حاوره/ مثيانق سريلو ، رئيس تحرير صحيفة الموقف الناطقة بالعربية – جوبا
س: ما هو مستقبل الحركة الشعبية الأم والحركة الشعبية في المعارضة؟
مستقبل الحركتين هو الإنهيار لان وعي الجماهير سيزداد وسيرفضهم الناس في أخر المطاف فوجودهم الأن مرتبط بسلطة الدولة، ولكن إذا خرجوا من السلطة سيكون مصيرهم الإنهيار لن يكونوا موجودين.
س: وهل نتوقع بروز تيار فكري جديد منظم على إنقاض الحركتين؟
بالطبع هذا مرجح لأن هنالك أناس لديهم افكار وقدرات هائلة، فإذا تهيأت لهم الظروف ليتحدثوا ويطرحوا افكارهم سيبرزوا في السطح بالتأكيد وسترأهم الجماهير.
س: هل ستنتهي إتفاقية السلام الحالية بإجراء الانتخابات ام سيكون هنالك سيناريو أخر؟
انا لدي رأي في هذا الأمر؛ انا أعتقد ان الإنتخابات ليست حل لأنها لن تأتي بسلطة جديدة ديمقراطية، الوضع الحالي من جهل، فقر، مرض وإقتصاد مزري كهذا، لا يمكن أن ندخل فيها الناس في قضية الإنتخابات، لأن تجربة الديمقراطية الليبرالية لن تنجح في هذا الوضع، فهي بحاجة لوضع متطور أكثر من هذا. فإذا كانت القيادات تهتم بمستقبل البلاد، يمكن أن تمد الفترة الإنتقالية لخمس عشر عام.
س: في نفس هذا الوضع؟
بالطبع لا، لابد من تغيير الوضع، واجراء تغييرات جذرية في هيكلة الدولة لتكون أكثر ديمقراطية ما يتيح للناس تنظيم أنفسهم والمشاركة في العمل السياسي.
س: هذا التغيير على مستوى الأفراد أم المؤسسات؟
تغيير على مستوى المجتمعات لأن الأفراد جزء من المجتمعات، وهذا الأمر قد يأخذ قرابة العشرة او الخمسة عشرة سنة، بحيث تكون هنالك قوانين ودستور واضح وبرنامج سياسي يوضح خارطة الطريق وما نحن بحاجة لتنفيذه خلال هذه الأعوام، وهذا يتم بالإتفاق بين كل القوى السياسية والإجتماعية، ويمكن أن تتم تمديد الفترة إلى أكثر من خمس عشرة سنة إذا لم نتمكن من تحقيق أهدافنا خلال هذه الفترة، فلماذا الإستعجال إذا كنا نريد بناء الدولة؟!، فنحن بحاجة لبناء الطرق ومشاريع زراعية كبيرة لإنتاج الغذاء للإكتفاء الذاتي و الأسواق الخارجية وهكذا. فمجتمعاتنا لديها أبقار، من شرق الإستوائية حتى أعالي النيل وبحر الغزال، فقد تجد شخص واحد لديه 100 بقرة مع إنه فقير لأنه لا يستغل هذه الأبقار لمنفعة أكبر سوى الزواج، لذلك نحن بحاجة لتغيير أمثال هؤلاء عن طريق التعليم لتكون لهذه الأبقار إنتالج للالبان والجبن والجلود. فهذه افكار يجب أن تأتي من القوى السياسية. اعالي النيل على سبيل المثال كانت قبل الإنفصال تنتج كميات كبيرة من الزرة والقطن والصمغ العربي، فأين ذهبت هذه المنتجات والثروات الأن؟! ومن الذي يفكر في الأمر؟! الناس ينتظرون عائدات النفط ويضعون الدولار في جيوبهم "وخلاص". فهذه مشكلة حقيقية، فكيف يعقل أن يعمل الناس في مؤسسات الحكومة ثلاث أشهر وأكثر بدون مرتبات، ومع ذلك "انت تسكت ليه!؟"، بمعنى أن هنالك مشكلة حقيقية، ونحن نتحدث عن الفساد،"فساد دة شنو؟، زول شغال بدون ماهية عايش كيف؟!"، فهذه بعض المشكلات التي يجب ان ننظم الناس لنستطيع حلها.
س: إذا لم يتم تمديد الفترة الإنتقالية او العمل بمقترحك هذا، فما المتوقع أن يحدث في هذه البلاد؟
إذا إستمرينا في هذا الوضع قد تنفجر الأوضاع، عندما يأتي الوقت الذي يساوي فيها الحياة الموت لن يكون هنالك خيار "مافي زول بخاف تاني" وستنفجر الأوضاع عندما ينكسر حاجز الخوف وقد حدث الأمر في مصر وفي السودان،"البشير هسه بعد ثلاثين سنة أين هو الأن؟!".
س: بنسبة كم، يمكن أن يحدث هذا الأمر في جنوب السودان؟
المسألة ليست مسألة نسبة، لأن هذا الوضع في تطور وتدهور مستمر، فإذا لم تتحرك لإيقافه سيتفاقم إلى الأخطر، لذا هذا الأمر ليس بحاجة لتقدير لأن نسبة 1% يمكن أن يفجر الوضع كله.
س: حالياً ماذا تعمل؟
"انا ما شغال حاجة قاعد ساي، مرات بلقى لى فرصة بتاع إستشارة وبشتغله".
س: عندما خرجت وعدت الى جوبا، هل قدمت لك الحكومة اي إغراءات او دخلت في تفاوض معك؟
أبداً لم يحدث"هو انا جئت قابلت الرئيس ساي!، جئت قلت ليه انا سبت التمرد يعني جئت كمواطن عادي وخليت التمرد لأني عندي مشكلة مع التمرد".
س: هل نتوقع أن تتمرد مرة أخر؟
في هذا العمر يمكن أن أتمرد مرة أخرى "عادي" إذا تطلب الأمر، ولكن لماذا أتمرد؟، انا جئت و"شغال شغل بتاعي ما عندي مشكلة مع الحكومة، فالبتمردوا هم الشباب ذيكم عندما تتوفر لهم كل الإحتياجات".
س: هل هنالك كتاب جديد تعمل عليه الأن؟
"والله لسع ما فكرت".
س: ماهو المشروع الذي تعمل عليه الأن؟
هسع بجي بس بقعد هنا طبعاً أخونا هنا اداني المكتب الصغير ده لانو قلت ليه ما ممكن اقعد في البيت لانو القعاد في البيت ما بنفع، احسن الواحد يجي يقعد هنا ويعمل فيه مشغول بينما في الحقيقة ما شغال حاجة" وقد تتولد بعض الأفكار يمكن كتابتها، ومرات نقوم بالدخول في نقاشات مع مركز "إيبوني" للدراسات الإستراتيجية، ولكن المشكلة هو ان الجنوبيين لا يريدون مناقشة الأفكار ، فعندما تطرح فكرة لا يقومون بمناقشتها، هم فقط يريدون نقاش أسماء الناس وأناس معينين. فأنا الأن اعطيتك فكرة الـ15 عام كفترة إنتقالية وما يجب فعله خلال هذه الفترة، بحيث يتم تحويل إتفاقية السلام لبرنامج سياسي ينفذ بواسطة كل الأطراف.
س: ولكن نفس مشروع البنية التحتية والتنمية التي تتحدث عنها كان مطروحاً منذ العام 2005م ولم يحدث شئ حتى 2011م؟
لا، في العام 2011م، الحركة الشعبية لم تكن لديها برنامج، عندما جئت في وزارة التعليم العالي وضعت لها برنامج بدأ بوضع دستور وخطة تعليمية لمدة 25 عام على الحكومة تنفيذها، وكان بحسب رأئي هو انه بعد 25 سنة لن نكون بحاجة لوزارة للتعليم العالي بل يكون هنالك مجلس قومي للتعليم العالي يكون مسؤول عن الجوانب الفنية والتقنية وستكون هيئة مستغلة.
س: وما الذي حققته في إطار هذه الخطة عندما كنت وزيراً؟
أنا مكثت في الوزارة عام ونصف طبقت خلاله، مشروع المجلس القومي للتعليم العالي ليكون الجهاز الذي يحكم التعليم العالي، وكونت مجالس صغيرة تحتها، ووضعت خطة لبناء الجامعات سلمتها للمجلس بحيث يكون هنالك بعد 25 عام أساتذة أكفاء ومحاضرين ومعامل متطورة لننافس كل الجامعات الكبرى في العالم، لأن التعليم الأن اصبح سوق وكل الدول تبحث عن التعليم الأفضل، لذا عندما تبني جامعات متطورة يمكنك جذب الطلاب والناس من كافة أنحاء العالم من اوربا وما إلى ذلك. ولكن هذه المشاريع صادفت مشكلات كبيرة عندما وقعت الحرب وتم إغلاق إنتاج النفط وأصبح ليس هنالك أموال لتنفيذ هذه المشاريع.
س: ماهي الرسالة التي يمكن أن تقدمها لشعب جنوب السودان في الوضع الحالي؟
على شعب جنوب السودان فتح وعيهم ليعرفوا حقيقة القضية، لأنه بدون وعي لا يمكنك معرفة مكمن المشكلة، وعليهم التضامن فيما بينهم، فهذه فترة لزيادة الوعي الإجتماعي والسياسي وإلى أخره.