رئيس الحركة الوطنية الديمقرايطة الدكتور لام اكول لـ “الموقف”

طبعا اتفاقية السلام اعترتها تحديات كثيرة في التطبيق ، فكما تعلم ان تنفيذ الاتفاق مقسم الى جزئين هما الفترة الانتقالية و الفترة ما قبل الانتقالية. الفترة ما قبل الانتقالية كان مقررا لها ثمانية شهور ، تم تمديدها لفترة 17 شهر و عشرة ايام، فيما يزيد عن الضعف

حاوره / أتيم سايمون

س: لماذ يتواجد دكتور لام اكول خارج البلاد في وقت تنخرط فيه الاطراف الموقعة في مناقشة تفاصيل التنفيذ و المشاركة السياسية ؟

طبعا اتفاقية السلام اعترتها تحديات كثيرة في التطبيق ، فكما تعلم ان تنفيذ الاتفاق مقسم الى جزئين هما الفترة الانتقالية و الفترة ما قبل الانتقالية.  الفترة ما قبل الانتقالية  كان مقررا لها ثمانية شهور ، تم تمديدها لفترة 17 شهر و عشرة ايام، فيما يزيد عن الضعف ، بسبب انعدام الارادة السياسية عند الحكومة لتنفيذ الاتفاقية. نفس المنوال استمر عندما فرضت الظروف على الناس ان تبدا الفترة الانتقالية في فبراير، و كانت بدون الوصول الى اتفاق حول الترتيبات الامنية ، فالحكومة بدلا من تنفيذ الاتفاقية بدأت تستقطب اطراف الاتفاقية وتماطل في عملية التنفيذ . الان نحن نقترب من السنة وكل الانشطة المنصوص عليها في المصفوفة لم يطبق منها ولا نشاط واحد ، فالتركيز كله منصب على توزيع الوظائف و المناصب. انتهت المناقشات حول المناصب الاتحادية مثل الرئاسة ومجلس الوزراء وتعيين تسعة من الولاة ، ولكن الوالي العاشر و الحكومات الولائية لم يتم تعيينها حتى الان.

  اما لماذا اتواجد بعيدا ، اولا اعتقد ان تنفيذ الاتفاقية لايسير بصورة مثلى ، ووجودي في جوبا لايختلف عن وجودي هنا في الخرطوم من حيث ان الموضوع موضوع تقديم اراء ومشاورات ، لان تنظيمنا الحركة الوطنية الديمقراطية موجودة في جوبا بثقلها ، من حيث القيادة التنفيذية وكل القطاعات الاخرى موجودة، هناك عدد من المشاكل في جوبا مثل مشاكل السكن، ومشاكل كيفية ممارسة العمل السياسي.  حتى الان لم ينفتح المجال للعمل السياسي ، والحكومة حتى الان تستغل الكورونا كسبب لعدم عقد اجتماعات ولعدم السماح للاحزاب بممارسة العمل السياسي، واذا احتجت لاجتماع فانك تحتاج الى اذن من الامن ، فهذه ليست ظروف مواتية للعمل السياسي ، فاذا لايوجد فى جوبا سكن مناسب للقيادات ،ولايوجد مجال لمخاطبة الجماهير و تمليكهم الاتفاقية ، اذا كانت هذه النشاطات غير موجودة ، فما هي جدوي الوجود في جوبا ،فالاخوة الاخرين يستطيعون مواصلة التفاوض حول المناصب. فمتى ما إنفتح المجال للعمل السياسى الحر سأكون فى جوبا للتبشير بمبادئ الحركة الوطنية الديمقراطية فى لقاءات جماهيرية وإجتماعات نوعية. بالامس اتوا بشئ جديد ، قبل شهور مضت قالوا لاتوجد مشاركة في الاداريات الثلاث، والامس بعد أن سكتوا طويلاً جاءوا باتفاق ثنائى حول توزيع المناصب في الاداريات الثلاث كنوع من استغلال الوقت.  فالي ان يتم تشكيل حكومات الولايات يكون قد مضى على الفترة الانتقالية عام كامل ، الان هناك نشاطات تاخد زمناً طويلاً مثل اجراءات اجازة الدستور الدائم ، الذى سيبنى عليه اجراء الانتخابات التي يفترض ان تتم في الشهر الـ34 من الفترة الإنتقالية، فبهذه الطريقة معناه ان هؤلاء الناس يعملون من اجل تمديد الفترة الانتقالية ، واي تمديد للفترة الانتقالية غير مقبول للمواطن، لان المواطن يري ان الانتخابات هي  السبيل الوحيد لإختيار حكومته رغم تحمله للتلكوء وتاجيل تنفيذ الاتفاقية وعدم الدخول في الاصلاح المنصوص عليه في الاتفاقية وكل هذه الاشياء.  لكن المواطن يرى ان الانتخابات هي الوسيلة الوحيدة لتجديد الحكومة ، وهذا النشاط مهم ولايمكن مده باي صورة من الصور، فاذا كانت المجموعة الحاكمة تنوي – وهذا مايبدو – مد الفترة الانتقالية وتاجيل الانتخابات ، فهذا خطا ولن يكون مقبولا من كل الناس الذين قبلوا هذه الاتفاقية على علاتها وبكل حسن نية ، املا في ان تكون هناك عملية جماهيرية في انتخاب حكومتهم.  الجدير بالذكر ان جنوب السودان لم يشهد اجراء اي انتخابات منذ الاستقلال في 2011.

س: الان مر تقريبا عام على تكوين الحكومة الانتقالية بموجب اتفاق السلام ، ماهو تقييمكم لما تم انجازه في تلك الفترة ؟

   التقييم الذي اصدرناه هو ان النشاطات التي يفترض ان تقوم بها الحكومة خلال الفترة الماضية لم تقم ، بمعني انه لايوجد اي انجاز.  كما ان مجلس الوزراء (الحكومة) اخذ فترة طويلة دونما اجتماع ، عقد جلسة واحدة بعد تشكيلها ولم يجتمع بعد ذلك لفترة ستة شهور، صحيح ان القطاعات تجتمع ولكنها لايمكن ان تقوم مقام مجلس الوزراء لأنها تنفذ ما يقرره المجلس وتوصى للمجلس ما تراه من سياسات للتصديق عليها. وعليه فمن الصعب ان تقول ان مجلس الوزراء قد انجز ماهو منصوص عليه في الاتفاقية.  صحيح قد يقولون انهم قد حافظوا على السلام ولكن هذا ايضا مسؤولية مشتركة للجميع ، ولايمكن ان نحسبها على طرف دون الاخرين.

س: انتم بحسب تصريحاتكم ومواقفكم المعلنة غير راضين عن سير تنفيذ الاتفاق ، لكنكم لازلتم جزء منها ، هل يعنى ذلك ان هناك امل في امكانية تنزيل بنودها على ارض الواقع؟

لا ابدا. أولاً: نحن الان مقتنعون بعد مرور عام، ان هذه الاتفاقية لن تطبق كما كان مقرراً منذ البداية ، هذه قناعة بالنسبة لنا.  ثانيا: نقول ان هذه الاتفاقية هي الوسيلة السلمية الوحيدة لتغيير الحكومة ، ولذلك نحن عمليين ونقول اننا نقبل بكل ماتم من معاكسات وان يكون التركيز فيما تبقى من وقت حول القضايا التي تقود الى قيام الانتخابات.  هذا املنا الاخير، وهو ان نتخطى بعض القضايا الهامة مثل المشاكل المتعلقة بالاصلاح برغم صعوبة ذلك ، لكنا نقول ان هناك ضرورة للعمل على تنفيذ القضايا التي لها علاقة مباشرة بقيام الانتخابات ، مثل تكوين المجلس الوطني ومجلس الولايات ،موضوع اعتماد الدستور الانتقالي الذي يتضمن اتفاقية السلام ، عملية اخلاء مناطق المدنيين حتى يعود النازحون واللاجئون إلى ديارهم ، موضوع الاصلاح القضائي لان له علاقة بالانتخابات، وغيرها. هذه المجموعة من القضايا يتم التركيز عليها حتى ننجز ويتم إجراء إنتخابات حرة ونزيهة وبمراقبة إقليمية ودولية. بقية القضايا ممكن ان تترك للحكومة المنتخبة مثل متابعة المحاكم و الاصلاحات المنصوص عليها في الاتفاقية.  وهذا الأمل فى قيام إنتخابات قبل شهرين من نهاية الفترة الإنتقالية هو السبب الذي يجعلنا نتمسك بالإتفاقية ونظل جزءً منها.

س: برزت مؤخرا خلافات بين الاطراف الموقعة على الاتفاق بخصوص ترشيحاتهم الخاصة بالحكومات الولائية ومقاعد البرلمان ، هل تقدمتم بقائمتكم للتحالف ام انكم تخشون حدوث السيناريوهات السابقة التي اتهمتم فيها الحكومة بمحاولة اقصاؤكم من المشاركة في الحكومة؟ً

  طبعا قصة ان الحكومة تحاول اقصاؤنا لاشك فيها ، ونحن لم نخلق مشكلة من موضوع الاقصاء. حتى هذه الحكومات المرشحة في الولايات فالذين هم على صلة لصيقة مع الحكومة استحوذوا على نصيب الاسد منها.  ونحن مستعدون للمشاركة فيما يتركون لنا من مواقع من اجل المحافظة على  الاتفاقية.

س: هذا يعني بانكم دفعتم بقوائمكم وترشيحاتكم؟

نعم رشحنا قوائمنا للحكومات الولائية والبرلمان القومى.

س: كيف تنظرون للخلافات الكثيرة التي دبت مؤخرا بين الاحزاب الموقعة على اتفاق السلام ، هل هي خلافات على السلطة ام تحركها جهات ما لخدمة مصلحتها؟

طبعا كلها خلافات لها علاقة بالحكومة الحالية.  فالحكومة تختار من تشاء وترفض من تشاء ، وتستغل الذين قبلوا ان يتعاونوا معها في تنفيذ هذه المهام ، حتى لا يستطيع اي شخص ان يلوم الحكومة ،ولذلك لانريد ان ندير معركة مع هؤلاء لانها ليست معركتهم، ولذلك اخترنا ان نتقبل كل شئ لان المهم عندنا هو موضوع تنفيذ الاتفاقية.  ونود أن نذَكر الناس هنا  أننا عندما كنا نتفاوض في اديس ابابا كنا نكافح لان تكون هناك حكومة تكنوقراط (بمعنى أننا سنكون خارج الحكومة)،لان هذه الحكومة يمكن ان تنفذ الاتفاقية بحذافيرها، فاي حكومة تقاسم السلطة مصيرها الانقسام. وكانت هناك معارضة من الحكومة و من الحركة الشعبية فى المعارضة المسلحة لهذا المقترح، ولكن الواقع الان اثبت صحة موقفنا حينذاك. فنحن نتاخر الآن بسبب صراعات حول المناصب ، فلو كانت هناك حكومة تكنوقراط منذ البداية لانجزت الكثير الان في العام الذي مضى ، ليس عام فقط وانما عام وتسعة شهور وعشرة ايام ،و لما تاجلت الفترة ماقبل الانتقالية.

س: حتى الان لايزال الحديث محصورا على المشاركة السياسية في السلطة ، يبدو ان هناك صمت جماعي على قضايا الانتقال و التحول و الاصلاح و المساءلة ، ماهو السب وراء ذلك برايك؟

الخطر الأكبر الان  في موضوع الترتيبات الامنية ، فهذه الترتيبات لم تطبق. العكس، هناك معاكسة واضحة لتوحيد القوات ، اضف الى ذلك أن هناك معارك تدور الان بين اطراف الاتفاقية. فهذه القضية من الخطورة بمكان لانه اذا انفلت الامر من يد القادة ، معناه ان هؤلاء الجنود سيخلقون مشكلة في الاتفاقية ككل ، والاتفاقية ممكن ان تنهار كنتيجة لتمرد من افراد بدون قياداتهم في جوبا وهذا خطر على الاتفاقية. ولذلك نحن نريد ان ننقذ ما تبقى من هذه الاتفاقية فما لايدرك كله لايترك جله ، ونرى انه لابد من تفادي إنهيار الاتفاقية لان المعاكسة في تنفيذ متطلبات الاتفاقية قد تقود للانهيار ونحن لانريد ذلك.   لايستطيع احد ان يتكهن حول ماذا ستكون النتيجة النهائية لانهيار الاتفاقية.  عليه نقول بدلا من ان نفقد الاتفاقية كلها يمكن ان نؤجل بعض القضايا ، ولكن لابد ان نعد العدة لانتخابات نزيهة. وهذا لايمكن ان يقوم به العنصر الوطني فقط فلابد ان يكون هناك دور للمجتمع الاقليمي والدولي  لضمان نزاهة وحرية الانتخابات وبعد ذلك يمكن ان نمضي في تنفيذ كل ما له علاقة بالانتخابات.  لان موضوع الدستور يجب ان يتم اجازته قبل سنة  من اجراء الانتخابات وبعد ذلك يتم تعديل قانون الإنتخابات وتكوين لجنة الانتخابات التي عليها وضع الجداول ، ولابد ان يكون هناك احصاء، رغم أنه يمكننا ان نضحي به لان الوقت ضيق وان يعتمد الناس على تقديرات العام 2008 لرسم الدوائر الجغرافية.

س: هناك تحذيرات متكررة من انهيار اتفاق الترتيبات الامنية بسبب غياب التمويل ، في وقت تتحدث فيه الاطراف عن اقترابها من تخريج القوات المشتركة، من وجهة نظركم كحركة معارضة ، كيف تسير اتفاقية الترتيبات الامنية حتى الان؟

 موضوع التخريج هذا سمعنا به منذ العام السابق قبل تكوين الحكومة. منذ 2019 ، كنا نسمع ان التخريج سيتم وحتى تم توزيع الناس على المراكز خاصة نواب الرئيس للمشاركة في تخريج القوات ، لكن التخريج لم يتم. إذا فرضنا حسن نية ان التخريج  سيتم ، فهل هذا هو التخريج الذي تحدثت عنه الاتفاقية؟  لان الاتفاقية تتحدث عن تدريب كل المكونات الموقعة لكي يخلقوا منهم جيشاً وطنياً واحداً بعقيدة قتالية واحدة. هل هؤلاء الذين سيتخرجون تشربوا من هذا القالب؟  نشك كثيراً في ذلك فليس مجرد تخريج جيش فقط وانما تخريج جيش يستوفي الشروط المنصوص عليها فى الاتفاقية لبناء جيش وطني واحد.

س: صدرت مؤخرا تصريحات من السكرتير الصحفي للرئيس كير بتمديد عمر الفترة الانتقالية ، وهو مانفيتم علمكم به ، الا تعني تلك التصريحات وجود نوايا خفية لدى الحكومة و المعارضة لتمديد عمر الفترة الانتقالية عام آخر؟

   نعم.  اصلا لا يوجد شك في ان الحكومة تريد مد الفترة الانتقالية فجميع الافعال التي تقوم بها تشير الى هذا الاتجاه ، فاذا كانت لاتريد ان تنفيذ المصفوفة فهذا يعني واحد من اثنين ، فاما انها تريد ان تنهار الاتفاقية او انها ترغب في مد الفترة الانتقالية. فإذا فرضنا حسن النية انهم لايريدون انهيار الاتفاقية،  فالاستنتاج الوحيد هو انهم يريدون مد عمر الفترة الانتقالية. ربما الخلاف في الطريقة التي خرج بها الناطق الرسمي بالتصريح ، ربما  لم يتفقوا على طريقة الإخراج.  وزير الاعلام نفى ذلك ، ولكن طريقة النفي لم تنف وجود الفكرة، وهى وجود نية لمد الفترة الانتقالية. فالاعمال التي يقومون بها كلها تشير لوجود رغبة لمد الفترة الانتقالية.

س: فشلت اطراف الاتفاق الرئيسية في الحكومة والمعارضة في التوافق على تعيين حاكم لولاية اعالي النيل ، لكنها تقترح جلوس مجتمعات المنطقة لتجاوز خلافاتهم ، والاتفاق على الحاكم ، هل ستنجح تلك المبادرة الحكومية ، ولماذا؟

 اكيد الاجابة لا.  لن يقدر لها النجاح لانها  ليست من مصلحة المواطن.  اولا، الالية تتحدث عن ان يتم الاختيار من قبل المواطنين ، فهل اتفقنا ان يتم اختيار بقية الولاة بنفس الطريقة ، الولاة التسعة كلهم عينوا بقرارات دون مشاورة احد ، لماذا حاكم اعالي النيل بالذات؟  صحيح هناك مشاكل بين المجتمعات في اعالي النيل لكن بقية المناطق فيها مشاكل ايضا لا تقل شراسة من تحديات أعالى النيل ، ففي قوقريال مثلا هناك مشاكل بين عشيرتي  افوك واقووك ،وهناك مشاكل في منطقة  تونج ، وايضا هناك مشاكل في الحدود  بين تويج  وبول ، وهناك مشاكل بين بطون قبيلة الأقار فى البحيرات، وهكذا. هناك مشاكل مجتمعية فى غير أعالى النيل لكن لم يقل احد انه لابد ان تجلس تلك المجتمعات لكي يتم اختيار حاكم لولاية واراب مثلا.  وعليه فموضوع قيام مؤتمر للمجتمعات في اعالي النيل هو حق اريد به باطل ، الباطل هو عدم رغبة القيادة في جوبا في اختيار شخصيات معينة لتولي منصب الحاكم ، هذا لايهم المواطن في ولاية اعالي النيل. اذا كانت هناك رغبة أكيدة لحل المشاكل في ولاية اعالي النيل فاننا نرحب بذلك ، كما نرحب بحل المشاكل الموجودة في واراب و في البحيرات و المناطق الاخرى.  ولكن هذه الرغبة الاكيدة لابد ان تاتي من المواطن ، وان هذا المواطن لابد ان يجلس ويتحاور مع اخيه المواطن ، فتلك المجتمعات ليست غريبة على بعضها ، فهي عاشت فترة طويلة من الزمن ومتزاوجة مع بعضها ، فهم يمكنهم حل مشاكلهم بسهولة اذا رفعت الحكومة في جوبا يدها عن تلك المشاكل ومحاولة استغلالها لمكاسب رخصية.

 راينا واضح حول المؤتمر ، اولا نرحب باي مؤتمر من اجل اصلاح ذات الحال بين المجتمعات الخمسة الموجودة في اعالي النيل ، ثانيا لابد ان تتم مشاورات بين هذه المجتمعات حول فكرة قيام المؤتمر نفسه، هل تلك المجتمعات مستعدة الآن لتتحاور  فيما بينها؟  لابد من تكوين لجنة تحضيرية تقوم باجراء نقاشات اولية حول القضايا التي ستطرح وبعد ذلك تدعو لانعقاد مؤتمر عام ، هذا لمن يريد ان يساعد في الدعوة للتصالح بين المجتمعات. اما مايقوم في جوبا الان ليس بمؤتمر لاعالي النيل وانما اجتماع للاطراف الموقعة على الاتفاق باسم مؤتمر المجتمعات وهذا غير مقبول ، لان هذه الاطراف موجودة في جوبا ويمكن ان تتناقش في اي وقت تريده ، لكن ان تقيم مؤتمر وتدعي بانه مؤتمر مجتمعى دون تمثيل المجتمعات فهذا لا يقبله المنطق. فقد تقسيم المقاعد بين اطراف اتفاقية السلام،  فالحكومة لها 82 والحركة الشعبية فى  المعارضة لها 41 عضو، تحالف المعارضة 15 و الاحزاب الاخرى ممثلة بـ 12 عضو،  بمجموع كلى يساوى 150 مندوباً وهو كل عضوية المؤتمر. طيب من يحاور من؟ لايوجد مواطن واحد او شيخ واحد ولاسلطان واحد ضمن اعضاء المؤتمر. هل يمكن تحقيق مصالحة بين المجتمعات دون مشاركة رموزها؟

س: كنتم قد دفعتم بمقترح لانعقاد مؤتمر خاص بمجتمعات اعالي النيل للجنة المعنية ، ماهي ابرز ملامحها؟

 هي نفس النقاط التي ذكرتها.  هناك مبادرة سابقة تمت في فبراير من قبل بعض الاخوة في المجتمع ، وقد وجدت  هذه المبادرة ترحيباً من المجتمعات المختلفة باعالي النيل،وبدات في الحوار وتم تكوين لجنة مشتركة من المجتمعات الخمسة ، وبدات في عملية الحوار النوعي بين كل المكونات تحضيرا لتكوين لجنة عليا ، ولكن ظروف جائحة الكورونا اوقفت عمل هذه اللجنة.  اذا كانت هناك نية حقيقية من الحكومة لتحقيق تصالح وتضميد للجراح ووحدة بين مجتمعات اعالي النيل ، كان من باب أولى ان يرجعوا لهذه اللجنة . فهذه اللجنة غير محتاجة للدعم المالي لان القسم المدني في الامم المتحدة ابدى استعداده لدعمها ، وقد اقترحتُ ان تقوم اللجنة التحضيرية بتمثيل المجتمعات الخمسة وهى مقيمة في 13 مقاطعة.  هناك مجتمع واحد لا يرقى عدد سكانه إلى أن يكون مقاطعة مستقلة  (الكوما)، لذلك إقترحت أن نزيد الاعضاء الى 14 حتى يكون هناك تمثيل لمجتمع (الكوما).  ولكي نشفي غليل الحكومة قلت ان ترشح الحكومة للجنة التحضيرية  14 من المواطنين على أن  تكون من بينهم خمسة نساء على الأقل ، وكذلك تقوم الحركة الشعبية فى المعارضة بترشيح نفس العدد ليكون العدد الكلى لاعضاء اللجنة 28 عضواً. هذه اللجنة تختار قيادتها وتبدا كل المشاورات الاولية بعد الاستماع لاراء المجتمعات المختلفة ، بعد ذلك تدعو للمؤتمر حيث تقرر المجتمعات كلما يتعلق به ، حتى تكون قراراتها خارجة من تاثير اي جهة سياسية. هذا هو المقترح الذي دفعنا به وكنت اتوقع الرد من مقرر اللجنة الحكومية لكنهم اختاروا الصمت.

س: المشكلة الان هي ربط قيام المؤتمر بقضية تعيين الحاكم ، برايكم هل هي قضية خاصة بالمجتمعات المحلية؟

انا كنت واضحاً في المقترح الذي تقدمت به بانه ليس هناك اي علاقة بين اختيار الحاكم و المصالحة المجتمعية ، لان تلك الخلافات لم تنشا لان هناك حاكم مقبول او مرفوض. ثانيا الاتفاقية واضحة في اختيار الحاكم ،هذا موضوع بين الحركة الشعبية في المعارضة ورئيس الجمهورية الذي رفض مرشح الحركة الشعبية في المعارضة.  لذلك على الحركة الشعبية فى المعارضة ان تتخذ قرارها فى هذا الشأن. فاما ان  تسمع كلام الرئيس وتغير مرشحها او تصر على رايها. هذا موضوع سياسي لايهم المجتمعات المحلية ، فمثلما ان تعيين الحكام التسعة الاخرين  لم يتم فيه التشاورمع المجتمعات المحلية فهذا التعيين الخاص بحاكم اعالي النيل يجب ان يتم بنفس الطريقة.

س: الا ترى ان بطء تنفيذ بنود اتفاق السلام المنشط يعود لضعف اليات المراقبة وانشغال دول الايغاد بمشكلاتهم الداخلية؟

الايغاد هي المفترض ان تكون الضامن لهذه الاتفاقية ، لكنها لاتستطيع ان تفرض قرارها على جوبا للإلتزام بتنفيذ الإتفاقية ، فالامثلة واضحة، ففي ابريل الماضى حدد المجلس الوزاري للايغاد تاريخ 30 ابريل لحل المجلس الانتقالي في جوبا، وكذلك قمة الايغاد في يوليو حددت تاريخ معين لحل البرلمان ولم يحدث شئ. وعليه فالايغاد لاتستطيع ان تنفذ قراراتها ، ولذلك استمرأت الحكومة هذا الوضع واصبحت تفعل ماتشاء.

س: لماذا لاتتحرك الاطراف الموقعة مع الدول الراعية للاتفاق مثل السودان لحثها على متابعة الاتفاق الذي يواجه جملة من التحديات البالغة؟

نحن لم نتوقف عن مخاطبة الايغاد لكن هذا هو الحال.

س: في ظل الاوضاع الحالية التي تعيشها البلاد ، ماهي السيناريوهات المستقبلية المتوقعة بالنسبة لك ، هل ستصل الاطراف لمرحلة الانتخابات العامة ام ان هناك توقعات اخرى في تحليلكم؟

  طبعا على ضوء التطورات التي تمت منذ توقيع الاتفاقية ومنذ بداية الفترة الانتقالية هناك خياران لا ثالث لهما ، الخيار الاول ان يحاول الناس اللحاق بما تبقى من بنود الاتفاقية ،وان تصل لنقطة اجراء الانتخابات فى موعدها  لكي يتم انتخاب حكومة جديدة لجنوب السودان. هذا احسن الفروض وهذا ايضا يحتاج لارادة.  اذا  كانت الاطراف لاتملك الارادة للاسراع في تنفيذ القضايا التي لها علاقة بالانتخابات فاننا سنكون امام الخيار الثاني وهو إنهيار الإتفاقية وسيتبعه نتائج وخيمة لا تحمد عقباها.  لنفترض حسن النية  ونتمنى أن تقبل الاطراف بان تضع جانبا كل القضايا الاخرى وتركز على تنفيذ كلما له علاقة بقيام الانتخابات ثم قيام الانتخابات نفسها. هذا هو المخرج الوحيد.

س: حاليا تحاول الحكومة الحاق الجماعات الرافضة  للاتفاق والمنقسمة فيما بينها بعملية السلام المتعثرة عبر منبر روما التفاوضي، ان تتوصل لتفاهمات جديدة تشارك بموجبها في العملية السلمية، فهل سيكون منبر روما في تقديرك اضافة لعملية الانتقال و التحول السياسي بالبلاد ؟

 هناك قضايا تحتاج الى استيضاح من المفاوضين في منبر روما ، فالاطراف لم تدخل حتى الان في مناقشة القضايا السياسية.  وكان زعمهم منذ البداية انهم رفضوا الاتفاقية لانها لم تخاطب جذور المشكلة، والان قبل الدخول في مناقشة جذور المشكلة ،دخلت في موضوع مراقبة وقف اطلاق النار و الدخول في الالية الخاصة بمراقبة وقف اطلاق النار، فالسؤال الأول الذى يحتاج لاجابة من قبل المتفاوضين في روما هو: هل الاولوية هي ان يبعثوا بممثليهم لجوبا للمشاركة في تنفيذ وقف اطلاق النار في حين لم يصلوا لاتفاق سياسي؟ السؤال الثاني: اذا كانت الحكومة لاتنفذ اتفاق السلام المنشط الموقع قبل 27 شهراً، فماذا سيجعلها في موقف تنفذ معه اتفاق روما؟ اذا كان الأمر يتعلق بتوازن القوى، فان توازن القوى بين الحكومة واطراف اتفاق السلام المنشط اقوى بكثير من مجموعة روما. إذاً، ما هي الرافعة التي ستجعل الحكومة في موقف تجعلها تنفذ اتفاق روما.  هذان السؤالان يحتاجان لاجابة من قبل المفاوضين في روما.

س: الاسبوع المنصرم حملت الانباء استقالة المتحدث الرسمي من الحركة الوطنية الديمقراطية ،ووجه انتقادات كبيرة لشخصكم وللحركة قائلا بانكم ترفعون شعارات لاتقومون بتنفيذها؟

طبعا نحن لم نرد على مازعم لاننا نعتقد انها كلها لاتستحق الرد ، لكن اريد ان اتحدث عن الخلفية.  فقد كانت هناك محاولات لشق صف الحركة الوطنية الديمقراطية تحركها من يناصبونا العداء بحيث يبرز جناح موالي يلقى التأييد والدعم  ويُمنح المناصب. هناك عناصر داخل القيادة كانت تقوم بهذه المجهودات ، لكنهم فشلوا في مسعاهم لصلابة الحركة وإيمان أعضائها بمبادئها. هذه هي الخلفية التي على ضوئها جاءت هذه الاستقالة فى وسائل الإعلام.  وطبعا كل شخص يخرج لابد ان يذكر اسباب ، لانريد ان نتحدث عن هذا الشاب فالأيام كفيلة بمعرفة الدوافع الحقيقية.