تكافح المنظمات الإغاثية في جنوب السودان لتوفير الخدمات الطبية لحوالي 44 ألف شخص بمقاطعة مندري بولاية غرب الاستوائية، وسط تقارير عن وفيات بسبب الجوع في المنطقة.
وشهدت مندري اشتباكات عنيفة منذ مايو 2015 بين الجيش الشعبي ومليشيات محلية من جانب وقوات موالية للمعارضة المسلحة من جانب آخر وسط صعوبة وصول المنظمات الإنسانية إلى المنطقة بسبب انعدام الأمن.
وقال القس فليكس زارا كوري لراديو تمازج “الناس يموتون، الأطفال وكبار السن يموتون بسبب الجوع”.
وأضاف زارا أن العديد من الجوعى يتمركزون في مدينة مندري نفسها.
وأوضح زارا أن طريق جوبا مندري لا يزال مغلق، مناشداً البرلمان القومي للتدخل من أجل فتح الطريق أمام المنظمات الإنسانية للوصول إلى الجوعى.
وفي مطلع هذا الأسبوع كشف رئيس مفوضية المراقبة والتقييم فيستوس موغاي عن تلقيه تقارير عن حالات وفيات في مندري بسبب الجوع.
وقال موغاي “يمكنني أن أخبركم أن المواطنين داخل مندري بحسب مفوضية الإغاثة وإعادة التعمير قد يصل عددهم إلى 44 ألف وكلهم يواجهون نقصاً في الغذاء”.
بالرغم من الأوضاع المعيشية الصعبة تمكنت منظمات الإغاثة من الوصول إلى عدد قليل من المواطنين في مدينة مندري التي بها مطار وموصولة عبر الطرق لعاصمة الولاية يامبيو والعاصمة القومية جوبا التي هي مقر لمئات المنظمات الإنسانية.
وأفادت عدد من المنظمات لراديو تمازج أن العنف المتواصل والهجمات على الطريق منعت المنظمات من الوصول إلى مقاطعة مريدي في الأشهر الماضية.
وقال المتحدث بإسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قومار باو سولي “إنعدام الأمن المتواصل عرقل من العمليات الإنسانية في المنطقة”.
وأضاف أن المنظمات تسعى للحصول على ضمانات الحماية من الجماعات المسلحة في المنطقة، لكنه لم يحدد عما إذا كانوا قد حصلوا على هذه الضمانات لوصول عمال الإغاثة إلى المنطقة أم لا.
وبحسب المتحدثة بإسم بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان أريان كونتير فإن البعثة الأممية قد تساعد في توفير الحماية لعمال الإغاثة للوصول إلى مندري كما تساعد في تنظيم قافلة إنسانية إلى يامبيو.
ولكن مونتير قالت أن القوات الأمنية قامت بتقييد حركة قوات حفظ السلام حول مندري التي توجد فيها قاعدة للبعثة تضم حوالي 150 جندي.
وقالت “البعثة قلقة للغاية بشأن حياة المواطنين الذين يعانون من الجوع في مندري، البعثة جاهزة لتوفير المساعدات الإنسانية بما فيها توفير الحماية للشركاء في المجال الإنساني إن وجدوا”.
وأضافت “البعثة الأممية تواجه تحديات في التحرُك إلى المناطق المعنية بسبب غياب حرية الحركة والتقييد من قبل القوات الأمنية خاصة في منطقة مندري”.
في ديسمبر منعت قوة من الجيش الشعبي فريق المراقبة والتقييم من الذهاب إلى مندري التي تتهم فيها الحكومة بمهاجمة المدنيين بطائرات الهيلكوبتر.
وبحسب منظمات إنسانية تحدثت لراديو تمازج فإن آخر مرة تم فيها تقديم المساعدات للمواطنين في مندري في شهر أكتوبر الماضي.
وقد وصلت هذه المساعدات قبل أربعة أشهر لحوالي 10 ألف شخص فقط في منطقة لوي بمندري الشرقية وكوتوبي في مندري الغربية التي يعيش فيها حوالي 50 ألف شخص يحتاجون إلى إغاثة عاجلة.
وقال عدد من السكان المحليين في مندري أن المساعدات التي تلقوها قد نفذت بالفعل.
وقال أحد السكان يدعى دكادا لراديو تمازج “بصراحة الغذاء الذي تم تقديمه لنا قليل جدا خاصة إذا كنتم أكثر من عشرين شخصاً في أسرة واحدة، لذلك كيلو واحد من الدقيق ليس كافيا بالنسبة لهذا العدد وهذا هو الوضع الذي نعيش فيه حالياً”.
كما أن هنالك قلق حيال الوضع الصحي أيضاً، حيث شهدت المنطقة وصول آخر إمدادات طبية في مندري الغربية في شهر نوفمبر، عندما تمكنت منظمة أطباء بلا حدود من الوصول إلى المنطقة وتوفير إمدادات طبية لإثنين من المرافق الصحية التي تعاني من نقص في الأدوية.
وقال متحدث بإسم منظمة أطباء بلا حدود إن معظم المستشفيات والمرافق الصحية في مندري تم تدميرها خلال النزاع الأخير في مايو بين ميلشيات محلية وقوات الجيش الشعبي وأن المواطنين يفتقرون لمياه الشرب النظيفة.
وقال القس زارا “هنالك نساء حوامل أنجبن وتوفين في الحال بسبب عدم توفر الغذاء والخدمات الصحية”.
وأوضح داكادا “إذا مرضت الآن لا توجد أدوية لعلاجك، الوضع الصحي للمواطنين هنا صعب للغاية خاصة وسط الأطفال”.
الحكومة لم تفعل شئ
وأشتكى داكادا من عدم قيام الحكومة بما فيه الكفاية لمعالجة المجاعة والكارثة.
وقال “نريد من الحكومة أن تساعد كبار السن بتوفير الغذاء والأدوية ولكننا لا نعلم ما إذا كانت الحكومة تفكر فينا أم لا”.
وأردف قائلا “لقد أنهارت أمراة مؤخراً وتوفيت تاركة خلفها طفل صغير لكن الحكومة لم تفعل أي شئ”.
وكشف بأن السلطات قامت بإرسال عدد من المسؤولين إلى مندري مؤخرا لكنهم لم يحضروا أي مساعدات.
هذا ولم يؤكد الحاكم المعين حديثا لولاية أمادي التي تضم منطقة مندري الغربية التقارير التي تشير إلى حدوث مجاعة في المنطقة.
وقال في تصريح لإذاعة آي راديو “لدى مواطني ولاية أمادي وبعض المناطق خطط كثيرة للبقاء ولكن هذا لا ينفي معاناة المواطنين”.
وأضاف “ربما لدى مفوضية المراقبة والتقييم مصادرها الخاصة في مكان ماء”
في إشارة إلى تقرير فريق المراقبة الذي كشف عن وفيات بسبب الجوع في المنطقة.
وتابع “نحن لا نزال نحقق في هذه القضية وسوف نعرف بالتحديد ما هي المناطق التي يتوفى فيها المواطنين نتيجة للجوع”.
تقارير عن اندلاع إشتباكات
في السياق تبادلت الحكومة والمعارضة المسلحة الاتهامات بشن هجمات في المنطقة بداية هذا الاسبوع، فيما يسعى المراقبون للتحقيق في هذه الهجمات.
ورفضت المتحدثة بإسم بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان أرين كونتير التعليق على انتهاكات وقف إطلاق النار ووجهت الصحفيين بالذهاب إلى مفوضية المراقبة والتقييم.
هذا وقال مراقبو وقف إطلاق النار أنهم تلقوا تقارير عن إندلاع اشتباكات وأن أحد أفراد فريقهم في يامبيو سوف يحقق في صحة هذه التقارير قريباً، وأن الفريق الذي زار مندري مؤخراً سوف يصدر تقريره قريباً.