التغيير الذى يشبه الشعب السودانى : أقيف عندك .. وخلّيك فى إعتصامك بس .. ولا تنغش! " أقيف عندك … وخلّيك فى اعتصامك بس …ولا تنغش …أقيفى هناك … وقوفك أصلو ما كان هش … إلى أن يحصل التغيير …يكون تغيير بيشبهنا .. فلا تنغش … ما عايزين سُوار تانى .. ولا المبلول يهاب الرش … فخلّيك فى إعتصامك …بس " … هذه الوصية الشعرية كتبها – بتاريخ 11 أبريل 2019- الشاعر الكبير محمد طه القدّال من الدوحة، حيث كان يستشفى هُناك، مقيماً بجسده، يُصارع الألم ومُعاناة المرض، ووحشة الغربة، بينما عقله وقلبه وكل مشاعره فى الوطن، ومع الثورة والثوار، فى ميدان الإعتصام، يُتابع عن قُرب ودراية مصير ومستقبل الثورة.. والمتابع لأشعار القدّال، يجدها واضحة – وضوح الشمس، مُنحازة للوطن والشعب وللناس والبسطاء منهم على وجه الخصوص، وهى قصائد مكتوبة بشاعرية عالية، وتُفضى كلماتها الجسورة، إلى ما يقصده الشاعر، من تحريض على الثورة والإنعتاق من الظلم، ومقاومة الدكتاتورية، وبلغةٍ مُباشرة، لا تحتمل أىّ تأويل. وهذه المعانى الواصلة، قد جاءت من قبل فى واحدة من روائع القدّال المُلحّنة والمُغنّاة " الممطورة ما بتبالى من الرش" وقد صدق !. كتب القدّال فى يوم 9 ديسمبر 2010، قصيدته الرائعة المسماة ( طواقى الخوف ) والتى جاء فيها : " ما خايف المطر يتحاشى الضهارى الراجية قولة خيرا …ولا خايف المطر يمشى على الصحارى تلمُّو فى بشكيرا …ولا خايف العشم يتناسى العشامى ونيما ياكل نيرا … ولا خايف النفِس تتذكّر نفسها وتنسى يوم حِدّيرا … خوفى على البلد الطيّب جناها وقُمنا فى خُدّيرا .. شاحدك يا كريم … لا يحصل خراب …لا أرجى يوم وُدّيرا " . ولشاعرنا القدّال رحلة طويلة مع الثورة السودانية … قاوم الأنظمة الدكتاتورية بلا مُهادنة ، ولا تراجع… وله جمهور ينتظر رسائله الشعرية، ليحوّلها إلى برنامج عمل، مثله، مثل صديقيه الراحلين – المقيمين – محجوب شريف، ومحمد الحسن سالم " حمّيد "، وغيرهما من شعراء الشعب. ولمن أراد/ت البحث فى شعر المقاومة السودانية، وأشعار الثورة السودانية، قراءة هذا الثلاثى النابه، فهم المنارات التى تُهدى النُقّاد الأدبيين والدارسين الجادّين، لمعرفة ملامح وخصائص ومكامن قوّة شعر المقاومة السودانية…وهذا باب واسع، أتمنّى أن يجد – منّا- العناية الكافية والإهتمام الذى يليق به. فتوثيق الثورات وأحداثها، لا يكتمل دون توثيق حركة الإبداع المُصاحب لهذه الثورات، ويقف الشعر فى صدر إبداعات شعبنا العظيم.. وهذا ما لزم التنويه والتنبيه له. من أشعار القدّال المحرّضة على الثورة، والمطالبة بإستكمال مهامها، أنتقل لأُعيد ما كتبته ونشرته بتاريخ 18 أبريل 2019، فى (( الميدان))وبعض وسائط الميديا الجديدة والبديلة وصحافة الوماطن، وقد جاء بعنوان : ((شكراً للشعب السودانى الذى جعل ذلك ممكناً )) حيث كتبت بالحرف الواحد : " على قوى الثورة مجتمعة المحافظة على الوحدة – وحدة الهدف والمصير والمطالب – ووحدة برنامج الفترة الإنتقالية، وهذا يتطلّب منها إدارة اختلافاتها وخلافاتها بالديمقراطية والصراحة والشفافية، وبكل الوضوح، وأمام سمع وبصر الشعب، بعيداً عن أسالبيب التخوين والإساءة والتجريح، والتحالفات الضيّقة، وليعلم الجميع، إنّ شعبنا أكبر وأعظم وأذكى من أن يُستغفل، أو " يُلعب " عليه..فلنرفع درجات اليقظة والحذر والإستعداد، لمواجهة مطلوبات تأمين وحماية الثورة، حتّى تصل لغاياتها … والنصر حليف الشُعوب". اليوم، أعيد التذكير – مع سبق الإصرار- مُطالبتى ومُناشدتى الصادقة لـ(( قوى الحرية والتغيير)) على الإلتزام بأهداف الثورة، المتمثلة فى (الإعلان ) الذى وقّعت عليه، ( نصّاً وروحاً)، وبعيداً عن أىّ " تراجُع " أو " لولوة " تُحيد بالنضال، عن تحقيق أهداف الثورة كاملة، وغير منقوصة، وهى الإنتقال الحقيقى بالوطن إلى رحاب الثورة، بتنفيذ برنامجها كاملاً، وأن لا يكونوا جزءاً من أىّ مُساومات تهدف لإعادة إنتاج النظام القديم، أو تجعلهم أدوات فى أيدى القوى – الداخلية والخارجية – التى تُريد إعادة عجلة التاريخ للوراء، وتسعى لفرملة عجلة الثورة، فى محطة – بعض – التغييرات الفوقية، التى تجعل الحصيلة ( صفر)، وفى هذا خيانة لدماء الشهداء، وهو ما يتوجّب علينا أجمعين مقاومته، ورفع رايات المقاومة، والدخول فى مرحلة العصيان المدنى والإضراب السياسى العام، وهو السلاح – المجرّب، سودانياً- الذى لا تستطيع أىّ قوّة فى الأرض مواجهته ، سواء بأسلحة ( مليشيات ) أو ( كتائب ظل)، أو بأسلحة خارجية… وما على الذين يؤمنون بالشعب وقوّته وسلطته، سوى مواصلة المشوار حتّى النصر… ولن يصح ، إلّا الصحيح …والنصر حليف الشعوب !. وستبقى وصيّة شاعرنا القدّال، حاضرة فى قلب ميدان الإعتصام، وفى قلوب وعقول ومواقف الثوار والثائرات، مهما حاول البعض تخذيلهم/ن ..وغداً، سينتصر شعبنا، رغم كل التضحيات، وتكلفة الصمود …وغداً، لناظره قريب!.
فيصل الباقر faisal.elbagir@gmail.com
مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية المؤلف، وليست راديو تمازج