رفضت حكومة جنوب السودان السماح للممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي لمنطقة القرن الأفريقي، الدكتورة أنيتي ويبر، بزيارة النائب الأول للرئيس الدكتور رياك مشار، الذي يخضع للإقامة الجبرية في العاصمة جوبا.
وقد قامت الدكتورة ويبر بزيارة إلى جوبا يوم “الخميس”، العاشر من أبريل، بناءً على طلب من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي ونائبة الرئيس، السيدة كايا كالاس، بهدف بحث الأوضاع المتدهورة في البلاد وسبل تهدئة التوترات المتصاعدة.
وأفاد بيان صحفي صادر عن بعثة الاتحاد الأوروبي في جنوب السودان، الذي حصل عليه راديو تمازج، بأن الدكتورة ويبر عقدت خلال زيارتها سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين الحكوميين. وشملت هذه الاجتماعات لقاءات مع النائب الثاني للرئيس الدكتور بنجامين بول ميل، ووزير الإعلام مايكل مكوي، ووزير العدل والشؤون الدستورية الدكتور ويك مامير، بالإضافة إلى وزير شؤون مجلس الوزراء الدكتور مارتن إيليا لومورو.
وعبّر البيان عن أسف الاتحاد الأوروبي لعدم تمكين ممثلته الخاصة من لقاء الدكتور رياك مشار، على الرغم من تقديم طلب رسمي بذلك. وجاء في البيان: “على الرغم من تقديم طلب، لم يُسمح لها بزيارة سعادة النائب الأول للرئيس الدكتور رياك مشار”.
وخلال اجتماعاتها مع المسؤولين الحكوميين، نقلت الدكتورة ويبر القلق البالغ الذي يساور الاتحاد الأوروبي إزاء تصاعد أعمال العنف في مناطق متفرقة من جنوب السودان، بالإضافة إلى الانتهاكات المتكررة لاتفاقية السلام الموقعة في عام 2018.
وحثت الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي قادة جنوب السودان على تجاوز خلافاتهم الراهنة، وإعطاء الأولوية القصوى للحوار والمصالحة، واتخاذ خطوات عاجلة وملموسة بهدف خفض حدة التوتر في البلاد.
وجدد البيان التأكيد على موقف الاتحاد الأوروبي الداعي إلى “إعادة الالتزام باتفاقية السلام وتنفيذها من قبل جميع الأطراف”.
وأشادت الدكتورة ويبر، بالجهود الإقليمية والدولية المبذولة لاحتواء الوضع المتدهور في جنوب السودان، وخاصة تلك التي تبذلها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (الإيقاد) ودولها الأعضاء، بالإضافة إلى جهود الاتحاد الأفريقي. وأكدت للمسؤولين الحكوميين أن الاتحاد الأوروبي سيواصل تقديم الدعم لهذه المساعي.
وقالت إن الاتحاد الأوروبي يعمل “بلا كلل” لمعالجة الأزمة المتفاقمة في السودان المجاور، والتي ترى بروكسل أنها تؤثر على نحو مباشر على الأوضاع في جنوب السودان.
وجدد الاتحاد الأوروبي في بيانه التأكيد على تضامنه الكامل مع شعب جنوب السودان، ودعا قادته إلى العمل بجد من أجل تحقيق مستقبل يسوده السلام والاستقرار والازدهار لجميع مواطني البلاد.
ويأتي هذا التطور في أعقاب وضع قوات الأمن في جنوب السودان للنائب الأول للرئيس وزعيم المعارضة الرئيسي، الدكتور رياك مشار، قيد الإقامة الجبرية في العاصمة جوبا ليلة السادس والعشرين من مارس الماضي.

وقد أثارت هذه الخطوة، التي جاءت وسط تصاعد ملحوظ في التوترات السياسية، مخاوف جدية من إمكانية عودة البلاد إلى دائرة العنف والحرب الأهلية التي استمرت لخمس سنوات، وأودت بحياة ما يقرب من 400 ألف شخص.
ويشهد جنوب السودان حالة من السلام الهش منذ توقيع اتفاقية السلام في عام 2018، والتي أنهت الصراع الدامي بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير، وتلك الموالية للدكتور رياك مشار. ومع ذلك، لا تزال العلاقات بين الزعيمين، اللذين يعتبران من أبرز الشخصيات السياسية في تاريخ جنوب السودان الحديث، تشوبها الكثير من الخلافات والتوترات العميقة.
ويُنظر إلى وضع الدكتور رياك مشار قيد الإقامة الجبرية على نطاق واسع باعتباره تهديدا خطيرا لجهود السلام الهشة ولاتفاقية عام 2018.