*تخيلوا واقع بلادنا في ظل وباء فيروس كورونا الذي يتجاهله الجميع ، في هذا الواقع الذي يسود فيها المحسوبية والقبلية ، هل تتوقع ان تجد العناية اللازمة حال انتشار هذا المرض في البلاد ، بكل تأكيد لن تجد ما تتوقعه لأنه بكل بساطة يمكن أن يفرض " زول كبير " سلطته لتحول العناية الطبية اللازمة لك إلى شخص آخر قد يكون نسيب أو نسيبة أو زوجة أو … الخ لذاك " الزول الكبير " ، لتكون أنت الضحية في وقت كان بامكانك أن تلتزم بكافة الاجراءات الوقائية المعلنة من قبل وزارة الصحة الاتحادية ومنظمة الصحة العالمية ، او ان شخص آخر نصحك بكل تلك الاجراءات الاحترازية ولكنك و" بقوة راس منك " تجاهلتها لتصبح الضحية في بلادنا التي ضربتها كافة أصناف الفساد .
*تخيل أو دعني أقولها بصيغة صريحة ، هل تعلم أن القطاع الصحي في بلادنا " هش لدرجة لا يمكن تصورها " ، وضعيف أيضاً في وقت أنت تعلم فيه أن فيروس كورونا يصيب الجهاز التنفسي ، وبمعنى آخر أنت بحاجة إلى أن تقضي ساعات كثيرة في غرفة العناية المكثفة ، ولك أن تتخيل أيضاً هل هي متوفرة لدينا حتى تتمكن السلطات من الاستجابة لأكثر من 20 حالة في اليوم دعك من 50 أو أكثر ، إيطاليا الدولة الكبيرة التي تتفوق علينا في كل شئ تعجز حالياً في انقاذ الأوضاع الصحية ، وتخيل واقع جنوب السودان وفق هذا النموذج الواقعي .
*بكل تأكيد أنت تعلم بأن الحكومة شكلت لجنة عليا طارئة للتعامل مع فيروس كورونا ، وهي لجنة مكونة من وزراء القطاعات الخدمية الى جانب رئاسة الجمهورية ، ولكنك لا تعلم بأن الحكومة شكلت هذه اللجنة ، وتجاهلت ان تضم في عضوية هذه اللجنة الاجسام المهنية المتخصصة مثل اتحاد الأطباء واتحاد الصيادلة ونقابة العاملين في قطاع الصحة العامة من الممرضين وخلافهم ، نعم تجاهلت الحكومة الاستعانة بهؤلاء الذين سيكونون الجنود الحقيقيين في مواجهة هذا الفيروس ، في وقت تقوم فيها بعض الحكومات بالاستعانة بهذه الجهات في شراكة استراتيجية لمواجهة هذا الوباء ، وهنا تريد الحكومة ان تتخذ الاجراءات بمعزل عن الجميع .
*هل تعلم في حال انتشار الوباء في بلادنا ، واصيب والدك او والدتك او خالك أو…..، من كبار السن ، وأصيب شاب آخر ، فإن لا خيار أمام الأطباء سواء تبديل " الاكسجين " منه ، على سبيل المثال لذاك الشاب لان منطق الاولوية سيسود ، كل ذلك سيحدث لانك تجاهلت الاجراءات الاحترازية ، فكن من المبادرين اذا قرأت هذا المقال في منع هذا الوباء عبر قيادة الحملة التوعوية وسط افراد اسرتك ومن ثم الى الجيران والبقية ، فهذا الوباء خطير وقد يقود الى الغاء اسرتك في هذا العالم ، فالخيار في النهاية لك ام اتخاذ الاجراءات الوقائية او مواجهة الموت ، وقبل كل هذا هل يمكنك ان تتخيل الامكانيات المتوفرة في الحجر الصحي في العاصمة ؟ .
*انا على يقين بان الجميع يعلم بان يوغندا اصبحت تسجل اعداد متزايدة من المصابين بفيروس كورونا ، والمهم في هذا الامر ان الاعمار السنية وسط المصابين متفاوتة هنالك من هو اقل من 40 عاماً وآخر في منتصف العشرينات من العمر ، هذا المرض يصيب الجميع ولا يستهدف كبار السن ، ان كنت تعتقد بأن المرض يصيب فقط فئات عمرية معينة فانت مخطئ فالمرض يستهدفك أيضاً بلا رحمة.
الأستاذ مثيانق شريلو، هو رئيس تحرير صحيفة الموقف الناطقة بالعربية في جنوب السودان
______________________________________________________________________________
مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية الكاتب/ة، وليست راديو تمازج