فى تصعيد مُتوقّع، بين قائدى المليشيات الدارفورية المتنافسة على الموارد فى دارفور، موسى هلال الزعيم القبلى النافذ من قبيلة المحاميد، رئيس مجلس الصحوة الثورى، ومحمد حمدان دلقو المشهور بـ( حميدتى) من قبيلة الرزيقات، قائد قوات الدعم السريع، وقد عاد الطرفان إلى الإعلان عن خلافاتهم – بصورة سافرة – حول السيطرة على الموارد فى الإقليم الملتهب، وجاء التصعيد المباشر الأخيربعد دخول قوات الدعم السريع لمناطق تقع تحت سيطرة هلال، من بينها مستريحة التى هى مسقط رأسه ومعقل إقامته، بولاية شمال دارفور، والذى يعتبره هلال استفزازاً مقصوداً، وهى بمثابة إعلان حرب جديدة فى المنطقة، ويُحمّل الحكومة تبعاته.
يرى مراقبون أنّ استمرار الصراع بين هلال وحميدتى، سيعود بإقليم دارفور إلى أتون حرب جديدة، أشرس من ما سبق، حيث اتسعت رقعة ميادين المعركة، وانتشر السلاح الثقيل بين القبائل المتصارعة، وماعاد للقيادات القبلية التقليدية اليد العليا أو السيطرة على الجيل الثانى من شباب المليشيات المحتربة فى الإقليم المحترق، بسبب ازدياد طموحاتهم الشخصية لتحقيق مكاسب مادية، لمقابلة الأوضاع الإقتصادية المتردية فى المنطقة، حيث تتصارع المليشيات المسلحة بصورة مكشوفة على السيطرة على مناطق تعدين الذهب، والذى اصبحت اجندة الصراع بالإقليم.
فيما يقول موسى هلال أنّه " تعرّض لأكثر من محاولة اغتيال"، من قوات الدعم السريع، واستفزازات وتحرُّشات كادت أن تؤدّى إلى اشتباكات ومواجهة عسكرية فى الميدان بين الطرفين، يرُد حميدتى بأنّ ما حدث ليس مقصوداً به هلال وقواته، إنّما قوات أُخرى، يقول / يزعم أنّها قوات تشادية معارضة، تصادف وجودها فى المنطقة المحسوبة على هلال، أثناء مطاردتها بقواته.
ويرى مراقبون أنّ الحكومة المركزية هى المستفيد من مواصلة الخلاف بين حميدتى وهلال، لكونه يصُب فى مصلحتها، وفق نظرية " فرّق تسُد " التى تنتهجها الحكومة السودانية فى التعامل مع فصائل المعارضة المسلحة، إذ ريحظى حميدتى بثقة الرئيس السودانى عمر البشير شخصياً، حيث سبق أن إتّصل بحميدتى، بعد احتدام الخلافات بين الحكومة وموسى هلال، وطلب الرئيس من حميدتى تشكيل قوات الدعم السريع وقتال الحركات الدارفورية المسلحة نيابة عن الحكومة فى الإقليم.
وتتهم الحكومة السودانية هلال بأنّه يدعم المعارضة التشادية، و يحتضن بعض عناصرها فى معسكرات داخل الأراضى السودانية، الأمر الذى جعلها تعلن أكثر من مرّة نيتها فى تجريدها من السلاح – بالقوة- مستعينةً بقوات الدعم السريع.
تجىء هذه التطورات الحرجة فى الوقت الذى يعتزم فيه مجلس الأمن الدولى – هذا الشهر- تعديل/ تغييرمهام بعثة اليوناميد فى دارفور من قوات " حفظ سلام" إلى " بناء سلام "، مع التجديد لها لعامٍ آخر فى 27 يونيو الجارى، وذلك عقب إعلان الولايات المتحدة الامريكية، تخفيض مساهمتها المالية، فى تكلفة نشاط اليوناميد فى دارفور، بعد وصولها لتفاهمات مع الحكومة السودانية، يتم بناءاً عليها تقليص عدد قوات اليوناميد فى ولايات دارفور الخمس، بدلاً عن خروجها نهائياً، على أن تتولى إجراءات الحماية وبسط الأمن فى الإقليم، قوات حكومية، ومليشيات الدعم السريع التى أصبحت – بقانون أجازه البرلمان السودانى- جزءاً من القوات المسلحة السودانية، وسط رفض شعبى ، لما لهذه المليشيات من اتهامات بانتهاكات حقوق انسان ترقى لدرجة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المواطنين فى أجزاء واسعة من إقليم دارفور، ومناطق أُخرى فى السودان.
ويُحذّرمراقبون أنّ الصراع المسلح فى دارفور مازال قائماً، وأنّ الأوضاع قد تنفجر فى أىّ وقت فى الاشهر القادمة، طالما ظلّ الإقليم فى " سلام جزئى " و " هش" ، تحرسه بنادق المليشيات المسلحة، وليس الناعة والإرادة السياسية للأطراف المتحاربة.