حذر محلل سياسي من جنوب السودان، من أن الإغلاق المحتمل للسفارة الأمريكية في جوبا سيوجه ضربة كارثية لأحدث دولة في العالم.
ووفقا لوثائق داخلية، تدرس وزارة الخارجية الأمريكية إغلاق عشرات السفارات حول العالم، بما في ذلك سفارتها في جنوب السودان، كجزء من جهود تهدف إلى خفض وجودها الدبلوماسي في الخارج إلى حد بعيد.
يأتي هذا الاقتراح في أعقاب تقارير تفيد بأن إدارة ترامب ستطلب من الكونغرس خفض ميزانية وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بنحو النصف، من 54.4 مليار دولار إلى 28.4 مليار دولار.
وكان وزير الخارجية ماركو روبيو قد ألغى مؤخرا تأشيرات دخول لمواطنين من جنوب السودان.
وقال الدكتور أبراهام كول نيون، أستاذ مشارك في السياسة الدولية والسلام والأمن بجامعة جوبا، لراديو تمازج اليوم “الأربعاء”، إن إغلاق السفارة الأمريكية سيكون “كارثة مؤلمة”، مشيرا إلى الدور التاريخي الذي لعبته واشنطن في دعم استقلال جنوب السودان من خلال اتفاقية السلام الشامل لعام 2005 ودفعها لإجراء استفتاء عام 2011.
وأضاف “إذا أغلقت حكومة الولايات المتحدة سفارتها في جنوب السودان، فسيكون ذلك من أسوأ الكوارث التي يمكن أن تحدث للبلاد، ولقد ساهمت الولايات المتحدة في ولادة عملية السلام ودعمت الاستفتاء، وتقليص الوجود الدبلوماسي الآن قد يعرض المكاسب التي تحققت للخطر”.
وأوضح أن انسحاب الولايات المتحدة من جوبا سيشكل تهديدين رئيسيين، بفقدان المساعدات الإنسانية الحيوية وزيادة عدم الاستقرار السياسي؛ بسبب الاحتمال بتشجيع جماعات المعارضة.
وقال: “الولايات المتحدة هي أكبر مانح للدعم الإنساني، وإذا انسحبت، فستتأثر الخدمات المقدمة للاجئين والنازحين داخليا، بما في ذلك الرعاية الصحية والمساعدات الغذائية، بشدة”.
وحذر من أنه بدون النفوذ الدبلوماسي الأمريكي، يمكن للجهات الخارجية زيادة الضغط على حكومة جنوب السودان، بما في ذلك الدعم المحتمل لتغيير النظام.
وألقى المحلل باللوم في تدهور العلاقات على سوء الإدارة الدبلوماسية من قبل المسؤولين في جنوب السودان في واشنطن، واصفا ذلك بأنه نتيجة “الجهل وسياسة خارجية رد فعل”.
وقال: “الضغط الحالي في العلاقات يرجع إلى حد كبير إلى أخطاء ارتكبتها سفارة جنوب السودان في واشنطن، وبدلا من تحمل المسؤولية، فشل مسؤولوها في معالجة الأمر دبلوماسيا، وهو ما تصاعد الآن”.
وأشار إلى أن سوء الإدارة يمكن أن يؤدي إلى قيود على تأشيرات دخول مواطني جنوب السودان، وعقوبات على كبار المسؤولين، وضغوط دبلوماسية إقليمية من كينيا وأوغندا وإثيوبيا.

وحث المحلل السياسي، الرئيس سلفا كير على التدخل بصفة شخصية، واقترح إصدار بيان عام يعترف بالتداعيات الدبلوماسية، ويحدد الخطوات التصحيحية.
وقال “يحتاج الرئيس إلى أن يخرج ويقول بجلاء أن تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة كان غير مقصود، ويجب أن يظهر قيادته من خلال اتخاذ إجراءات ضد المسؤولين وطمأنة الولايات المتحدة بشأن التزام جنوب السودان المستمر بالشراكة”.
وفي حين أن الولايات المتحدة قد لا تستفيد ماديا من جنوب السودان، أشار المحلل السياسي، إلى أن واشنطن لديها مصلحة في تعزيز الديمقراطية والاستقرار والنفوذ الدولي، حتى في الدول الأصغر.
وتابع “يلعب جنوب السودان دورا في استراتيجية الولايات المتحدة العالمية، وقد لا تحصل أمريكا على النفط أو المعادن حاليا، لكن مواءمة جنوب السودان مع القيم الديمقراطية تخدم مصالحها الأيديولوجية والجيوسياسية”.
وحذر من أنه بدون جهود دبلوماسية فورية، يخاطر جنوب السودان بعزلة أعمق في وقت لا يزال فيه الدعم الدولي حاسما للسلام والتنمية.