قتل 18 شخصاً على الأقل داخل مقر حماية المدنيين التابع للأمم المتحدة في بلدة ملكال بجنوب السودان بعد وقوع مشادات على أسس عرقية مساء الأربعاء وبعد إختراق القوات الحكومية لمحيط مقر الأمم المتحدة للمشاركة في القتال.
ووقع الحادث في ملكال، ثاني أكبر مدينة في جنوب السودان، والآن مهجورة إلى حد كبير باستثناء حامية القوات الحكومية ونحو 40 ألف شخص يعيشون داخل مقر حماية الأمم المتحدة على المنطقة الشمالية من المدينة.
أكد شهود عيان داخل مقر حماية المدنيين لراديو تمازج أن التوتر قد ارتفع بين مجتمعات الدينكا والشلك والنوير منذ يوم الثلاثاء قبل اندلاع القتال.
واندلع العنف مساء الأربعاء بين مجموعات من سكان المخيم. وأوضحت بعثة الأمم المتحدة في بيان صحفي أن” اندلع العنف باستخدام الأسلحة الصغيرة والسواطير وأسلحة أخرى بين شبان من قبيلتي [الشلك والدينكا] في وقت متأخر من مساء يوم 17 فبراير”.
وتدخلت شرطة الأمم المتحدة باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشد، ولكن يقال أن القتال استمر حتى الليل واستؤنف أيضاً صباح يوم الخميس.
وفقا لسكان المخيم الذين تحدثوا لراديو تمازج، تسلل أفراد من جيش جنوب السودان (الجيش الشعبي) إلى المخيم خلال الليل وانضموا إلى القتال الذي أدى إلى تفاقم الوضع في ساعة مبكرة من صباح يوم الخميس، مما أسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى داخل المخيم.
في بيان علني لها، لم تتحدث بعثة الأمم المتحدة عن أي إشارة مباشرة لهجمات شنها قوات الحكومة داخل موقع الحماية، بل وصفت الحادث بأنه “عنف … بين شباب من الشلك والدينكا”.
ولكن تطابق تقرير لأمم المتحدة تم تسريبه عن الحادث مع روايات الشهود الذين تحدثوا للراديو تمازج. “دخلت قوات الجيش الشعبي عددها 50-100 إلى قطاع 1 داخل مقر الأمم المتحدة وقطاع 2 في ملكال يقال إنها هاجمت النازحين، وإطلقت النار بشكل متقطع، وحرقت الخيام ونهبت الممتلكات،” وفقاً لرسالة البريد الالكتروني لأفراد أمن الأمم المتحدة وقت الهجوم.
وأضاف التقرير”أنه ظل النازحين يفرون إلى مقر الحماية السابق والآن أحتلوا مقرات الحماية السابقة 1، 2، 3، 4″.
من ناحية أخرى، أكدت المتحدثة باسم بعثة الأمم المتحدة آريان كوينتير في رسالة بالبريد الالكتروني إن المخيم شهد إطلاق نار”من الخارج”. وقالت: “يمكنني أن أؤكد حوادث اطلاق نار بين المجتمعات في مقر حماية المدنيين بملكال، وتعقد الوضع أكثر بعد اطلاق النار من الخارج.”
وقال بيتر ضيو كوان، رئيس لجنة السلام والمصالحة داخل المخيم لراديو تمازج أن عناصر من الجيش الشعبي تسللت إلى المخيم مساء الأربعاء وانضمت إلى مجتمع النازحين من قبيلة الدينكا في مهاجمة المواطنين من قبيلتي الشلك والنوير، وفتحت النار عليهم وحرقت جزء من مربع النوير داخل المخيم.
وقدر عدد القتلى بخمسة من الشلك وإثنين من النوير، بجانب جرح 38 شخص على الأقل.
أعلنت منظمة أطباء بلا حدود، وهي جمعية خيرية طبية، حسابها للقتلى والجرحى مساء الخميس، قائلة أن 18 شخصاً قتلوا على الأقل، من بينهم اثنان من موظفي منظمة أطباء بلا حدود في جنوب السودان الذين تعرضوا للهجوم في منازلهم. وقالت المنظمة إنها عالجت 36 جريحاً بينهم 25 أشخاص أصيبوا بأعيرة نارية في مستشفى داخل مخيم ملكال.
وقال ماركوس باخمان، منسق مشاريع منظمة أطباء بلا حدود في جنوب السودان “هذا الهجوم على المدنيين أمر شائن، ونطالب الجماعات المسلحة بوقف هذه الأعمال “جاء الناس إلى مقر حماية المدنيين للبحث عن الحماية وينبغي أن يكون ملاذاً يحترمه جميع الأطراف”.
كشف أطباء بلا حدود أيضاً أنها وفرت مأوا لحوالي 600 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، داخل المستشفى التابع لها في قاعدة الأمم المتحدة بعد اندلاع القتال ليلة الأربعاء.
ووفقاً للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الهجوم على قاعدة ملكال “قد يشكل جريمة حرب”. وفي بيان صحفي له، مع ذلك، أشار بان بصورة غير مباشرة إلى الهجوم على قاعدة الأمم المتحدة، مذكرا قوات الأمن الحكومية “بحُرمة مقرات الأمم المتحدة”.
يعد هذا الهجوم الثالث من نوعه على قاعدة الأمم المتحدة في جنوب السودان منذ اندلاع الحرب الأهلية في ديسمبر كانون الاول عام 2013، بعد المجازر في أكوبو وبور.
وذكرت منظمة أطباء بلا حدود، “قلوبنا مع أسر زملائنا الذين فقدوا حياتهم”.
تقول بعثة الأمم المتحدة إنها تعمل مع السلطات المحلية في ملكال لتهدئة الوضع. وتقول أيضاً أنه تمت زيادة الدوريات لموقع الحماية من قبل قوات حفظ السلام.
من جانبها، أدانت الحركة الشعبية في المعارضة العنف، ووصفته بأنه جزء من “سياسة استمرار الإبادة”. انتقدت المعارضة أيضاً بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، مما يشير إلى أنه كان ينبغي ترحيل الناس من مواقع الحماية.
وقال نائب المتحدث العسكري في المعارضة ديكسون قالواك “نلوم بعثة الأمم المتحدة لفشلها في تفويضها مرة أخرى لحماية المدنيين الأبرياء”.
أردف قالواك قائلاً” بدلاً من أن تدفن الأمم المتحدة الرأس في الرمال يجب أن تأتي بوضوح وتعلن أنها عاجزة عن تنفيذ تفويضها لحماية المدنيين العزل. إن الاستمرار لسماح المدنيين لتفادي الرصاص الحي تحت البطانيات أمر غير مقبول، وإذا أصبحت البعثة عاجزة وليس بإمكانها تفعيل تفويضها، يجب عليها ترحيل الذين نجوا إلى مناطق أكثر أمناً”.