Skip to main content
بقلم: أتيم سايمون - ١٠ مارس ٢٠١٩

رأي: إسْمَاعِيل وايِس ، لِقِيتَك يَاعَبْدَ المُعِيْن عَايِزْ تِتعَانْ

دخل السفير إسماعيل وايس، مبعوث إيغاد الخاص لجنوب السودان ، العملية السلمية بالبلاد في مأزق جديد ، خاصة بعد رفض جبهة الخلاص الوطني لدعوة الاجتماع الذي كان يفترض ان يتم بينهم في اديس أبابا في الثامن من مارس الجارى ، بسبب ما أسمته  مجموعة توماس سريلو بالتناقض الصريح في خطاب الدعوة الذي حصر أجندة الاجتماع في مناقشة القوالب التي يمكن عبرها ان تلتحق الحركة باتفاق السلام ، وماحمله في نفس الوقت من إشتراطات تبين رفض الوساطة لاعادة فتح الاتفاقية او التفاوض حولها من جديد ، مع التهديد بامكانية تصنيف الجماعات الرافضة للاتفاق في خانة التنظيمات ذات النشاط السلبي و المخرب و الهدام، وقد أثار ذلك حفيظتها لتقرر رفضها للدعوة ، بحجة ان جبهة الخلاص تنضوي تحت مظلة تحالف سياسي يضم العديد من المجموعات الرافضة للاتفاقية ، وهذا يمثل تصعيد وتعقيد جديد لمسار العملية السلمية بالبلاد ، قد يراهن فيه وايس و ربما السلطات الحكومية الاثيوبية على انها تمتلك العديد من كروت الضغط على المجموعة ، منها إقامة قائدها داخل الاراضي الاثيوبية ، وتلعب على تداخل تلك المصالح ، اذ يتوقع ان تكون زيارة الرئيس الاثيوبي ابي احمد الي جوبا الاسبوع الفائت تلك ناقشت المسالة بشكل مستفيض. فالحكومة أيضاً تبدو ممتعضة من تواجد الرجل باديس أبابا ولاترغب في إستمرار ذلك ايضاً.

 حول ذات الأمر ، تصرفت حركة فول ملونق مع دعوة الإيغاد على نحو مغاير تماماً ، فدعوة اسماعيل وايس للجلوس اليها غداً الاثنين بنيروبي ، تمثل بالنسبة لها سانحة كبيرة تعيد اليها الامل بامكانية الالتحاق بالعملية السلمية بعد ان تم ابعادها في مرحلة المشاورات ومن ثم التفاوض بحجة انها لم تكن ضمن الجماعات التي وقعت على اتفاق وقف العدائيات في ديسمبر 2017 باديس أبابا ، كانت تلك هي الحجة التي تمسكت بها الحكومة وتبنتها ايغاد في مرحلة من المراحل ، وهاهى تعود لتسقطه من قائمة شروطها للجلوس مع الجماعات الرافضة لاتفاق السلام تحديدا الجبهة المتحدة ، لكنها لاتزال متمسكة بعدم فتح الاتفاق للتفاوض من جديد ، وهو ماسيقود الي صدام بينها والجبهة التي قالت انها ستدخل الاجتماع فقط لكى تقول لمبعوث الإيغاد بانها تريد فتح إتفاق السلام من جديد.

 يا للورطة  التي ادخلت فيها الوساطة نفسها وهي التي كانت تريد ان (تُكَحِلْ) العملية السلمية عبر ابتداع آلية جديدة لالحاق المجموعات الرافضة ، لكنها بدلاً من أن تضع الكحل فوق الرمش ، طبظت بها العين فـ(عَمَتْهَا) أي أصابتها بالعمي ، وستقلل تلك الشروط المسبقة من الفرص التي كانت متوافرة أمامها. فلو أنها استمعت من البداية لمطالب تلك الجماعات ، ولم تساير الخرطوم في استعجالها للتوقيع على اتفاق السلام كيفما اتفق ،لكان الوضاع مختلف كلية الان . لكن بدلاً من أن تمارس هي (الإيغاد) ضغوطها على الاطراف ، باتت  هي الاخرى للاسف راضخة  لضغوط جوبا و الخرطوم وكمبالا ، وقد خسرت بذلك ثقة المجتمع الدولي، تلك الثقة  التي تسعي (الجبهتين)  للاستفراد بها ، فتوارد الخواطر بينها و بين بعض البلدان النافذة في الموقف من اتفاق السلام ، جعلها لاتهتم كثيراً بتهديدات الوساطة و الاقليم ، والأخطر في الأمر هو ان مسار تنفيذ اتفاق السلام وفشل الاطراف في الدفع باستحقاقات الفترة ماقبل الانتقالية سيعزز من موقف المجوعات غير الموقعة ، ومبرراتها التي اجملتها في عدم مخاطبة الاتفاق لجذور الأزمة ، وان التسوية ركزت علي توزيع المناصب اكثر من تحقيق السلام على الأرض ، الي جانب مطلب الفدرالية الذي تجاوزته لجنة اعداد الدستور بشكل متعمد في الوثيقة مثار الجدل و التي سلمتها الشهر الفائت لوزير العدل ، وفي ظل اعتراض مجموعة مشار التي تمثل الشريك الرئيسي علي مسودة الدستور الانتقالي ،حيث  خاطبت الايغاد بذلك كتابة وطالبتها بالتدخل وحذرت من ان تجاوز اعتراضتها تلك سيقود الي انهيار الاتفاق ، لان رئيس المفوضية تجاوز اتفاق السلام في صياغة تلك المسودة .

لقد فشل السفير اسماعيل وايس في توظيف التفويض الذي منحته له قمة ايغاد الاخيرة التي طالبته بالحاق المجموعات الرافضة بعملية السلام ، فقد كان في مقدوره ان يبدأ بلغة الحوار ويتجاوز تلك التهديدات التي استمدها من بيان وزراء خارجية ايغاد الأخير ، ففي ظل التشكيك الدولي في فرص نحاج التسوية السياسية في جنوب السودان ، وانقسام اطراف النزاع مابين الموقع و الرافض ، واستمرار انقسامات المعارضة وظهور حركات مسلحة جديدة ، و استعجال الحكومة لتكوين الادارة الانتقالية الجديدة دونما حسم قضايا الفترة ماقبل الانتقالية مثل بناء الجيش الموحد ، وترسيم حدود القبائل ، هذا كله من شأنه ان يضعف من فرص نجاح جهود السفير وايس الذي فوضته الوساطة للاعانة في  إلحاق الجماعات الرافضة للتوقيع على اتفاق السلام ، اذ ان  الرجل بات في حاجة للاعانة هو نفسه وليس الجماعات غير الموقعة على اتفاقية السلام ، إنها دبلوماسية ( جبتك ياعبد المعين تعينني ، لقيتك ياعبد المعين عايز تتعان).


مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية المؤلف، وليست راديو تمازج