اصابني الدهشة والهلع مستغربا من مستوى تفكير ذاك (المدرع) في تعاطيه مع قضايا هذا الوطن دوما ، فقد تمادى سعادة الوزير في اقتراف اخطأ اعتدنا علية (جل من لا يخطئ)، بشكل متكرر في حق هذا الوطن الابي ،دون اي مسألات يتبع ما يخرج عبر فمه عندما يتحدث معلنا موقف الحكومة حيال ما يجري في البلاد، فتصريحاته غير المنضبطة ( والنارية) بكل تأكيد من الملاحظ انها زاد او ظل يزيد من حالة الهوة الاجتماعية بين كافة اطياف المجتمع يوم بعد يوم بل دوما ما يحرجنا في الخارج امام الشعوب الاخرى ،وهذا النقطة الاخيرة بالذات الذي بدر منه يتعين لنا جميعا كمراقبون ومواطنو هذا الوطن الوقوف عندها بتجرد، وبعيدا عن المواقف السياسية وعقليات (تخوين) من يرفعون اصوات الحق ، لماذا؟ لأنها تتعلق بقضية الانتماء الوطني في المقام الاول قبل احضار اختلافات الانتماءات السياسية، او شابه ذلك.
دعونا نتسأل بجدية ونكشف منطلقات هذا التوجه المتواضع، عن حقيقة نبع هذا الاحساس بالتفوق لنعرف العام عن مصدر هذا الضمير القاتل للتعامل مع قضايا الوطن باعتباره ملكية (خاصة)، وماهية الدوافع الذاتية وراء هذا التطرف القاطع من معاليه، متناسيا ان هنالك شركاء له في هذه الرقعة الكنتورية لا يقلون اهمية عن موقعة المترفع بحكم الدستور وامر الواقع ليس إلا، اذا اعتمدنا على مقياس ( وطنومتر) لمعرفة تفاوت درجات الانتماء الوطني.
تعد النشيد الوطني الدليل لقوة الانتماء الوطني برزت فكرتها في اوروبا في أواخر القرن التاسع عشر، فهي تعد استخلاصا في مضمونها تاريخ الشعب ومكوناته، ويعبر عن ولاء شعوبه للتراب غالبا ما تعبر النشيد الوطني عن كلمات يذكر فيه شهداء ماتوا من اجل الوطن وصون ابناءها بعثوا ارواحهم رخيصا لارتقاء بمقامة ابنائها وكرامتهم، لذلك تعد النشيد الوسيلة الاوحد لإعلاء اصوات الحق والبناء الوطني للامة، تعبر دوما النشيد الوطني عن رسالة دعوية وصلاة شكر للقدير، ودعوة لاستمرار ه في حماية البلاد. إذا لا ضير في ان يعلو صوت المواطن مبتهجا بوطنه ومكرما لشهدائه وشاكرا لربه، لذا من المهم تشجيع منسوبي الوطن من غناء نشيدهم الوطني تعظيما بمكانته بين الشعوب الاخرى في المحافل والمدارس واستعلاءها لأنها ملك للشعب وليس الحكومة.
فمخرجات اجتماع مجلس الوزراء الاسبوعية يوم الجمعة الموافق التاسع عشر من الشهر الجاري تعد خروجا جديدا عن سلطة الدستور الانتقالي لعام ٢٠١١، وخرقا سافرا لا يمكن تفويتها للمادة ١ / ٥ الذي تفسر ان جنوب السودان اسست على قواعد العدالة والحرية. واحترام حقوق الانسان، وايضا المادة ٧ الذي تشير الى ان العلم والنشيد الوطني حقوق عامة ولكل الفئات الحرية في استخدامها حسب القانون ،ويكملها المادة ١٢ الذي يفسر عدم تقييد الحريات المواطنين والفاعلين في المجتمع، هنا إذا ما صاحبنا تصريحات معاليه الذي كان اقربا لنبرة التذكير العنيف موجها عدم استخدام او قل ترديد ، استماع للحن النشيد الوطني من دون وجود رئيس الجمهورية ، كأنما اشارة بان النشيد الوطني ملكية دستورية فقط لرأس الدولة دون الاخرين من عامة الشعب ، والتي في تقديري شكل جديد من اشكال سوء استخدام السلطة ومنافيا لسلوك المجتمع الديمقراطي يكفي التدليل به بان مجتمعنا ما ذال تحكمها قانون الغابة وليس الدستور كما اشرنا لبعض موادها ، وهذا بالطبع فخ علينا الخروج منها.
عليه وبما سبق وبرغم تراجع السلطة الرسمية من القرار وتقديمه بتوضيحات عبر لسان المتحدث الرسمي، هنالك ضرورة ملحة لتقديم اعتذار للشعب بما اقترفته السلطة الرسمية ليس ضعفا منه بل تقديرا بمكانته او ان يتقدم وزير الاعلام باستقالته احتراما لهذا العلم ورسالة تكريم لدماء شهداء هذا التراب وتعظيما بمكانة اطفال وارامل وضحايا هذه المسيرة الطويلة ، وذلك بعمل مشروع تحت مسمى " اسبوع النشيد الوطني" يتم فيها التبشير بمضامين النشيد الوطني وتمليك كل مواطن نسخة ، دعما لمسيرة الانتماء الوطني وحقنا للدماء.
مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية المؤلف، وليست راديو تمازج