منذ قبول عضوية البلاد في كل من الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف)، والاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وذلك بعد إعلان الاستقلال.
يدور في الشارع الرياضي في البلاد جدل ونقاش، حول اللقب الذي يمكن إطلاقه على المنتخب الوطني لكرة القدم، لا سيما بعد أدائه لأول مبارة دولية ودية بعد قبول عضويته في الكاف والفيفا، وانتهت هذه المباراة بالتعادل الإيجابي، وهو تعادل بطعم الفوز خاصة، وأن منتخب يوغندا، له صولات وجولات في قارتنا السمراء، ويعكس هذا الجدل والنقاش خاصة، في مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، اهتمام الشارع الرياضي بالمنتخب الوطني، وهو دليل على تنامي الروح الوطنية في البلاد، ولأن الرياضة بشكل عام، وكرة القدم بصفة خاصة يمكن أن تكون إحدى أدوات بناء الأمة، لأن الرياضة منافسة تذوب وتتلاشى فيها كل العصبيات ، سواء القبلية، الدينية أو الثقافية.
تعد الألقاب التي تطلقها الدول على منتخباتها، مصدر فخر وإلهام للمشجعين واللاعبين، بشكل عام، فالمتعارف عليه هو أن الألقاب التي تطلقها الدول، كأسماء لمنتخباتها هي رموز ذات دلالات وطنية، وهنا تأتي أهميتها في إلهاب مشاعر الجماهير واستلهام اللاعبين في أرض الملعب.
وأغلب هذه الرموز تكون إما رموزاً فكرية، سياسية أو ثقافية تعكس الموروث الثقافي لهذه الدول، فعلى سبيل المثال اللقب الذي يطلق على منتخب غانا (النجوم السوداء) وهي النجمة السوداء التي تتوسط العلم الغاني ذات الألوان الحمراء، الصفراء والخضراء هي مستوحاة من فكر الزنوجة – التي تدعو إلى الاعتزاز باللون الأسود وعدم شعور الزنجي بالدونية إزاء البيض، وذلك بالعودة إلى ثقافة وحضارة الزنوج، وتطورت هذه الأفكار فيما بعد بتحولها إلى تيار الوحدة الأفريقية أو الأفريقانية، وهو تيار أسسه الطلاب الأفارقة في لندن وباريس، وأسسوا إصدارة فكرية وثقافية عرفت” بالنجمة السوداء” وقد كان الرئيس كوامي نيكروما أحد محرريها ولاحقاً، أصبح أول رئيس لغانا بعد استقلالها من بريطانية في العام 1957م، وساهم بعد ذلك في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي.
وقد يعكس الموروث الثقافي لهذه الدول، فاللقب الذي تطلقه الأرجنتين على منتخبها (التانغو) هي اسم لرقصة أرجنتينية مشهورة، كما البرازيل المعروفة بلقب (السامبا)، وهي رقصة شعبية، تشبه تموّج نهر الأمازون العظيم.
وأحياناً تطلق الدول على منتخباتها أسماء الحيوانات، وهي ذات دلالات ثقافية، أو تكون أساطير شعبية يعتقد حولها، فمثلاً في أفريقيا نجد دولة ساحل العاج، تطلق على منتخبها لقب (الأفيال)، كرمز وطني ولأن العاج أو سن الفيل له رمزية ثقافية، إذ تستخدم كحلي للزينة يتزين بها الرجال والنساء على السواء، إضافة إلى أن الفيل حيوان يتمتع بالقوة، الكاميرون أيضاً تطلق على منتخبها لقب (الأسود غير المروضة)، ونيجيريا المعروفة (بالنسور الخضراء، أو النسور العظيمة)، فالنسر هو رمزها الوطني، فالعلم النيجيري معروف باللونين الأخضر الأبيض، منتخب السنغال (أسود التيرانغا)، منتخب مالي (النسور)، بوركينافاسو (الخيول)، تونس (نسور قرطاج) الجزائر (محاربي الصحراء)، المغرب (أسود الأطلس)، مصر (الفراعنة)، بتسوانا (الحمير الوحشية)، ليبيا (فرسان البحر المتوسط)، السودان (صقور الجديان)، جنوب إفريقيا (بافنا بافنا) وتعني الأولاد بلغة الزولو، وزامبيا (الشيبولو) أو الرصاصات النحاسية، ذكرت هذه الأمثلة التي تطلقها الدول على منتخباتها وهي كثيرة جداً، ولم تطلق هذه الألقاب جزافاً أو اعتباطاً، بل أطلقت لأنها ذات دلالات فكرية أو سياسية، أو ثقافية تعكس الموروث الثقافي لهذه الدول.
الرياضة هي أحد المجالات، التي من خلالها تعمل الدول، على إحراز وتحقيق إنجازات تشرف سمعتها في العالم، وتعتبر جزءاً من الدبلوماسية الشعبية، لأنها تعمل على تجسير الهوة الاجتماعية والثقافية بين الشعوب، فلولا كرة القدم كما يقول الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا … لما عرف العالم البرازيل … وأيضاً، لقد كان الزعيم الكوبي فيدل كاسترو يفتخر بإنجازات العداءين الكوبيين في ألعاب القوى، رغم الحصار الذي كان تفرضه الدول الغربية على كوبا.
من منا لا يعرف النجم الليبيري جورج ويا، كأول لاعب أفريقي، يفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم العام 1995م، ورغم أن بلده كانت تعاني الحرب الأهلية، وعند إعلان فوزه بالجائزة عمت بشائر الفرح كل أنحاء ليبيريا، ولقد ظل يدفع بكرم للاتحاد الليبيري لكرة القدم واللاعبين، من أمواله الخاصة حباً لوطنه، وقد أقام الليبيريون تمثالاً له في العاصمة منروفيا وفاءً له.
عند تسلم الحسن واتارا السلطة في ساحل العاج، وذلك بعد صراع طويل مع سلفه لوران باغبو الذي رفض تسليم السلطة، شكل واتارا لجان للمصالحة الوطنية، وذلك بعد انقسام البلاد بين المسلمين، في الشمال والمسيحيين في الجنوب، وقد عيَن واتارا وهو مسلم من الشمال، النجم العاجي، وقائد المنتخب ديديه دروجبا، عضواً في لجنة المصالحة، وذلك للمكانة الذي، يتمتع بها دروجبا في قلوب العاجيين، بمختلف أديانهم واتجاهاتهم الجغرافية، وقد حظي لاعبون أفارقة، بمكانة تضاهي مكانة الرؤساء الأفارقة، الذين لا يٌعرف أغلبهم، على عكس لاعبي كرة القدم، فمَن منا لا يعرف نوانكو كانو، صمويل إيتو، عبيدي بيليه، جي جيه أوكوشا، باتريك اومبوما، روغبير سونج، أبو تريكة، روجيه ميلا الكاميروني الذي ابتدع أسلوب الرقص في الملاعب بعد كل هدف يحرزه. هنالك العديد من اللاعبين الجديرين بالاحتذاء في قارتنا السمراء والعالم.
بلادنا جنوب السودان تزخر بدون شك برموز فكرية وسياسية، وثقافية تعكس الموروث الثقافي لبلادنا لا تقل عن كل ما ذكرته في البلدان السابقة.
عنوان المقال أعلاه، أعتبره اللقب الأمثل، كوجهة نظر طبعاً، للمنتخب الوطني لكرة القدم في البلاد، مستوحاة من إحدى العمليات العسكرية للجيش الشعبي لتحرير السودان” عمليات النجم الساطع” إبان سنوات النضال والتحرير، وانطلقت هذه العمليات في العام 1988م، وبموجبها تم تحرير معظم الأراضي في جنوب السودان آنذاك، وهذه النجمة هي، التي تزين علمنا الوطني، الذي نقف له بكل فخر وكبرياء، في” نشيدنا الوطني” لبلدنا جنوب السودان، ويعرف في النشيد الوطني” بالنجمة الهادية”، ويطلق آخرون عليها أيضاً” بالنجمة الذهبية”، وذلك للونها الأصفر كل هذه الألقاب تعٌلي، من مكانة نجمنا في قلوبنا، وبالفعل لقد سطع نجمنا منذ بزوغ فجر الثورة في الـ16 مايو من العام 1983م، في المناطق المحررة وأخيراً سطع نجمنا في سماء أفريقيا والعالم بعد الاستقلال، وستسطع هذه النجمة للأبد.
ونتمنى قريباً أن نقرأ في عناوين الصحف العالمية والإقليمية عناوين تتحدث عن منتخبنا الوطني، مثل هذا المانشيت الصحفي … النجوم الساطعة تسطع في سماء أفريقيا.
أو عنوانا آخرا يتحدث عن احتراف حارسنا المبدع بعنوان … النجم الساطع جمعة جينارو يحترف في أوروبا … أو نقرأ مانشيت يتحدث عن قائد منتخبنا الوطني … النجم الساطع ريتشارد جاستن يفوز بنجومية المباراة أمام منتخب الحمير الوحشية (بتسوانا) دعونا نتحاور حول اسم المنتخب؛ لأنه يمثل بلادنا، لذلك يجب أن يكون اسمه ملهباً لمشاعرنا كجماهير وملهماً للاعبينا في أرض الملعب.
هذا المقال نشر كمقترح لقب المنتخب الوطني لكرة القدم، في صحيفة المصير الصادرة باللغة العربية، في يوم الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢م، العدد (٤٣٥)، صفحة (٩)، واُعْتُمِد شفاهة من رئيس الجمهورية سفاكير ميارديت، كلقب المنتخب الوطني في يوم الأربعاء ١٧ يوليو ٢٠١٣م.
بقلم: فرانسيس مييك – الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢م
francismayik@gmail.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية الكاتب/ة، وليست راديو تمازج