"جنوب السودان لديه إمكانيات كبيرة للمنافسة إقليمياً ودولياً في جميع الانشطة الرياضية، لكن الافتقار إلى القيادة والموارد يمثل عقبة رئيسية أمام تحقيق هذا الحلم، زمان كنا نلعب الكرة من اجل المحبة مجانا دون مقابل مادي": رياضي سابق اعتزل ممارسة النشاط الرياضي مبكراً، بسبب الإصابة.
التقى راديو تمازُج بالرياضي، بيتر بارا يوبو، وهو لاعب كرة قدم سابق ولاعب كرة سلة، وعضو تنفيذي في أندية رياضية مختلفة في جوبا. وأجرينا معه هذا الحوار
س: في البداية ممكن تحدثنا عن بداياتك ومسيرتك الرياضية؟
ج: إسمي بيتر بارا يوبو، ولدت عام 1963 وبدأت الدراسة في الابتدائية عام 1969. في تلك الأيام كانت الرياضة إلزامية في جميع المدارس. يقوم بعض المدربين بتدريب التلاميذ على ألعاب رياضية مختلفة. واصلت لعب كرة السلة وكرة القدم ولكن هوايتي كانت على كرة السلة. بدأت اللعب في مدينة واو وجوبا. وشاركت في العديد من البطولات المدرسية بين 1976 و1977م. ثم التحقت بنادي النصر في جوبا.
مارست النشاط الرياضي لأكثر من خمس سنوات وقررت الاعتزال بسبب إصابة في العين، انتخبت سكرتيرا للأنشطة في نادي الهلال عام 1986م، وشملت الأنشطة كرة القدم وكرة السلة والكرة الطائرة وكرة اليد وغيرها. لقد شغلت هذا المنصب الإداري لمدة أربع سنوات. بعد ذلك تم تعييني في منصب أمين أمانة المالية للنادي. كنت صارما ومؤثرا للغاية، ولهذا السبب شغلت هذا المنصب لأكثر من 18 عاما. في عام 2006م، أرادوا تعييني في هذا المنصب مرة أخرى لكنني رفضت وتقاعدت في عام 2010م للسماح للشباب بتولي المنصب. واصلت العمل معهم كمستشار. عندما تحدث الخلافات في النادي الهلال وايضاً مع الأندية الأخرى، فإنهم ظلوا يطلبون النصيح مني في جوبا.
س: خلال تلك الفترة ماهو أفضل لحظات حياتك كلاعب كرة سلة؟
ج: كانت أفضل لحظاتي بين عام 1978 – 1981. كنت لا أزال قوياً وكنت ألعب كرة القدم في الدرجة الثانية والدرجة الأولى في كرة السلة. كنا نلعب في الليل باستاد نمرة تلاتة. عندما أشارك بعض الناس وأخبرهم ان العب معهم، فهم لا يصدقون، وينظرون إليه كشخص صغير السن، بسبب الصحة الجسدية كنت "نحيف" وقتها.
هناك جنرال في الحركة الشعبية لتحرير السودان يُدعى بيور أشويت، وهو من ولاية البحيرات. أنهى دراسته الثانوية حوالي عام 1975 أو 76 وجاء إلى جوبا هنا ولعبنا معهم في نادي النصر. ايضا الطبيب مكير ايزاك، الذي يعمل الآن كأخصائي العظام بمستشفى جوبا التعليمي. هؤلاء بعض زملائي في الفريق. كانوا أكبر سنا مني واطول القامة في نفس الوقت. لأنني كنت صغير وكنت العب بشكل جيد، فقد سمحوا لي باللعب إلى جانبهم. كنت صغيرا لكنني لم اكن خائفا.
كانت تلك أفضل اللحظات في نشاطي الرياضي. ولو حاولت المقارنة مع الوقت الحاضر، لدينا الآن بعض لاعبي كرة السلة المحترفين. ربما يلعبون بشكل أفضل منا لأنهم تلقوا تدريبات من الخارج وهم أفضل. لكن خلال عصرنا، كانت مستوياتنا هي نفسها لدرجة أنه عندما يلعب فريقك ضد أي فريق آخر، من الصعب التكهن بنتيجة المباراة. عندما ينهي الحكم المباراة هذا هو الوقت الذي ستعرف فيه ما إذا كنت قد فزت أو خسرت. لذلك كان هذا أفضل وقت في حياتي. حتى إدارات الفرق سواء كرة القدم أو كرة السلة أو كرة اليد والكرة الطائرة أو الرياضيين. كانوا أشخاصا يفهمون عملهم بشكل صحيح. لا أستطيع نسيان تلك اللحظات في حياتي.
س: كيف تقارن بين الرياضة الآن و زمانكم؟
ج: في السابق كنا نلعب مجانا، فقط تقرر التسجيل في ناد معين وتوقع عقدا لمدة ثلاث او أربع سنوات دون طلب أي مقابل مالي. وعندما نلعب كفريق، نرى أنفسنا إخوة ونتفق على تكتيك واحد. إذا كنا نستعد لمباراة في اليوم التالي، فقد اتفقنا جميعا على شيء واحد. ثالثا، اعتدنا أن نعبر عن الحب حتى خصومنا لأنك أحيانا تجد أخيك أو ابن عمك أو جارك أو زميلك في المدرسة يلعب في صفوف فريق خصمك. هذا يعني أننا جميعا شعب واحد. بمجرد انتهاء اللعبة، نصافح البعض كدليل على الحب ونغادر.
ليس هذا هو الوضع اليوم. حاليا، اللاعبون يلعبون من أجل المال. وفي معظم الحالات، لا يظهر بعضهم التزاما تجاه النادي خلال فترة تعاقدهم. وإذا كان بإمكاني مقارنة لاعبي كرة القدم لدينا في السبعينيات والثمانينيات، فهم أفضل بكثير من أولئك الذين ظلوا يلعبون منذ 2010-2021م. إذا ذهبت الآن إلى الملعب الرياضي، ستجد أن لاعبينا ضعفاء للغاية. إنهم لا يلعبون بشكل جيد وليس لديهم ما يكفي من الطاقة للحفاظ على اللعب. أساس كرة القدم لدينا ليس جيدا ولهذا السبب، عندما نذهب ونلعب بالخارج، نتعرض للهزيمة دائما. لكن بالنسبة لكرة السلة، لديهم مستقبل مشرق.
س: وهل يمكن ان تلعب النشاط الرياضي حاليا كوسيلة للوحدة بين المواطنين؟
ج: أنا مسؤول عن ما سأقوله. أنشطتنا الرياضية الحالية وخاصة كرة القدم هناك الكثير من سوء الإدارة من حولها. لسبب بسيط، الأشخاص الذين يشغلون مناصب إدارية في اتحاد كرة القدم ليس لديهم فكرة عن كرة القدم نفسها. بعضهم من رجال الأعمال ويفرضون على الفريق أو الجمعية.
كانت بدايتنا خاطئة، تم اختيار الأشخاص الذين تم تكليفهم بمسؤولية فريق كرة القدم بشكل خاطئ. من المفترض أن يأخذوننا إلى أرض الميعاد، لكنهم لم يفعلوا ذلك. عندما كنا في السودان الموحد، حافظ رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم على منصبه منذ عام 1990 حتى الآن. إنه معروف من قبل الاتحادات الأفريقية لكرة القدم، حتى الفيفا يعرفه. لعب الكرة من قبل وأصبح إداريا لعدة فرق ونوادي. هذه هي الطريقة التي كان يجب أن نختار بها الموظفين لشؤون الكرة، ولكننا للأسف لم نفعل ذلك. لا يمكن لهذا الأفراد أن تأخذ كرة القدم إلى الأمام على الإطلاق إذا كانوا في جوبا هنا أو في الاتحادات المحلية في الولايات.
لقد كنت أقول هذا بين الحين والآخر كلما سنحت لي أي فرصة في وسائل الإعلام أو الراديو، أستمر في قول هذا لأن هؤلاء الناس لا يعرفون شيئًا عن كرة القدم. أنا أقول هذا لأنني نشأت في الميدان. هذا يعني أن التجربة التي امتلكه يمكن أن تسمح لي بقول هذا. أنا لست ضد أي شخص ولكني أريد أن أقول الحقيقة التي يمكن أن تأخذ كرة القدم لدينا إلى الأمام.
فيما يتعلق بكرة السلة، ليس لدينا أي مشكلة لأن القائمين على هذا الاتحاد مؤهلون بشكل جيد. إذا كنت لا تعرف كيف تلعب كرة السلة وتريد أن تأتي وتجبر نفسك هناك، فلن يُسمح لك بذلك. الأمر الثاني هو أنهم متعلمون و مدربون جيدا على غرار الدوري الاميركي للمحترفين في أمريكا. عندما تكون متعلم جيدا، ستلعب جيد، وإذا كنت ذات اخلاق عاليه تقبل الهزيمة والمنافسة أيضا. إذا لم تكون لديك أخلاق، فلن تحصل على أموال. نحن فخورون بابننا لوال دينق، الذي يترأس حاليا اتحاد كرة السلة، وهو معروف جيدا من قبل العالم بأسره. هذا هو السبب في أننا نسمع في الوقت الحاضر الكثير من الانتصارات من الفريق. إن سمعتنا تكتسب الآن أرضية في إفريقيا. لقد هزمنا أوغندا ومالي وغيرها. نحن الآن مؤهلون للجولة الثانية المتوقعة في أغسطس. نحن فخورون جدا بهذا الفريق. لذلك إذا وضعنا الشخص المناسب في المكان المناسب، سنمضي الى الأمام.
س: حسب رأيك، كيف يمكن للأنشطة الرياضية أن تحقق السلام في جنوب السودان؟
ج: نعم، يمكن للرياضة أن تجلب دورا في تحقيق السلام. إذا نظرت إلى السنوات الماضية، حتى لو هُزمت، فإنها تستمر في الحفاظ على الوحدة والمحبة فيما بيننا. في الماضي، كلما لعبنا وسجلنا هدفا، نشعر جميعا بالفرح، لا ننظر إلى قبائلنا. ليس لدينا قادة يمكنهم توجيهنا إلى الطريق الصحيح حاليا. المكان الوحيد الذي نجده هو الكنيسة. عندما نذهب للصلاة نتعلم عن الوحدة والحب والعمل الجماعي لأن الله خلقنا على صورته متساويين. هذا ما تعلمنا إياه من الكنيسة. لكن عندما نأتي إلى مجتمعاتنا لا نجد هذا. إذا كان من الممكن ممارسة هذا في الرياضة، فهذا من شأنه أن يدفعنا إلى الأمام. نحن فقط بحاجة إلى قائد يقودنا لتحقيق هذا الحلم.
في عهد جوزيف لاقو، عين مدينق دينق قرنق والأشخاص الذين لديهم خلفية في الأنشطة الرياضية في وزارة الشباب. لقد وضعوا خطة استراتيجية وكانت الميزانية جاهزة لذلك. بدأت خطتهم مع المدارس. ينشغل الطلاب في الصباح بالدراسة ولكن في المساء يكونون في الملاعب الرياضية. لقد وحدنا هذا معا. عندما نترك المدرسة، نعرف جميعا أنفسنا كأصدقاء وزملاء في الصف ونمارس الرياضة معا. كان هذا زماننا. حتى الآن ما زلنا نحافظ على علاقاتنا. الوزير مدينق هو مؤسس ملعب كرة السلة نمرة ثلاثة.
وكما ترى، كانت هناك خطة واضحة للشباب من مدرسة إلى أخرى. في ملكية وأطلع بارا، وحدتنا الرياضة في جوبا. اللاعبون ومعجبيهم كانوا متحدون في عصرنا.
س: رسالتك الأخيرة إلى كل مواطن جنوب السودان؟
ج: كشخص رياضي، كما أخبرتك سابقا أنني نشأت في الملعب ألعب كرة القدم وكرة السلة والملاكمة. ما لم ألعبه هي كرة الطائرة لأنني لم أحبها. اعتدنا أن نلعب دور الرياضيين في ميدان المولد، الذي تم الاستيلاء عليه حاليا وبنيت حوله متاجر. ورسالتي إلى مسؤولي الوزارة هي أنه ينبغي عليهم وضع خطة للرياضة في جميع أنحاء جنوب السودان.
ولكن ما يؤلمني هو أن لدينا عشرة وزراء للشباب والرياضة في الولايات بالإضافة إلى وزير قومي. ما الذي يفعلونه؟. ليس لديهم خطة لممارسة الرياضة للشباب في البلاد. لا توجد ميزانية مخصصة لهذا الغرض. فماذا يمكننا أن نفعل؟. لهذا يتسكع الكثير من الشباب الآن في الشوارع.
في الوقت الحاضر من الصعب العثور على ملعب في المناطق السكنية. كثير منها تم مصادرتها وأنشئت فيها مباني. الآن، أين يمكن لأطفالنا ممارسة النشاط الرياضي؟ عندما تلعب وتدرس معا، فهذا يساعد في بناء الشكل العام. من الصعب في الوقت الحاضر العثور على ملاعب في المدارس، ومع ذلك فنحن نريد منتخبنا ان يلعبوا الكرة، وتم هزيمتهم من أوغندا وبوركينا فاسو ومالي وآخرين، ولكن كيف يمكننا القيام بذلك دون ملاعب؟. لا يمكننا الانتقال من المنزل والذهاب ولعب كرة القدم، نحن بحاجة إلى استعادة الملاعب.
نحن بحاجة إلى تدريب مناسب ويمكن القيام بذلك من خلال وزارة الرياضة، إذا إخترنا 50 معلما وأرسلناه إلى الصين أو ألمانيا ونوقع معهم مذكرة تفاهم، فيمكن حينئذٍ تدريبهم وبعد ذلك نقوم بنشرهم في المدارس للمساعدة في تدريب الطلاب. بشرط إخلاء جميع الملاعب. هذا سيفتح مستقبلاً جديدًا لبلادنا لتكون قوية في كل هذه الرياضات. هذه هي الخطة التي يجب أن تنفذها الوزارة.
ما هي خططنا لشبابنا حتى نلومهم على عدم فعل أي شيء، والبقاء في الملاحي حتى وقت متأخر من الليل، والالتحاق بمجموعات ضالة، وشرب الخمر يوميا؟ ونستمر في إلقاء اللوم عليهم ولكننا السبب وراء كل ذلك.
إذا كنا بحاجة إلى ممارسة الرياضة في جنوب السودان، فيجب على الوزارة وضع خطة إستراتيجية لطلابنا لمدة خمس أو عشر سنوات. لا نريد أن نرى أشخاصا يتم تعيينهم وهم غير مؤهلين في المناصب الرياضية. يجب على الناس تجنب القبلية في الرياضة. إذا قمنا بتعيين الشخص المناسب، فإن الناس يشكون كثيرا ويخلقون قصصا مزيفة فقط لتشويه صورته.