Skip to main content
بقلم - اديسون جوزيف - كاتب وباحث - ١٣ أكتوبر ٢٠٢١

البحث عن العدالة الانتقالية بجنوب السودان في سياق اتفاقية السلام المنشطة

تحفل ثقافة المعتقدات الانسانية الدينية والعرقية بطقوس تصحب ميلاد الانسان بشكل جديد لتفتح صفحة جديدة من حياته تختلف كليا عن ماضية وتغسل ذنوبه. نجد ايضا المجتمعات المعاصرة  في ظل الدولة الحديثة  لديها نفس الطقوس والاجراءات لكن بصورة مختلفة تعرف بالعدالة الانتقالية  كرمز لمرحلة تغيير تحدث للدولة والشعب، من حالة الحرب والقهر الي حالة السلام والحرية

مفهوم العدالة الانتقالية

تعرف العدالة الانتقالية باعتبارها (حزم  من الاجراءات التي تم تصميها لمعالجة الانتهاكات المنهجية او الشائعة لحقوق الانسان،تم ارتكبها خلال فترة قمع الدولة او العنف المسلح ) قد تاخذ اشكال قانونية او غير قانونية يجدر بالذكر ان حقوق الانسان  متعلقة بحقوق الجماعات والافراد في مختلف المجالات.

يشير مفهوم العدالة الانتقالية الي عنصرين: الاول يتعلق  بالعدالة  ويعتمد علي المبادئ القانونية المتعارف عليها لمحاربة الافلات من العقاب وخلافة، بالاضافة الي البحث عن الحقيقة والتعويض، أماالعنصر التاني يتمحور حول مرحلة الانتقال ويشير الي التحول من حالة الي اخري مثل الشمولية الي الديمقراطية او الحرب الي السلام يرتكز الانتقال بالشكل علي مساعدة في فتح صفحة جديدة .

تقوم  العدالة الانتقالية علي عديد من الاجراءات اولا تكوين آلية مستقلة لتنظيم العملية والاشراف علية ثانيا  اعتراف الجلادين لضحاياهم من خلال جلسات استماع عمومي ثالثا  تطبيق حزم من آليات إنصاف لضحايا الانتهاكات، افراد او جماعات عبر برامج التعويض والتمييز الايجابي وغيرها،و خامسا احياء ذكري الضحايا وتكريمهم مثل المتاحف سادسا تحقيق المصالحة للمجتمعات المنقسمة بمشاركة الضحايا او من يمثلونهم سياسيا ومدنيا واصلاح المؤسسات الحكومية التي استخدمت في الانتهاكات الامن والشرطة والجيش .

ضروة العدالة الانتقالية ومناظرة السلام مقابل العدالة لواقع جنوب السودان

تعيش دولة جنوب السودان فترة عصيبة ومهمة في تاريخها السياسي بعد التوقيع علي اتفاقية السلام المنشطة وتشكيل الحكومة الانتقالية.اذ تفرز تلك المرحلة ضرورة الوصول لسلام دائم ينهي حالة الاحتراب التي سيطرت علي المشهد السياسي منذ نشوء الدولة في يوليو 2011مما يطرح تساؤل حول ضروة واهمية العدالة الانتقالية كسفينة يمكن ان تساعد في عبور البحر المتلاطم بالنزاعات الي بر الامن والسلام .

للتاكد من حوجة الفترة الانتقالية لتنفيذ اتفاقية السلام المنشطة يجب النظر الي التركة الثقيلة للحرب متمثلة في ( القتل خارج اطار القانون بما في ذلك  المجازر في حالة انتهاك الحق في الحياة والاجراءات القانونية الواجبة , والعنف القائم علي اساس  الجنس، اي منها ينتهك عددا من حقوق الانسان مثل الحرية والامن الشخصي والتعذيب المحظور و انتهاك حرية التعبير في وسائل الاعلام بالاضافة الي التمييز  القائم علي العرقواستهداف الافراد بناء عليه. تشمل الجرائم الدولية التي يمكن ان تشكل اما جر ائم حرب او جرائم ضد الانسانية من قتل واغتصاب وعنف جنسي والنزوح القسري وازالة السكان و اختطاف الاطفال المرتبطة بالحرب واستخدام العبودية والضرب والنهب وتدمير الممتلكات ).يقدر عدد الموتي383,000وفقا للتقرير صادر عام 2018 من مدرسةلندن للصحة والطب الاستوائي .المجازر التي حدثت في جوبا عام  15ديسمبر عام 2013بالجانب احداث بور وملكال ومناطق متعددة بولاية الوحدة وولاية غرب بحر الغزال تحديدا مدينة واو ومناطق متفرقة في الاستوائية  والتدمير الذي حدث لمدينتي بور وملكال، تشكل كل  تلك الوقائع الاحتياج الموضوعي للعدالة الانتقالية في جنوب السودان خلال فترة الانتقالية، فقد ساهمت تلك الاحداث المؤسفة في القضاء علي جزء كبير من النسيج  الاجتماعي وفقا لمسح تم إجرائه وسط النازحيين، حيث اكد اغلبيتهم ان الحرب قد غيرت نظرتهم للقبائل الاخري  (في معسكر الامم للنازحيين في بانتيو 86% وفي معسكر جوبا 82% أغلبية قالت ان العنف قد غير من ارأئهم حول المجموعات العرقية الاخري )وخلق روح الانقسام وانعدام الثقة  بين المجتمعات وانتشار واسع لخطاب الكراهية مثل ام تي و نيام ونيام ونوير ويؤ.وفقا لتقرير بعثة الاتحاد الافريقي لتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الانسان خلال فترة الصراع المسلح ان مسئولية تلك الانتهاكات تقع علي طرفي النزاع، الحكومة والمعارضة العسكرية (يؤكد التقرير ان طرفي النزاع قد انتهكوا  حقوق الانسان، الجناة المتهمين بينهم جنودالميليشيات المتمردين والمدنيين  )بالرغم من اختلاف الطرفيين في طبيعة الانتهاكات، انتهاكات الطرف الحكومي ىتعتبر عنف دولة بغرض السيطرة والاخضاع بينما عنف المعارضة العسكرية كان بدافع الانتقام .

توقيع اتفاقية سلام بين القيادات السياسية وتقاسم السلطة بينهم ليس كافي لمعالجة الخراب الذي احدثتة تلك الاحداث.هناك ضرورة للعدالة الانتقالية لمخاطبة التركة الثقيلة للحرب للعبور من مرحلة النزاعات والكراهية والتعصب والظلم  الي مرحلة السلام المستدام  والاخاء والعدالة.

وفقا للتلك المعطيات فأن الواقع السياسي لدولة جنوب السودان في حوجة للعدالة الانتقالية للتجاوزوطئ صفحة مؤلمة  للحرب .لكن السؤال الذي يفرض نفسه ماهو الشكل ونموذج الامثل للعدالة الانتقالية لواقع الجنوب،المعني بطريقة ادارة عملية الانتقال علي اساس الانصاف وتحديد اولويات المرحلة.

يسود فهم قاصر ومحدود حول العدالة الانتقالية باعتبارها عدالة جزائية هدفها الاساسي ملاحقة ومحاكمة المتهمين بارتكاب الجرائم.ينطلق هذا الفهم من تصور وحيد  للعدالة  انها مبنية علي مبادئ عالمية يمكن تطبيقها في كل البلدان دون مرعاة للسياق والبئية العامة للواقع البلدان.

حاول تقرير بعثة الاتحاد الافريقي التسويق لتلك الفكرة من خلال تشخيصه للحرب علي انها فعل اجرامي وانتهاك للقانون الانساني ويستوجب محاكمة المجرمين لحل الازمة.تلك الصورة الناقصة حول الحرب وجدت رفض من قبل احدي اعضاء اللجنة بروف محمود ممداني الذي رفض فرضية اللجنة واعتبر ان الحرب نتاج للازمة سياسية وفقا للسياق التاريخيوالاقتصادي والاخلاقي  والسياسي للجنوب،تحتاج لمعالجة سياسية تنظر الي الصورة الشاملة وعدم منطقية تناول الازمة كنتيجة لغياب حكم القانون في ظل هشاشة البنية السياسية للدولة.الاختلاف بين اعضاء اللجنة حول الطريقة الصحيحة للتطبيق العدالة يشكل ارضية للحوار حول النموذج المثالي لكيف يمكن لجنوب السودان خلق نموذج مختلف للعدالة حسب واقعه

تكمن اهمية تبني ا لعدالة انتقالية في عدم تكررالاخطاء السابقة وعودة الحرب مرة اخري،  الفشل في معالجة مرارت الماضى وعدم التطرق للتاريخ المؤلم يقود لانفجار الاحقاد بشكل متجدد مما يعني استمرار حلقة العنف والحرب.هناك فرضية تقول ان اندلاع الحرب في ديسمبر 2013ماهو الاانعكاس لما حدث في 1991خلال انقسام الحركة الشعبية الشهير وسقوط قتلي وضحايا من مدينة بور، المصالحة البرغماتية عند عودة رياك مشار وفاولينو متيب للحركة الشعبية،ولم تكن كافية لطئ صفحة الماضي المؤلم حدث ذلك بسبب اهمال الحركة الشعبيةملف المصالحة في الجنوب خلال الفترة الانتقالية لاتفاقية السلام الشامل مع حكومة المؤتمر الوطني، كممثل للحكومةالمركزية  السودانية.استدعي التاريخ الحادثة فكانت احدي مواضيع خطابات التعبئة والحشد لمعسكر الرئيس سلفاكير ضد نائبه رياك مشار قبل تفجر النزاع ممايؤكد صحة الفرضية.

يرتبط تطبيق العدالة الانتقالية بالسياق العام للبلد مما يؤدي لميلاد مايسمي بالنموذج المختص بالبلد المعين حول العدالة الانتقالية .ففي حالة جنوب السودان بالتاكيد يجب البحث عن النموذج الامثل لتطبيق العدالة وفقا للوقائع والظروف السياسية والاقتصادية والتاريخية، لايمكن نسخالتجارب الاخري بدون دراسة واقع الجنوب.

سياق تطبيق العدالة الانتقالية يرتبط بطبيعة الانتهاكات، في حالة جنوب السودان سياق الانتهاكات متعلق بفظائع الحرب الاهلية، لذلك اختيار الاليات والتطبيقات المناسبة يجب ان يتم وفقا لحجم الانتهاكات ومعالجة الارث الثقيل للفترة مابعد الحرب. البحث عن نموذج الافضل للعدالة الانتقالية يعني اتباع مختلف للادراة وتنظيم الاجراءات القانونية والغير قانونية للعدالة يعني اختيار الاليات المناسبة للتاكد ان حقوق الضحايا قد تم انصافها سواء كانت تقليدية اوحديثة للمحاسبة وجبر الضرر،نموذج يختار بين الحقيقة مقابل العفو او العدالة الجزائية للجناة،نموذج يفاضل بين الطرق الادبية لرد الاعتبارللضحايا.

لمعرفة النموذج الافضل للعدالة الانتقالية يجب تحليل النزاع لفهم الاسباب الجوهرية للصراع،بغرض تقديم حلول جذرية للصراع وهنا ينبثق نموذج العدالة الانتقالية من الاطار لمعالجة الازمة التي قادت للحرب لايمكن تحقيق عدالة انتقالية بمعزل عن برنامج معالجة الحرب.للتاكد من صحة الفرضية علينا الابتعاد عن تجريد المسالة والدخول في الجانب العملي المتعلق بالنزاع، تاريخيا عرفت مجتمعات جنوب السودان النزاع وحدوث خلاف حول قضايا سياسية واقتصادية ادي الي سوء العلاقة بين المجتمعات وتضرر النسيج الاجتماعي من ذلك تعتبر احداث الكواكر خير مثال لذلك في بداية الثمانيات القرن الماضي خلال فترة اتفاقية اديس ابابا كان الجنوب يتمتع بالحكم ذاتي تسيطر علية القوي السياسية الجنوبية  برز التنافس بين القيادات منهم ابيل الير وجوزيف لاقو سيطر اببل الير علي الحكومة ومارس نوعا من محسوبية في تعيين اهله واقربائه في مؤسسات الخدمات المدنية استغل خصمه جوزيف لاقو تذمر الاستوائيين من محسوبية ابيل الير بالتعبئة وحشد الاستوائيين الامر الذي ادي الي احداث الكواكر وطرد المنتمين لقبائل اعالي النيل من جوبا في تلك الحالة اذا اردنا تجاوز الاثار السلبية للكواكر وخلق مصالحة بين المجتمعات لابد من معالجة مسالة المحسوبية في الخدمة المدنية لكي تفتح تلك المجتمعات صفحة جديدة في العلاقات بينهم.نفس الشئ ينطبق علي احداث انقسام الحركة الشعبية عام 1991بقيادة رياك مشار وكانت مجزرة بور احدي نتائج ذلك الانقسام نتيجة للتركيبة القبيلة الداخلية  للحركة الشعبية عندماحدث الصراع بين القيادات حول السيطرة علي القرار السياسي كانت المجتمعات ضحية لهذا الصراع وانقسمت الحركة قبليا، المصالحة المثالية للتجاوز يجب ان تبدأ بمعالجة مسألة  الصراع القيادي بين قيادات الحركة الشعبية.

مدخل العدالة الانتقالية للواقع الحالي للجنوب ينبغي ان يبدأ بوضع الحلول الجذرية للحرب، فالصراع في الجنوب قائم علي مستويين الاول مركزي متعلق بالصراع علي مركز السلطة والثروة في الحكومة  الاتحادية من يكون رئيس من الذي يسيطر علي الموارد القومية،الحرب التي اندلعت بين قيادات الحركة في 15ديسمبر 2013مثال لهذا المستوي من الصراع بينما يتعلق المستوي الثاني بالصراع حول الاقاليم  متجسد في صراع موراد الاقليم من ارضي مصادر انتاج الثروة ونهب الابقار بجانب التمثيل السياسي،والامثال كثيرة جونقلي ملكال غرب بحر الغزال.في سبيل المشي في دروب العدالة الانتقالية يجب المرور بمحطة علاج جذور تلك الصراعات من ثم البحث عن العدالة لضحايا تلك النزاعات.

للبحث عن نموذج للعدالة الانتقالية في جنوب السودان يجب الاجابة علي السؤال السلام اولا او العدالة ايهما يشكل اولوية في الفترة الانتقالية .انصار فريق العدالة اولا ينطلقون من فرضية ان مآسي الحرب في الجنوب والفظائع التي تم ارتكابها توجب تقديم الجناة الي محكمة (ان مجتمع مابعد الصراع يترتب عليه التزام اخلاقي بملاحقة الجناة قضائيا ومعاقبتهم ,لان القصاص هو بالتحديد مايريده معظم الضحايا.يسهم ذلك في بلمس جراحهم واستعادة ثقتهم بأنفسهم لأنه يشكل اقرار علنيا بشأن من كان علي حق ومن كان علي خطا )وتساهم العدالة في وضع حد للافلات من العقاب،وعدم تكرر تلك الانتهاكات مرة اخري.بينما يقول انصار السلام اولا ان الوضع الحالي للجنوب هش جدا من صعوبة محاسبة الجناة وتحقيق السلام في وقت واحد،محاكمة قيادات الحكومة والمعارضة المسلحة قد يزيد من شدة الاستقطاب السياسي بين المجتمعات والاطراف مما يهدد استمراية الاتفاقية ويعرضها للانهيار الشامل وهذا سيقود للفوضي وتجدد النزاع من جديد.

قبل الوصول لاجابةحول التساؤل يجب ان ننظر للموضوع من زواية شاملة لتجارب البلدان الاخري كاحدي الطرق التي يمكن من خلالة النظر الي جوانب اخري للموضوع،وفقا للمشروع قاعدة البيانات للعدالة الانتقالية فأن (الاتجاة السائدة في اغلبية البلدان التي تمنح العفو لمعارضيي الدولة خلال او بعد الحرب الاهلية للاستدامة السلام.فمثلا 1,116اليات العدالة الانتقالية تم تطبيقها في مختلف بلدان العالم بين 1970الي 2007,64%)712)في حالات ضمان العفو .مما يشير الي تفضيل اكبر للعفو .واقعيا 81%(577)في حالات العفو تحصلو علي ضمان للعفو للغير وكلاء الدولة (ممتمردين ومعارضين للحكومة )في مقابل فقط 7%(52)تحصلو علي العفو من وكلاء الدولة (اعضاء الحكومة ) .و12%(83)من حالات العفو تم منحها للطرافين وكلاء  الدولة  وغير ممثلين لة بالاضافة الي 99محاكمة اجريت ضد ممثلين الدولة و153للغير ممثلين الدولة .) هذا فيما يختص بالصورة العامة في العالم اما في افريقيا حسب تحليل مشروع العدالة الانتقالية فقد نالت افريقيا نصيب الاسد من حالات العفو خاصة قادة حركات التمرد لكي يضعو السلاح ايضا بعض ممثلين الحكومات نالوا العفو بما فيها قادة نظام ابتاريتهيد في جنوب افريقيا.يصل التقرير الي استنتاج (الخلاصة النهائية وضحت ان العفو يمثل الخيا الافضل في سياق الحرب الاهلية) .

الطبيعة الهشة لدولة جنوب السودان ترجح كفة ان السلام يجب ان يكون اولامن واقع الاجندة المعقدة لتحقيق السلام من بناء وتشكيل اجهزة للاتفاقية وتكوين جيش موحد وضمان الحد الادني للامن الشخصي واصلاح الخدمة المدنية والقوات الامنية بالجانب قضايا وقف التدهور الاقتصادي وتاسيس قضاء مهني وغيرها من الملفات الشائكة، يجعل من الصعوبة التفكير في العدالة قبل حدوث سلام.

بالمقابل هناك عوامل تشير الي اهمية تطبيق  العدالة والمحاسبة للجناة كاولوية في الفترة الانتقالية منها رؤية ضحايا الحرب وفقا لمسح تم اجرائه في معسكرات النازحيين في واو و جوبا وبانتينو حيث (50%من المجيبين قالو ان العقاب اكثر اهميةفقط، و15%قالو ان التعويض اكثر اهمية، بينما 32%قالو الاتنين لديهم نفس الاهمية ) توضح الارقام ان اغلبية النازحيين مع خيار المحاسبة للجناة.ويشير نفس المسح للنازحيين الذين هم من  الضحايا المباشرين للعنف يقفون مع المحاكمات عكس النازحيين الذين لم يكونو ضحايا للعنف المسلح يميلون للعفو.يشكل الانتقام سبب ريئسي للنزاعات بين المجتمعات للطبيعة النفسية للافراد المنتمين للمجتمعات مما يؤكد اهمية العدالة لتجاوزمآسي الحرب الاهلية وعدم تجددها مرة اخري.

بناء علي تلك المعطيات يتضح ان كل الطرفين محقفي اطروحتهم، لكي تنجح الفترة الانتقالية تحتاج للتحقيق وسكوت صوت البنادق لكي يستمر السلام لاشك من ضرورة العدالة الانتقالية لمعالجة اثار الحرب يمكن ان نستنتج من خلال ان نموذج العدالة الانتقالية يجب ان يربط بين العدالة والسلام وتطبيق السلام للوصول للعدالة،واقع الجنوب يحتاج لانجاز السلام بشكل عاجل فبدون سلام دولة الجنوب مهددة بالانهيار ولكي تحدث استدامة السلام يجب ان يكون مصحوبا بالعدالة التي تنصف ضحايا الحرب في وضع مابعد الحرب،فحالة جنوب السودان تلخص اهداف الفترة الانتقالية في بناء السلام والاستقرار والامن بجانب اقامة دولة تتوفر فيها كل مقومات حكم القانون والعدالة والديمقراطية.

العدالة الانتقالية في سياق الاتفاقية المنشطة

ساهم العامل الخارجي في ادخال بند العدالة الانتقالية في اجندة اتفاقية السلام باعتبارها احدي توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للاتحاد الافريقي التي اوصت بتشكيل محكمة هجين لجرائم الحرب وتأسيس هيئة المصالحة والحقيقة.

وقد تم تضمين للتوصيات في نصوص الاتفاقية الموقعة في اغسطس 2015 التي انهارات،  والاتفاقية المنشطة الموقعة في ستمبر 2018بالعاصمة السودانية الخرطوم،اشتملت نصوص الاتفاقيتين علي بنود متشابهة فيما يختص بالعدالة الانتقالية.للوصول لطريق التعافي وطئ صفحة الماضي،نصت الاتفاقية المنشطة علي تكوين ثلاثة اليات للعدالة الانتقالية جات كالاتي:

مفوضية الحقيقة والمصالحة حسب نصوص الاتفاقية ينبغي ان تنشا المفوضية بعد ثلاثة شهور من تكوين الحكومة الانتقالية بموجب تشريع لمخاطبة ارث الصراع وتعزيز المصالحة الوطنية والتعافي،وفقا لتفويض التحقيق في انتهاكات حقوق الانسان والاستخدام السئ للسلطة والقوة من قبل الدولة،والجهات الفاعلة الغير حكومية او وكلائهم او حلفائهم،واختيار وتنفيذ افضل الممارسات لتعزيز المصالحة والحقيقة من افريقيا والعالم بالاضافة الي توثيق الانتهاكات واستقبال طلبات  من الاشخاص الذين يدعون انهم من الضحايا والتعرف علي مرتكبي الانتهاكات وتحديد نوع التعويضات للضحايا وتقديم توصيات لمنع تكرار حدوث الصراعات مرة اخري بعد معرفة اسباب الصراع وتقديم توصيات للاصلاح القانوني والمؤسسي وقيادة الجهود لتسهيل عميلة المصالحة والاشراف علي الاليات التقليدية لحل النزاعات والمصالحة.

المحكمة الهجين تنشأ بواسطة الاتحاد الافريقي للنظر في قضايا الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب بالاضافة الجرائمالمتعلقة بالعنف الجنسي.

هيئة التعويض وجبر الضرر تنشأ من قبل الحكومة الانتقالية بمشاركة ممثلي للاصحاب المصلحة لتقديم الدعم المالي للذين دمرت الحرب ممتلكاتهم وفقدوا وسائل كسب معيشتهم وانشاء ادارة صندوق التعويضات واستقبال طلبات الضحايا من مفوضية الحقيقة والمصالحة.

يجدر بالذكر ان الطرفين الرئيسيين للاتفاق ابديا اعتراضاً عبر مقال في بدايةتنفيذ الاتفاقية المنهارة علي الية المحكمة الهجين وضروة الاكتفاء بالمصالحة فقط مما يثير تساؤلات وشبهات  حول احتمالية لتنفيذ الفصل الخامس المتعلقة بالعدالة الانتقالية في عدم الرغبة الطرافين.

مسارات العدالة الانتقالية

اعطت نصوص الاتفاقية السلام المنشطة الخيار لمفوضية المصالحة والحقيقة حق اختيار افضل الممارسات التي تم تطبيقها في افريقيا والعالم لتطبيبقها في جنوب السودان لتحقيق العدالة الانتقالية.من هذا الحق يجب البحث عن نموذج للعدالة الانتقالية يساهم في بناء الثقة بين المجتمعات.فالمؤسسات والاليات المختصة بالعدالة يجب ان ىكون ملائمة للواقع ولديها القدرة علي الاستجابة لمعطيات ارث النزاع لوضع ممارسات للمصالحة تمكن جنوب السودان من تجاوز مرحلة الاحتقان.هذا يقودنا للتساؤل ايهما الافضل ليصبح نموذجا في الجنوب، مسار تقليدي يستند علي المورث الشعبي للمصالحة او مسار حديث  وفقا للتجارب الحديثة للدول من خلال رسم المسار يمكن ان نحدد الطريقة المنهجية لادراة اجراءت العدالةالانتقالية من طرق جلسات الاستمتاع العمومي الي اشكال رد الاعتبار الادبي للضحايا.

المسار التقليدي

للمجتمعات الافريقية  ارث كبير يختص بادارة فترة مابعد الصراع وبناء الثقة بين المجتمعات المتصارعة للتحقيق المصالحة والانصاف يرتكز على اليات بعد جماعي يهدف لتحقيق الانسجام والاجماع بين  مكونات المجمعتات المتاثرة بالنزاع .(من جمعية تيف في نيجريا ونظام جورتي لدعم الاستقرار في صوماليلاند (شمال الصومال ),وعرف ماتو اوبوت لاقرار السلم بين الاشوالي بشمال يواغندا ,وتطبيق عرف اوبونتو)

ومن اشهر التطبيقات العرفية التي تم استلهامها في ممارسات العدالة الانتقالية في رواندا عرف غاتشاتشا تم الاستعانة به في محاكماتا الابادة الجماعية في  رواند بين الهوتو والتوتسي  (الغاتشاتشا تعني العدالة علي العشب في الواقع اسم غاتشاتشا مشتق من كلمة( اوموغاشا)والتي تشير في اللغة الكينيارواندا المحلية الي نبات ناعم وطري يفضل التجمع والجلوس عليه.وكانت هذه التجمعات تهدف الي استعادة النظام والانسجام وكان الهدف الرئيسي للتسوية استعادة الانسجام الاجتماعي ,والي درجة اقل التوصل الي الحقيقة حول الاحداث ,ومعاقبة المرتكبين ,او حتي التعويض من خلال تقديم الهدايا .رغم ان العناصرالاخيرة جزء من التسوية )لاحقا تطورت الغاتشاتشا لتصبح محكمة للسلطات المحلية تحت اشراف الانيانغاموغايو (القضاة المحليين)في اطار عملية العدالة الانتقالية لدولة رواندا مابعد الابادة الجماعية استخدمت المحكمة الغاتشاتشا جرائم التي ارتكبت خلال الابادة الجماعية مثل تدمير المنازل وسرقة الابقار والادوات المنزلية والاستيلاء علي الاراضي.بينما كانت تحاكم جرائم التعذيب والقتل والاغتصاب وجرائم المخططين للابادة في المحكمة الجنائية الدولية من اجل رواندا في اورشا. وساهمت في تحقيق العدالة الشفافية بمشاركة اعضاء المجتمع.

تتمتع مجتمعات جنوب السودان بتراث شعبي يختص بآليات المصالحة والتعامل في فترة مابعد الصراع وهي تشمل اجراءات العدالة الانتقالية الممارسة مجتمعيا لفترة طويلة  مثل المصالحة والمسالة وقول الحقيقة وجبر الضرر والتعويض .

مع اختلاف الاسباب من الصراع حول ندرة الموراد مثل مساحة الصيد الاراضي الزراعية والرعي وسرقة الماشية بالاضافة الي النزاعات المتعلقة بالزواج.تلعب اليات المصالحة دور كبير (الهدف الاساسي للعدالة تعويض الفقد ورجوع العلاقات الي حالة قبل النزاع واستعادة التوازن الاجتماعي ) وتعتبر ذلك الفلسفة حول دفع التعويضات وهي مختلفةحسب المجتمع  (معظم المجتمعات العرقية مثل الدينكا,النوير,الزاندي ,شلك ,باري,لاتوكا,اشولي ,تبوسا ,انواك بالاضافة الي اخرين تقدم تعويض للفقد الارواح . فالدينكا والنوير ,والشلك ,والتبوسا تدفع الماشية للتعويض بينما الزاندي والباري وانواك يدفعون المال في التعويض .لوتسو تقدم البنات للتعويض.العرف التقليدي للمجتمع الضحية غالبا هو من يحدد سعر التعويض ) يتمحور التعويض في سياق اليات تقليدية للمصالحة والعدالة عند مجتمعات جنوب السودان قضايا الموت والاصابات فقدان المملتكات ومن الاجراءت الاخري للمصالحة عند المجتمعات هى طقس الصلح كالية لحل الخلاف بين الاطراف المتصارعة من امثاله طقس شرب الدم عند مجتمع بلندا فيري تم استخدام هذا العرف للحل صراع  طويل بين البلندا فيري مع قبيلةلوه اباد التي تعرف باسم جور تشاد  حيث حدث (قتال عنيف راح ضحيته الكثيرون من الطرفين ويحدث اثناء رحلات الصيد التي تستغرق اشهر اثناء فترة الصيف ان تهاجم شاد البلندا فيري ويقتلو منهم الكثيرين ويرد الاخر بالمثل .حتي اصبحت رحلات أشبه برحلات الموت والمذبحة والبشرية)ويقوم الصلح تبادل الطرفين شراب لدم الاخر مع التعهد بعدم الاعتداء علي الطرف الاخر وافراد اسرته وعشيرتهوبعد ياتي قسم الصلحومن ثم (ياخذ حبة من الفول السوداني من القرع ويغمزة في الدم النازف من يد خصمه ويبدا في اكلهومضغه )وسط زغاريد النساء وغناء الرجال ويقوم رجل كبير السن يسميابودو المشرف علي الصلح برش المتخاصمين والاخرين  بالماء ايذانا بمرحلة اخوة الدم.

المجتمعات التي تاثرت بالحرب الاخيرة لديها اليات تقليدية متاشبهة للمصالحة (بين الدينكا والنوير العدالة الانتقالية تنطوي علي مفاوضات مفصلة بين الاطراف من خلال الزعماء التقليديين)عبر عديد من الاجراءاتيستفيد القادة الروحيين  مثل بينج بيط عند الدينكا وداك كويث عند النويرمن الاحترام والتقدير الذي يحظون به لايقاف العنف وحل الودي مثلما يحدث عند النوير (يتدخل زعيم القرية المعروف ملك الرمح  من خلال حماية الجاني او القاتل كوسيلة لمنع تصاعد النزاع) بالاضافةلقطع يد الجاني لاخراج الدم واخفاء الجاني حتي لايقتل من اقارب الضحية من ثم دعوة لاطراف المشكلة.بينما يكتفي الزعيم الروحي لدي الدينكا باخفاء الجاني ودعوة الاطراف لحل النزاع.وفقا للمورث فان العدالة تكون كالاتي (عندما تحدث جريمة قتل او قتل جماعي يكون الرد الموضوعي هو جلب القتلة الي العدالة ويتم تنفيذ التعويض عن الخسارة لتطبيع العلاقات الشخصية  يسال أقارب الضحايا عن نوع العدالة هم يريدون علي سبيل المثال هل يريدون تعويضا ام يريدون عقوبة الاعدام؟تحدث عقوبة الاعدام من خلال الانتقام ولايصدر اي رئيس في معظم الحالات حكما بالاعدام وبعبارة اخري فان حكم الاعدام عندمايرفض اقارب الضحية التعويض )تكون اشكال تطبيق العدالة حسب حوجة المجتمع (في معظم الحالات يفضل اهل الضحايا التعويض ويستخدم سعر التعويض  للزواج من امراة تلد الاطفال ) للاستمراية الحياة وتعويض الروح التي فقدت.من اشهر التطبيقات العصرية للاليات المصالحة التقليديةعلي مستوي الصراع والمجتمعي مؤتمر ويلنيت للمصالحة بين الدينكا والنوير للمعالجة (تدمير الوجدان المشترك المتاجنس بين الدينكا والنوير عام 1983-2005الحرب الاهلية السودانية مما جعل الحالة تكون اسيرة المصالح والبقاء السياسي لحكومة الخرطوم والحركة الشعبية للتحرير السودان وفصيل رياك اعتمدوا علي استغلال القبيلتين وتصاعد الصراع الي المستويات السياسية)التي شملت صراع نهب الابقار حادثة انقسام الحركة الشعبية 1991والمآسي التي حدث خلال تلك الفترة.اقيم مؤتمر السلام والمصالحة  في فترة مابين 27فبراير الي 8مارس 1999بمدينة ويلنيت باقليم بحر الغزال بمشاركة كل الفئات من دينكا بحر الغزال ونوير ومن الشباب والادراة الاهلية والنساء ومفوضي المقاطعات وسياسي الحركة الشعبية من مختلف المستويات.حمل مؤتمر وينليت كاداة للمصالحة عديد من الايجابيات مثل المشاركة القاعدية للمجتمعات وتوفير منبر للمصارحة وقول الحقيقة حيث وفر المؤتمر فرصة للطرفين للتعبيرعن احزانهم والماضي المؤلم .وبعد نقاش طويل خرج المؤتمر بالتوصيات جيدة انحصرت في وقف اطلاق دائم بين الدينكا والنوير بالاضافة الي العفو العام عن كل الهجمات ضد  الناس والممتلكات وحرية الحركة والتجارة بين المجتمعات وفقا للاتفاق ينظمها والاعلان عن حدود للمسارات الرعي وممرات لصيد الاسماك عودة العلاقاتهم لشكلها الطبيعي مع رجوع النازحيين لمناطقهم.السلبيات والانتقادات صاحبت المؤتمرتمثلت في (اعتماد العفو رسميا عن الهجمات ضد الناس والممتلكات .مع ذلك غني الممارسات الثقليدية .كان بامكان استخدام طقوس واليات العدالة التصالحية .للمناصرة المصالحة والحماية ضد الافلات من العقاب ) بالاضافة الي قصورها في معالجةالصراعات الناتجة من انقسامات الحركة الشعبية بالتحديد احداث عنف انقسام 1991وعدم حضور دينكا بور باعتبارها طرف اساسي الاحداث واكتفاء فقط بالدينكا بحر الغزال وتجاهل العوامل الهيكلية للوصول للخدمات من الانتقادات التي وجهت الي وينليت (اجراء حل قصير المدي عوضا عن اتفاقية سلام مستدام . بعد عام تجددت الخلافات المستمرة بين الدينكا والنوير حول ندرة الموراد )بالجانب محدوية مدي المؤتمر في اقتصار علي الصراع المجتمعي لم تناول العلاقة بين المجتمعات والدولة وهذه مرتبطة بعيوب ال،اليات التقليدية للعدالة انها ضعيفة في جعل اتفاقياتها ملزمة للدولة.وهذا يشير الي ان العدالة الانتقالية ليست مثالية وخالية من السلبيات فهي ايضا مفتقرة للحساسية تجاة الهوية الجنسية تميل الي تهميش دور المراة في المشاركة.

بالشك اليات التقليدية للعدالة كثير من ايجابيات اكثر من سلبياتها مثل المشاركة الشعبيةالواسعة في الاجراءت وهي مالوفة لدي المجتمعات وممارسة من زمن طويل ومتسقة مع المعايير الثقافية المحلية والبناء الاجتماعي للمجتمعات ونشاطها الاقتصادي بالاضافة تعمل علي خلق اجماع حول قضية النزاع وادراة بشكل افضل وتحتوي جانبين العدالة التصالحية والجزائية بالجانب انها تقوم علي المنهج التحتي للعدالة من الاسفل الي الاعلي تبدا من واحدات الصغيرة للمجتمع للتصل الي اعلي المستويات .

نموذج العدالة الانتقالية في جنوب السودان ينبغي ان يبنى علي استلهام المورث الشعبي الغني لمجتمعات جنوب السودان فى فض النزاع والعدالة التصالحية.

المسار الحديث

مفهوم العدالة الانتقالية هو مفهوم حديث استخدام لوصف عمليةالتحولات التي تحدث في الدول الحديثة من حالة الصراع او الديكتاتورية الي حالة  السلام اوالديمقراطية.لذلك نجد مفهوم أليات العدالة الانتقالية بطبعه حديث لكن تستخدم للتفريق بين تلك الاليات وماهو تقليدي المنشأ.

الاليات الحديثة للعدالة الانتقالية مثل المحاكمة الجنائية للمحاسبة التي تنشأ بغرض التحقيق في الجرائم  مثل محكمة الجنائيات  الدولية والمحكمة الهجين بالاضافة   لجان الحقيقة والمصالحة و جلسات الاستماع للضحايا والجناة، بالجانب  احياء ذكري الضحايا ورد الاعتبارلهم الادبي مثل متاحف للذاكرة.

في سياق البحث عن نموذج الامثل للعدالة الانتقالية في جنوب السودان تطبيق الاليات الحديثة يحتاج للتحليل ودراسة مدي فعالية تلك الاليات للتحقيق اهداف العدالة من الانصاف والتعويض ورد الكرامة للضحايا وطئ صفحة الماضئ المؤلم . المحاكمة الجنائية علي سبيل المثال تمثل اكبر تحدي للعدالة الانتقالية قالقوانين السائدة في جنوب تفتقر الي مواد متعلقة بالفظائع الحرب مثل جرائم الحرب القتل علي اساس العرقو حرق القري جرائم العنف الجسي وغيرها في نفس الوقت توالي الاليات الدولية والاقليمية للمحاكم تلك الجرائم يعني عزل السياق السياسي للجرائم الحرب من الاطار العام للمعالجة المشكلة واعتبارالجناة مجرد مجرمين خارجين عن القانون دون النظر الي المؤسسات السياسية التي انتجت هؤلاء الجناة ووفرت لهم مسوغات ودوافع للارتكاب الجرائم . من ناحية الاخري تشكل الية منابر الجلسات العمومية للاستمتاع للجناة والضحايا واحياء ذكري الضحايا مناسبة تماما للواقع جنوب السودان رد الاعتبار الادبي للضحاياالنزاعات في كل مناطق الجنوب تمثل بلسم شافي للاقارب واهل الضحايا وتخلق ذاكرة جماعية قوية بالماسئ الحرب .

العلاقة القوية بين الاليات الحديثة والدولة تعتبر احدي عوامل القوي للتلك الاليات فالمخرجاتها تعتبر ملزمة للجهاز الدولة مثل تقارير لجان الحقيقة والمصالحة .

من السلبيات تلك الاليات تركيزها علي الافراد في المسؤلية عن اشكال التقاضيوالتعويض وغيرها .في مثال جنوب افريقيا تم تحديد عدد قرابة عشرين الف شخص او يزيذ من المتضرين من نظام الابارتهيد من وقع عليهم اانتهاكات بالشكل مباشر بالرغم ان الاذي التاريخي للنظام التميز العنصري الذي تجاوزفترة طويلة من الزمن وقع علي مجتمعات كاملة تم حرمانها من نصبيها من الثروة والاستفادة من موراد ارضيها مما جعل تعيش في فقر وعدم القدرة علي الحصول للخدمات اجتماعية .

تحديات العدالة الانتقالية

الطريق نحو تطبيق العدالة الانتقالية ليس سهل مفروش بالورد في جنوب السوان بل تواجهة عدة عقبات قد تكون سبب في عدم الوصول للعدالة في حالة عدم معالجتها .

موازين القوة

ترتبط العدالة في اطارها العملي علي طبيعة علاقات القوة والسيطرة علي ارض الواقع لايمكن تناول سير عمل اجرءات العدالة الانتقالية بدون سياق القوة والسلطة المهيمنة في الفضاء  العام وامحتكرة للاستخدام العنف.واقع جنوب السودان ليس استثناءً من تلك القاعدة، خصائص الواقع الجنوبي متسمة بالعسكرة للفضاء العام فالفصائل العسكرية اصبحت مؤسسات سياسية تقوم بمهام الدولة باحتكار العنف المادي وتؤدي المهام الامنية والاقتصادية والسياسية في المناطق المسيطرة عليها سواء الجانب الحكومي او المتمرد.

السؤال الذي يفرض نفسه كيف يمكن تطبيق العدالة الانتقالية في ظل هذا الوضع؟مع العلم بأن قادة تلك الفصائل العسكرية حكومية او معارضة هم المتهمين بارتكاب جرائم خلال فترة الحرب فكيف يُحاكم من يسيطر علي مقاليد الامور في الفترة الانتقالية، وهم الذين يديرون مؤسساتالسلطة الانتقالية.

تجارب تطبيق العدالة الانتقالية في القارة الافريقية  توضح لنا موازين  القوة هو العامل المحدد والاساسي لكيفية تطبيق العدالة النموذج الرواندي علي سبيل المثال كانت النموذج الافضل لعدالة انتقالية كاملة بعد ان انتزعت قوات الجبهة الوطنية الرواندية السلطة عقب توقف اعمال الابادة الجماعية في يوليو 1994فقد كانت التوتسي كضحايا للمجازر تمثل  الحاضنة الاجتماعية للجبهة الوطنية بعد توليها للسلطة، تغيرت معدلات القوة كليا حيث سيطر الضحايا علي السلطة بشكل كامل مما اتاح لهم فرصة محاكمة الجناة من الهوتو.

في النموذج الثاني جنوب افريقيا توصل حكومة الفصل العنصري الي تسوية مع القوة المناهضة متمثلة في المؤتمر الوطني الافريقي تم بموجب ذلك مشاركة الاغلبية السوداء فى السلطة عن طريق المؤتمر الوطني الافريقي واحتفاظ الاقلية البيضاء علي امتيازتها الاقتصادية،اثرت التسوية بشكل مباشر علي مسار العدالة حيث اقتصرت اجراءات العدالة الانتقالية علي برامج للمصالحة الحقيقة مقابل العفو لم يتم محاكمة من ارتكبوا الجرائم ولا اعطاء تعويض لمجتمعات السود للفترات الطويلة من الاضطهاد والظلم الاجتماعي.

سيواجهةجنوب السودان نفس مصير جنوب افريقيا ولن يقدرعلى تطبيق النموذج الرواندي نسبة للتسوية السياسية بين الاطراف العسكرية التي من الصعب محاكمة رموزها المتهمين.هناك عوامل  تساهل في تحقيق العدالة مثل رغبة وقوة حركة الضحايا لمحاكمة المتهمين بالاضافة قوة حملات المجتمع المدني والقوي السياسية والاجسام الاجتماعية تجاة العدالة الكاملة.

ضعف المؤسسات القضائية

ارتباط العدالة الانتقالية بالجانب القضائي  فيما يختص بالجان تقصي الحقائق والمحاكمة الجنائية يتطلب تناول الوضع القانوني للجنوب السودان فالقانون هو تجسيد لديناميات اجتماعية وثقافية وسياسية لايمكن تناول بالمعزل عن ظروف السياسية والاجتماعية للواقع جنوب السودان في ظل هشاشة مؤسسات الدولة وسيطرة النزعة العسكرية علي السلطة السياسية مما ادي الي ضعف في سلطة   المؤسسات القضائية  (النظام العدالي في حالة من الفوضي  يوجد عدد محدود  من محاكم المقاطعات وقلة فرص الحصول علي ا لعدالة.ادي الصراع الي تأكل مؤسساتالدولة الاساسية بما في ذلك اعادة توجية البنية التحتية لسيادة القانون .ونقص في خبرة القضاة والمحامين وموظفي السجون ,العديد من المجتمعات في جنوب السودان  ليست لديها ثقة في اجراءات العدالة) الصورة العامة حول عمل الاجهزة العدلية قاتمة فغياب المساءلة والمراقبة لمنتسبي القوات الامنيةساعد في تفشي ثقافة الافلات من العقاب للانتهاكاتهم المتكررة لحقوق الانسان، مما يعزز من فرضية صعوبة ان يقوم الجهاز القضائي في جنوب السودان بدور في العدالة الانتقالية الجنائية في ظل انعدام حكم القانون.

تلك الوقائع تؤكد استحالة استقلالية  اجراءت العدالة الانتقالية القضائية في جنوب السودان بالمعزل عن نفوذ السياسي للاصحاب القوة العسكرية  الا اذا حدث اصلاح كبير  في الجهاز القضائي ، وللخروج من هذا المازق نصت الاتفاقية علي تكوين محكمة هجين في الجرائم الغير منصوص عليها في قانون جنوب السودان مثل جرائم الحرب والابادة الجماعية،تجارب بلدان العالم الثالث مع العدالة الدولية تشير انها تعاني من عيوب اساسية تصعب من الاعتماد في مسالة تحقيق العدالة للضحايا فهي تستخدم من الدول الاخري ككرت ابتزاز سياسي للحصول علي تنازلات من قبل النظام السياسي المتهم بارتكاب الجرائم بجانب صعوبة محاكمة الذين يجلسون علي كراسي السلطة.

طريق العدالة الانتقالية

افرزت الحرب وضع سئ على مواطنيي جنوب السودان حيث لجأ قرابة 2مليون لدول الجوار، تخلوا عن منازلهم واراضيهم التي كان يعيشون فيها حالة اكتفاء ذاتي، والانتقال الي حياة محصورة في مخيمات للاجئين المزرية، حيث يعتمدون علي المساعدات الغذائية من منظمات الاغاثة الدولية مما ادي الي تغيير في انماطهم حياتهم  ينتظرون اجراءت العدالة من اجل العودة لمناطقهم وحياتهم الطبيعة.

فقد حوالي 383,000شخص حياته خلال الحرب ينتظر اهلهم العدالة لكي تشفي حزنهم علي فراقهم، اختزال العدالة الانتقالية في ملاحقة القضائية لبعض صغار المتهمين واجراءات شكلانية باسم العدالة لن يكون نموذج مقبول للعدالة الانتقالية في جنوب السودان،ولمعالجة التركة الثقيلة للحرب فالعدالة يجب ان تكون لصالح المجتمعات المتضررة من الحرب وتستهدف اصلاح ما افسدته الحرب لكي تفتح مجتمعات جنوب السودان جديدة صفحة من التسامح والتعاون بينهم.

الاستناجات

مشوار العدالة في واقع جنوب السودان ملئي بالتحديات والمخاطر يتطلب النظر جيد للمعطيات للصياغة نموذج فاعل للعدالة يلبي احتاجيات السلام والاستقرارو المساوة بين الجميع للتحقيق ذلك يجب مراعاة الاتي

اعطاة اولوية للوضع حلول للاسباب الصراع قبل القفز للاسئلة العدالة الانتقالية علي مستوي القومي تركز الحلول علي توفير البئية المناسبة  للادارة السلمية للصراع علي السلطة , المساوة في فرص التوظيف والقضاء علي المحسوبية في الخدمة المدنية بينما حلول الصراع علي مستوي الاقليمي تتمحور العدالة في توزيع الثروة وتحقيق تنمية بالجانب تساوي فرص  الحصول علي الموراد الطبيعة  بادارة تنوع النشاطات الاقتصادية للمجتمعات بما يحقق مصلحة الجميع ,وقف عملية نهب اراضي المجتمعات .

ضروة انطلاق حوار مجتمعي بين  كل اصحاب المصلحة القوي السياسية والحركات المسلحة والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية والضحايا للبحث في كيفية خلق نموذج للعدالة الانتقالية في جنوب السودان بما يوفر اجماع حول النموذج ومشاركة الفاعلة للجميع .

الدمج بين الاليات التقليدية والحديثة للعدالة الانتقالية مع  استطحاب الجوانب الايجابية  للكل منهم مما يساعد في خلق نموذج مميز للعدالة يتجنب السلبيات التجارب السابقة للعدالة الانتقالية .

اصلاح المؤسسات القضائية والعدالية  لتكون قادرة علي اداء دورها العدلي في مرحلة العدالة الانتقالية  وضروة احترام السلطات التنفيذية لقراراتها .يعتمد مبدا الانصاف علي قدرة النظام علي الاستجابة النظام القضائي  للتحديات ومتطلبات  العدالة الانتقالية .

المراجع

عربي

-كمال الجزولي العدالة الانتقالية بين الواقع السوداني والتجارب العالمية

-العدالة والمصالحة التقليديتان بعد صراعات عنيفة  التعلم من التجارب الافريقية  المؤسسة الدولية للدايمقراطية والانتخابات

افريقيا السلم والنزاع اعداد ديفيد ج فرانسيس المركز القومي للترجمة

الصلح العرفي ابعادة الدينية الطقوسية والدرامية بلندا فيري ودينكا ريك نموذجا ديرك اويا الفريد مجلة كتابات سودانية.

English

-Transitional Justice for Stabilizing South Sudan: Lessons from Global and Local ContextsNhialTiitmamer

-FINAL REPORT OF THE AFRICAN UNION COMMISSION OF INQUIRY ON SOUTH SUDAN

-Perceptions of Transitional Justice in South SudanFINAL REPORT Intersections of Truth, Justice and Reconciliation in South Sudan Rens Willems & David K. Deng

-Exploring Linkages of Traditional and Formal Mechanism of Justice andReconciliation in South Sudan.Kuyang Logo

-How the AU can promote transitional justice in South Sudan Amanda Lucey and Liezelle Kumalo


مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية المؤلف، وليست راديو تمازج