قالت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان، اليوم الأربعاء، إن تمديد الحكومة الانتقالية في جنوب السودان لمدة عامين إضافيين يرجع إلى حد كبير إلى فشل القادة السياسيين الانتقاليين في البلاد في تنفيذ اتفاقية السلام المنشطة.
يوم السبت 21 سبتمبر، عُدِّل الدستور الانتقالي لتمديد ترتيبات الحكم الانتقالي بموجب اتفاقية 2018 لتسوية النزاع في جمهورية جنوب السودان لمدة عامين آخرينن بالإضافة إلى تأخير الانتخابات.
وقالت ياسمين سوكا، رئيسة اللجنة: “منذ الاستقلال في عام 2011، واصل قادة جنوب السودان غير المنتخبين ترسيخ الإفلات من العقاب على الانتهاكات المنهجية والجسيمة لحقوق الإنسان، وتأجيج انعدام الأمن، وإحباط الجهود الرامية إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على البلاد عمدا”.
وتابعت “معالجة الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية هي التزام أساسي للحكومات جميعها، إلا أن قادة جنوب السودان فشلوا في الوفاء بهذه الالتزامات، والتحديات التي تواجه الانتقال السلمي إلى الديمقراطية ليست مستعصية على الحل إذا نفذ المرء الاتفاق المنشط كما كان متصورا”.
وأضافت “التأخير وعدم الرغبة في التسوية يعكسان انشغالات النخبة المفترسة الأكثر اهتماما بالبقاء في السلطة، وإثراء أنفسهم من النفط الهائل وغيره من ثروات البلاد، وتجاهل محنة مواطنيهم بشكل صارخ هو شهادة على أن القادة غير المسؤولين لا يملكون الإرادة السياسية لاحترام وحماية حقوق الإنسان”.
وقال إن في جميع أنحاء البلاد، يواجه جنوب السودان صعوبات اقتصادية واجتماعية لا تصدق، وقد شارك المفوضية شعورها العميق بالخيانة والعجز.
وأضافت “أثقل قادة جنوب السودان، كاهل الأجيال الحالية والمستقبلية بمستويات غير مستدامة من الديون للكيانات الأجنبية، مما أدى إلى تقويض التطلعات الشعبية للازدهار والسلام والديمقراطية، في السنوات الست منذ اعتماد الاتفاقية المنعشة، كان لدى الأحزاب السياسية الرئيسية الوقت الكافي لتنفيذ أحكامها الرئيسية”.
وقالت “إنهم أهدروا حسن النية والمشورة العملية من الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، والمجتمع الدولي، فضلاً عن الآمال اليائسة للمواطنين”.
من جانبه أشار المفوض بارني أفاكو، إلى أن “جنوب السودان يواجه دوامة من الأزمات المترابطة، وأدى الضرر الذي لحق بأحد خطوط أنابيب تصدير النفط، المرتبط بالحرب في السودان، إلى خفض الإيرادات الوطنية إلى حد بعيد في وقت يستضيف فيه جنوب السودان مئات الآلاف من النازحين حديثا، بما في ذلك اللاجئون السودانيون. كما يقع جنوب السودان في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ، حيث تزيد الفيضانات والجفاف من الحرمان الواسع النطاق والنزوح المطول، وفي مواجهة هذه التحديات المتعددة، لا يستطيع جنوب السودان أن يتحمل المزيد من الأعمال كالمعتاد. ويتعين على قادته السياسيين أخيرا وبشكل عاجل الاستثمار في تحقيق نتائج ملموسة في الديمقراطية والحماية وحقوق الإنسان”.
وقال المفوض كارلوس كاستريسانا فرنانديز “إن التمديد الأخير لمدة عامين يتصور” تدابير التقشف”، لكن هذا في سياق حيث معظم موظفي الخدمة المدنية غير مدفوعي الأجر بالفعل، في حين أن المدارس والعيادات الصحية والمحاكم لا تتلقى حتى مخصصات الميزانية غير الكافية بشكل مؤسف”.
وقال إن السرقة الواسعة النطاق للإيرادات الوطنية وتحويلها بطرق إجرامية مستمرة حتى مع انقطاع صادرات النفط هذا العام، يريد سكان جنوب السودان أن يروا إلى أين تذهب إيراداتهم الوطنية، ويروا الموارد التي تدعم الخدمات الأساسية لبناء الديمقراطية، مثل إنفاذ القانون الموثوق به وإدارة مؤسسات العدالة، لمعالجة الصراعات والعنف والفساد، وحل النزاعات من خلال التحكيم.
وأبان أن في ظل نظام عدالة مختل، فإن حرمان الناس من حق الوصول إلى العدالة يؤدي إلى إدامة الإفلات من العقاب على حساب الفئات الأكثر ضعفاً.
وأشارت المفوضية إلى فشل حكومة جنوب السودان في التعاون مع الاتحاد الأفريقي لإنشاء محكمة مختلطة، وأن هناك احتمالاً ضئيلاً بأن يبني جنوب السودان نظاما فعالا للعدالة الجنائية وثقافة المساءلة. وذكر أن الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، رسخ استمرار الانتهاكات البشعة من عمليات القتل على نطاق واسع والعنف الجنسي والاختطاف والاتجار بالبشر، في مناخ من الإفلات من العقاب شبه المطلق وإلحاق معاناة هائلة بمجتمعات جنوب السودان.
وأشار المفوضية إلى أن في خطوة من شأنها أن تعزز وتشجع القمع الحكومي، اعتمدت الحكومة في يوليو 2024 تشريعا يحافظ على سلطات الاحتجاز التي يسيء استخدامها بشكل روتيني جهاز الأمن الوطني، الذي يحتفظ بـ “بيوت أشباح” سرية للتعذيب والاختفاء القسري.
وقالت اللجنة إن إصرار الرئيس على الإبقاء على هذا التشريع القمعي، على الرغم من المناشدات بمراجعته من قبل العديد من الكيانات الوطنية والإقليمية والدولية، بما في ذلك هذه اللجنة، يعكس تجاهلا مقلقا للحقوق الأساسية لشعب جنوب السودان، وينذر بالسوء لآفاق الانتقال السلمي والانتخابات ذات المصداقية.
وحث أعضاء المفوضية، الاتحاد الأفريقي والإيقاد والمجتمع الدولي على مواصلة دعمهم لجنوب السودان ومحاسبة قيادة البلاد على تنفيذ المهام المتبقية المرتبطة بالانتقال. كما تحث المفوضية على أن تكون العمليات المتبقية شفافة، وأن توفر فرص المشاركة العامة في جميع جوانبها، بما يضمن سلامة وأمن الجميع.