أطلق العديد من نشطاء المجتمع المدني في جنوب السودان نداءً عاجلاً لتجديد الالتزام السياسي بعملية السلام الهشة، محذرين من أن التأخير، وانعدام الأمن، وعدم ثقة الجمهور تضع المرحلة الانتقالية في البلاد في خطر جسيم.
تأتي هذه الدعوة في وقت يواجه فيه الموقعون على اتفاقية السلام لعام 2018 إدانات وإحباطات مستمرة من شركاء السلام المحليين والدوليين على حد سواء، في ظل استمرار العنف في جميع أنحاء البلاد تقريباً.
وفي حديثه خلال “حوار أصحاب المصلحة” الذي نظمه منتدى المجتمع المدني لجنوب السودان في جوبا يوم الأربعاء، قال قالدينو أوهوما، رئيس المنتدى، إنه على الرغم من تبقي حوالي 57 أسبوعاً فقط على إجراء أول انتخابات في تاريخ جنوب السودان، إلا أن معظم بنود الاتفاقية لا تزال غير منفذة.
وتابع: “اعتباراً من اليوم، نحن على بعد 57 أسبوعاً من 22 ديسمبر 2026، وهو اليوم المحدد للانتخابات العامة التي طال انتظارها في جنوب السودان، ومع ذلك فإننا متأخرون في كل ركيزة من ركائز الانتقال تقريباً”.
وأضاف: “في غضون ذلك، يقلص الشركاء في المجال الإنساني دعمهم، مما يترك الخدمات الحيوية دون تمويل ويعرض الملايين من شعبنا لمعاناة أعمق، وهناك حقيقة أعمق وأكثر إلحاحاً يجب أن نواجهها معاً”.
وشدد على أن الترتيبات الأمنية، وصياغة الدستور، والحوار السياسي، والمساحة المدنية، والتحضير للانتخابات، والتنفيذ الكامل للاتفاقية، كلها تشهد تعثراً وتأخيراً.
وتساءل: “إذا لم تُجرَ الانتخابات بمصداقية وأمان، فما هي التدابير العاجلة التي يجب أن نعتمدها اليوم لتجنب تمديد مؤلم ومكلف آخر للمرحلة الانتقالية؟”، مضيفاً: “يجب أن يعطينا هذا الحوار إجابات واضحة وشجاعة، ورغم كل هذه التحديات، يظل الأمل قائماً لأنكم هنا، الأمل باقٍ لأن الحوار الشامل الذي يتمحور حول المواطنين لا يزال ممكناً”.
ودعا رئيس المنتدى كذلك إلى تضافر الجهود للضغط على القادة لتجديد التزامهم باتفاقية السلام.
وقد أيدت جاكلين ناسيوا، المديرة التنفيذية لمركز الحوكمة الشاملة والسلام والعدالة، والتي وصفت تنفيذ اتفاقية السلام بأنه هش ومتعثر.
وقالت: “اليوم نحن نجتمع من أجل الحوار التشاوري الوطني تحت شعار تسريع مبادرات السلام في ظل تصاعد العنف، وتخفيف المخاطر ومعالجة التحديات التي تواجه الانتقال إلى الديمقراطية وبناء السلام في جنوب السودان، فإننا نقف في لحظة محورية في سعي أمتنا الدائم لتحقيق سلام مستدام”.
وأشارت إلى أنه على الرغم من أن اتفاقية السلام لعام 2018 تظل أساس الاستقرار، إلا أن تنفيذها كان “هشاً ومتعثراً”، حيث تم تقويضه بسبب الصراعات المتكررة، والجمود السياسي، والتقدم المحدود في الإصلاحات الرئيسية.
وأوضحت قائلة: “ربما تذكرون أن اللجنة العليا رفيعة المستوى لاتفاقية السلام أشارت إلى أنه تم تنفيذ 10 في المائة فقط من الاتفاقية حتى الآن”.
وأضافت: “هذا الرقم يستدعي الحاجة إلى إجراءات منسقة، ونوايا صادقة، وإجماع وطني شامل لتوفير المضي قدماً في الآليات الانتقالية”.
وحذرت من أن التمديدات المتكررة للفترة الانتقالية، بما في ذلك تأجيل الانتخابات إلى عام 2026، قد عمقت إحباط الجمهور. وقالت: “لقد أدى تأجيل الانتخابات إلى عام 2026 إلى تآكل ثقة الجمهور في العملية الانتقالية، مما يقوض جهود التعافي”.
وأكدت الناشطة أن السلام يظل الرغبة الجوهرية لمواطني جنوب السودان الذين تحملوا عقوداً من العنف والمشقة. ولهذا السبب، حثت القادة على إعطاء الأولوية للأمن، والإصلاحات، والمشاركة الهادفة للمواطنين في جميع العمليات السياسية.
وفي إشارة إلى الذكرى الخامسة والعشرين لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 ومرور 30 عاماً على منهاج عمل بكين، وأعربت عن قلقها من أن النساء في جنوب السودان لا يزلن بعيدات عن تحقيق نسبة 35 في المائة المخصصة للتمثيل النسبي “العمل الإيجابي”.
وأضافت أن البلاد تمر “بمنعطف حاسم يواجه فيه المدنيون مخاطر متصاعدة من العنف، والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والنزوح”.
وحذرت من أن استمرار انعدام الأمن، وعدم الثقة، والضائقة الاقتصادية، وبطء الإصلاحات، ويهدد كلاً من العمليات الديمقراطية والتماسك الاجتماعي.



