كشف القوى السياسية في جنوب السودان، عن أبرز نقاط الخلاف بين أطراف اتفاقية تسوية النزاع المنشطة، حول قانون الأحزاب السياسية التي صادق عليها البرلمان القومي الانتقالي نهاية شهر مايو 2022.
في 30 مايو الماضي، صادق البرلمان القومي الانتقالي على قانون الأحزاب السياسية، لكن أطراف اتفاقية تسوية النزاع من الحركة الشعبية في المعارضة، وتحالف سوى والأحزاب السياسية الأخرى، أعلنت رفضها لطريقة إجازة القانون المعدل لسنة 2022.
ينص الاتفاقية على ان خلال ستة أشھر من تاريخ التوقيع تقوم اللجنة القومية لتعديل الدستور بمراجعة قانون الأحزاب السیاسٮة لسنة 2012 للتأكد من أن القانون یتقید بأفضل الممارسات الدولية للتسجیل الحر والديمقراطي الأحزاب السیاسیة فى جنوب السودان وتقدم اللجنة مسودة قانون الى المجلس التشريعي القومي للمصادقة عليه. ویجب ان یتیح القانون التسجیل المفتوح للأحزاب.
وقالت الأطراف الرافضة إنها ترفض طريقة إجراء تعديلات جديدة على القانون المعدل لسنة 2022، من قبل لجنة المراجعة الدستورية، وهي الجهة القانونية لتعديل القوانين وفقا لاتفاق السلام المنشط لعام 2018.
وقال البرلماني ألبينو أكول أتاك، القيادي بتحالف “الأحزاب السياسية الأخرى” لراديو تمازج، أن البرلمان القومي خالف نصوص اتفاق السلام بإجراء تعديلات على قانون الأحزاب السياسية، مبيناً أن الاتفاقية تنص على أن تقوم لجنة المراجعة الدستورية بإجراء تعديلات في جميع القوانين، وعلى البرلمان إجازته دون إجراء تعديلات.
وأبان ألبينو، أن ما حدث داخل البرلمان يوم 30 مايو الماضي، يخالف الاتفاقية المنشطة، مشددا على أن البرلمان ليس له الحق في إجراء أي تعديلات على التعديلات القانونية التي تتم بواسطة لجنة المراجعة الدستورية الواردة في الاتفاقية.
ويشرح ألبينو، أن من أبرز نقاط الخلاف في البرلمان حول قانون الأحزاب السياسية تعديل “2022”. تتمثل في “أربعة” نقاط رئيسية وهي “عدد الأصوات القانونية لتسجيل حزب سياسي، وحق الأقليات في الأحزاب السياسية، وتمويل الأحزاب السياسية، واستقلالية لجنة الأحزاب السياسية.”
وأوضح البرلماني، أن التعديلات التي تمت على قانون الأحزاب السياسية لسنة 2012، هي تقليص عدد الأصوات القانونية لتسجيل حزب سياسي من 500 صوت إلى 300 صوت من كل ولاية والمناطق الإدارية. لكن لجنة التعديلات الدستورية في البرلمان القومي قامت بتعديل القانون المعدل بالعودة إلى قانون عام 2012، وهي 500 صوت لتسجيل حزب سياسي.
وقال البينو، إن فيما يخص حق الأقليات في قانون لجنة الأحزاب السياسية، قامت اللجنة البرلمانية بحذف فقرة “الأقليات” من القانون المعدل (2022). وتابع: “القانون المعدل من قبل لجنة المراجعة الدستورية نص على حق الأقليات داخل الأحزاب. لكن تم حذف الفقرة من قبل اللجنة البرلمانية مستندا على أن لا يوجد ما يسمى بالأقليات في البلاد”.
وقال البرلماني، إن النقطة الثالث في الخلاف تتعلق بتمويل الأحزاب السياسية، مبينا أن قانون المعدل من قبل لجنة المراجعة الدستورية لسنة 2022، نص على تمويل الأحزاب السياسية قبل الانتخابات وبعد الانتخابات. لكن اللجنة البرلمانية قامت بحذف فقرة تمويل الأحزاب السياسية قبل الانتخابات.
وقال إن النقطة الرابعة تتعلق باستقلالية لجنة الأحزاب السياسية، مشيراً إلى أن نص استقلالية الأحزاب السياسية الوارد في القانون المعدل غير واضح ويحتاج لتفسير وإجراء تعديلات عليه.
وقال البنيو، إن تحالف الأحزاب السياسية الأخرى، سيقدم مسألة عاجلة في أقرب جلسة للبرلمان القومي يرفض فيه التعديلات التي تمت على قانون الأحزاب السياسية قائلا: “القانون لا يزال في البرلمان ولم يوقع عليه رئيس الجمهورية، بتالِ هناك فرصة لإجراء تعديلات عليه، لأننا فقط نريد أن تكون الإجراءات سليمة عن طريقة التصويت لجميع أعضاء البرلمان”.
وأضاف: “قانون الأحزاب السياسية مشروع حيوي وله علاقة بتنفيذ الاتفاقية ويجب أن يتم بالتوافق بين الأطراف أو التصويت في البرلمان لضمان تصويت ثلثي نواب البرلمان، لكن رئيسة البرلمان أعلنت إجازة القانون بالاعتماد على 20 فرصة تم إعطاؤها للبرلمانيين خلال مناقشة القانون”.
وقال ألبينو، إن رئيس البرلمان نونو جيما كومبا، مارست سياسة إسكات الأصوات التي تعارض التعديلات خلال المناقشة، وزاد: “فقط من بين 20 فرصة لنواب البرلمان 14 منها لأعضاء حزب الحركة الشعبية في الحكومة و6 فرص للأطراف الأخرى في الاتفاقية”.
تنص اتفاقية تسوية النزاع المنشطة أن في حالة الخلاف تتم المصادقة على القوانين بالتراضي بين الأطراف، وفي إذا فشلت الأطراف يتم إجازة القوانين بأصوات ثلثي أعضاء البرلمان.
وقال محمد أكوت، المتحدث الرسمي بالإنابة للحركة الوطنية الديمقراطية، أن الفترة الزمنية التي حددها القانون المعدل لسنة 2022، وهي عشرة أشهر يدل على نية الحركة الشعبية في تمديد الفترة الانتقالية.
وتابع: “هذا يعني أن الأشهر العشرة حتى أبريل 2023، وتنص الاتفاقية على إجراء انتخابات في 22 ديسمبر 2022. وهذه إشارة واضحة حتى الآن على أن الحركة الشعبية لتحرير السودان في الحكومة والحركة الشعبية في المعارضة يخططون لتمديد الفترة الانتقالية”.
تنتهي الفترة الانتقالية للحكومة الحالية في جنوب السودان في فبراير العام المقبل، لكن العديد من البنود في الاتفاقية لاتزال عالقة، حيث من المتوقع أن يجرى البلاد انتخابات عامة قبل نهاية الفترة.
وقالت الحركة الوطنية الديمقراطية، في بيانه إن الهدف من قانون الأحزاب السياسية هو تنظيم عمل الأحزاب في البلاد، وليست إعاقته كما تعتقد الحركة الشعبية في الحكومة. حسب البيان.
من جانبه قال مكتب نائب رئيس الحركة الشعبية في المعارضة المسلحة يوم “الإثنين” في بيان صحفي، أنهم قرروا إستمرار مقاطعة جلسات البرلمان القومي، قائلا: “سيتم رفع مقاطعة جلسات البرلمان إذا تمت مخاطبة القضية”.
وجاء في البيان: “مرت أسبوعين منذ تسليم خطاب الاحتجاج لرئيسة البرلمان، وعقدت أعضاء الحركة في البرلمان اجتماعا يوم الأحد 12 يونيو، وقرروا مقاطعة الجلسات وجميع الأنشطة المتعلقة بالبرلمان”.
وأشارت الحركة الشعبية في المعارضة في بيانها أن بتاريخ 31 مايو قام أعضاء الحركة وأعضاء الأحزاب السياسية الأخرى في البرلمان بتسليم خطاب إلى رئيسة البرلمان جيما نومو كومبا يعترضون فيه على خطوات إجازة قانون الأحزاب السياسية لسنة (2022)، قائلة: “عدم رد رئيسة البرلمان تمثل عدم المسؤولية وهذا ما قادنا إلى مقاطعة الجلسات”.
وقالت الحركة الشعبية في المعارضة، أيضا إنها علمت عن وجود انتهاكات تتعلق بخطوات صياغة الدستور الدائم في البلاد.
ويقول الصحفي والمحلل السياسي أتيم سايمون مبيور، إن “إذا كان أطراف اتفاقية تسوية النزاع لعام 2018، يريدون السلام فإن قانون الأحزاب السياسية يساهم في عملية التحول الديمقراطي بإجراء انتخابات مقبولة تنهي فترة الاتفاقية والحروب المستمرة وتسليم السلطة عبر صناديق الانتخابات.
وأضاف اتيم، أن معظم الأحزاب السياسية في جنوب السودان ليس لها ثقل كبير وتشارك في السلطة بموجب الاتفاقية، قائلاً: “هذه الأحزاب مشاركة في السلطة ولم يحدث أن عقدت مؤتمراتها العامة ولا نمط تداول السلطة داخلها بتالِ قانون الأحزاب السياسية ستنظم هذه الأحزاب”.
ويقترح اتيم، على أن مجموعة من الأحزاب السياسية في الفترة المقبلة يمكن أن تشكل تحالفات سياسية وتأسس حزب سياسي واحد يكون لها الوجود في جميع الولايات. وقال إن “قانون الأحزاب السياسية يمكن أن يقود إلى تحول كبير في العملية السياسية، على أن يكون في البلاد 4 إلى 5 أحزاب سياسية من خلال التحالفات”.
يوجد في جنوب السودان أكثر من 40 حزبا سياسيا بجانب حركات معارضة مسلحة، بعضها مشاركها في الحكومة الانتقالية المنشطة وبعض غير مشارك في الحكومة.
وفقا لاتفاق السلام يصادق المجلس التشريعي القومي الانتقالي على التعديلات على الدستور القومى الانتقالى لجمھوریة جنوب السودان لسنة 2011، وتعديلاته خلال ثلاثین یوما من استلامه التعدیلات من وزير العدل والشئون الدستوریة
بحسب الاتفاقية یوافق رئیس الجمهورية على التعديلات في مدة لا تتجاوز نھایة الفترة قبل الانتقالية “ثمانية أشھر من التوقيع على الاتفاقية”. ویعرف الدستور المعدل بـ الدستور الانتقالى لجمھوریة جنوب السودان لسنة 2011 وتعدیلاتھا.
لم تجر جنوب السودان أي انتخابات عامة منذ أن نال استقلالها عام 2011، فقد دخل البلاد في حرب أهلية عامي “2013 – 2016” بسبب الصراع على السلطة بين قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان.