على معلومات تشير إلى وعد من المساعد الثاني لقوات الدعم السريع لغرف التجارة في منطقة دارفور بأنه سوف يشتري الفول من التجار إذا اُتُّفِق على أسعارهم مع المنتج المحلي.