قالت وزيرة طرق وجسور سابقة بحكومة جنوب السودان ربيكا نياندينق قرنق دي مابيور أنها كانت قد طُردت من منصبها بعد أن اثارت قضية مبالغ مالية تم دفعها لشركة أيات للطرق والجسور السودانية، وزعمت أن الحكومة دفعت حوالى 288 مليون دولار أمريكي للشركة دون موافقة الوزارة.
وبين عامي 2006 و 2008، خصصت حكومة جنوب السودان دفعات مالية منتظمة للشركة السودانية لبناء الطرق في منطقة بحر الغزال الكبرى دون موافقة برلمانية، أو طرح مناقصة عامة ودون علم وزراة الطرق والجسور القومية لمراقبة العمل على الطرق، وفقا لتحقيقات صحفية أجرتها راديو تمازج.
وتم إقالة ربيكا نيانديق وزيرة طرق سابقة بأمر رئاسي في يوليو 2007 بعد وقت قصير من أثارتها قضية دفع مبالغ مالية لشركة آيات. وكانت قد عُينت في هذا المنصب تقديرا واحتراما لدور زوجها مؤسس الحركة الشعبية الراحل جون قرنق دي مابيور، الذي طالما دعا لتحسين الطرق في جنوب السودان.
وفي مقابلة مع راديو تمازج قالت الوزيرة السابقة أنها لم تلتقي أبدا بممثلي شركة آيات خلال فترة وجودها في منصبها كوزيرة للطرق والجسور بالرغم من أن الحكومة كانت تدفع للشركة خمسة ملايين دولار أمريكي على الأقل كل شهر.
وقالت: “عندما كنا نتفحص الميزانية الخاصة بالوزارة، وجدنا بعض الأموال كانت مرسلة لشركة في الخرطوم واكتشفا لاحقا أنها كانت شركة آيات وأن المبالغ تم أخذها مباشرة من الخرطوم.
وقد تم دفع هذه المبالغ عبر حكومة شمال السودان نيابة عن حكومة جنوب السودان مباشرة من الخرطوم. كما خصمت حكومة الخرطوم هذه المبالغ من عائدات نفط جنوب السودان المرسلة إلى جوبا.
وأوضح ربيكا قرنق انها ذهبت إلى الرئيس سلفا كير لبحث هذه المسألة لكنه حاول التقليل من شأن المخاوف التي أثارتها، واصفا اياه بانها قضية محسومة وخارج سيطرته. وقالت: “ذهبت إلى الرئيس وسألته فقال لي إن هذه الشركة قد منحت 288 مليون دولار أمريكي من الخرطوم. فقلت له لماذا يتم اعطاء هذا المبلغ لولاية واحدة “شمال بحر الغزال” على سبيل المثال بينما لدينا العديد من الولايات الأخرى.
وأضافت: “هذا أمر واحد، أما الأمر الثاني هو أن مبلغ الـ288 مليون دولار أمريكي تم منحهه للشركة دون موافقة الوزارة. لذلك أخبرني أن هذا الأمر تم في الخرطوم وأن علينا الاتصال بهؤلاء الأشخاص والاجتماع بهم. وحتى إذا كنا اتصلنا بشركة آيات كان لن يساعدنا هذا، لأن الاتفاق كله كان قد تم في الخرطوم.
وفي ذلك الوقت، كان الرئيس كير يخدم في منصبين كنائب أول للحكومة القومية التي كان مقرها في الخرطوم والمنصب الآخر كرئيس لحكومة جنوب السودان شبه المستقلة في جوبا.
وأشار ريبيكا قرنق إلى أن مبلغ 288 مليون دولار كان مبلغا كبيرا، وشددت على أنها لم توقع أي عقد مع شركة آيات عندما كانت وزيرة الطرق ولم يكن هنالك أي عقد ساري المفعول بين الشركة وحكومة جنوب السودان خلال فترتها في الوزارة.
السياسات العليا
أشار ربيكا قرنق إلى تورط سياسي رفيع المستوى في صفقة شركة آيات، قائلة إنها ناقشت هذه المسألة مع وزير الطرق والجسور في الحكومة القومية في الخرطوم في ذلك الوقت، الذي كان أيضا من جنوب السودان، لكنه أدعى أيضا أن المسألة فوق سيطرته.
وقالت: “سألت كوال منيانق بخصوص شركة آيات”، في اشارة الى وزير الطرق السوداني وقتها، الذي هو الآن وزير الدفاع في جنوب السودان. وتابعت “كوال قال أيضا أن قضية شركة آيات هي فوق صلاحياته أيضا. ولم يكن يعرف أي شئ بخصوصه. هل تعرف ماذا؟ لقد تفاجئنا لأن ميزانية جنوب السودان من النفط كان يخصم منها 5 مليون دولار كل شهر ولماذا؟ كانوا يقولون أنه لشركة آيات.
وزادت: “لقد تم منح شركة آيات 288 مليون دولار، لذلك الوزير كوال منيانق أخبرني أن هذا ما سمعه، اي أن نفس الموضوع الذي سمعته سمعه هو أيضا ديوان المراجعة العامة لجنوب السودان الذي توقف عن نشر تقارير سنوية منذ عدة سنوات ذكر نفس المبلغ في تقريره لسنة 2006.
وقال استيفن وندو المراجع العام في التقرير: “البيانات المالية التي هي التزامات تمت في 5 مارس ٢٠٠٦ تبلغ 288 مليون دولار أمريكي في شكل كفالة بنكية كانت لأعمال الطرق في ولاية شمال بحر الغزال التي قامت بها شركة آيات.
وقال وندو: “ان القروض التي سيتم دفعها من حساب حكومة جنوب السودان هي على النحو التالي”، واضعا قائمة للمدفوعات المقررة من 60 مليون دولار أمريكي للشهور الـ12 الأولى و 96 مليون دولار للشهور الـ12 القادمة والمبلغ المتبقي 132 مليون دولار للسنة الثالثة.
وأوضح أيضا بالقول: “إن رئيس المجلس التشريعي لجنوب السودان قال إن المجلس لم يوافق على تخصيص هذه الميزانية الإضافية.
“لقد أرادوا فعل الأشياء بطريقته الخاصة”
ذكرت ريبيكا قرنق عدم وجود رقابة على مشاريع الطرق التي نفذتها شركة آيات. وقالت: “لم أقم بأي عمل مع شركة آيات، لذلك لا أعرف كيف تم ذلك وكيف هي شكل هذه الطرق. لقد تم إقالتي في يوليو .2007 وردا على سؤال ما إذا كان أي من موظفي الرئاسة قد سألها في أي وقت مضى عن صفقة شركة آيات أو تدخل في شؤون وزارتها، أجابت قائلة: “لا، لم يأتي أي
أحد، لكني كنت اسمع الناس لأنني كنت صارمة جدا حيال هذا الموضع.
وأنا أعتقد أن هذا كان واحدا من القضايا التي بسببها تم إقالتي لأنه أرادوا القيام بالأشياء بطريقتهم الخاصة وأنا كنت أريد متابعة كيفية منح العقود للمقاولين وبعدها يذهب المقاولين للحصول على أموالهم عبر وزارة المالية.
وزادت: “لو كنت هناك في الوزارة، كان هذا الفساد لن يتم ولهذا السبب أرادوا طردي ثم تعيين أناس يمكنهم أن يرهبوهم”. إلى ذلك نفت ربيكا أن يكون خليفتها ديفيد دينق على علاقة بشركة آيات، وألمحت أنه تم أختياره خلفا لها لأنه كان يعامل بإعتباره صديق. أي أنها لفتة تصالحية ربما تهدف إلى جعل علاقها أقل عداءا حول قرار إقالتها.
إلي جانب ذلك، كان نجل ريبيكا قرنق والمتحدث الرسمس باسم الحركة الشعبية في المعارضة مابيور قرنق، قد تحدث عن مزاعم مماثلة حول الفساد في وزارة الطرق والجسور، قائلا أن إقالة والدته سمح لشركة إنشاءات أخرى وهي (ABMC) أن تسرق الموارد من الوزراة.
وقال مابيور في صفحته على الفيسبوك في أغسطس 2013 أن والدته “تم إقالتها لأنها إذا كانت لا تزال في منصبها كوزيرة للطرق، فإن بنجامين بول ميل وشركة. (ABMC) لن يتمكنوا من سرقة كافة الأموال المخصصة لبناء الطرق وأضاف: “لقد أقيلت من منصبها حتى يتمكن اللصوص من القيام بأعمالهم.